هكذا الحياة الدنيا، اجتماع ومسرة، ثم افتراق وحسرة، فبينما كُنت أسير مغتبطاً نحو المسجد لأداء صلاة ظهر يوم السبت 18-6-1440ه إذا بأحد أبنائي يُعزيني في زوجة صديقي وحبيبي الأخ الفاضل عبدالله بن حسن بن جريبة ابن العمة منيرة بنت إبراهيم الخريف -أم عبدالله- أخت العمين محمد وعبدالله، فتكدّر خاطري على رحيل تلك المرأة الفاضلة التي نشأت في طاعة الله مُحبة للضعفة والمساكين، مربية البنات والبنين، ومحبوبة في أسرتها وجيرانها، ومتفانية في حُب زوجها، كما أنها على جانب من الثقافة الدينية، وقد حصلت على شهادة المرحلة الابتدائية -آنذاك-، وأُديت صلاة الميت عليها بعد صلاة عصر يوم السبت 18-6-1440ه بجامع البابطين، وقد اكتظ المسجد بجموع غفيرة من المصلين رجالاً ونساءً -داعين المولى لها بالمغفرة- ولمن رحل معها في ذلك اليوم..، ثُم حمل جثمانها الطاهر صوب مقبرة الشمال بالرياض، في جو حزن وأسى، والحزن بادٍ على محيا شقيقها الأستاذ عبدالله ين عبدالعزيز العكاش، وعلى بعلها الأستاذ الصديق عبدالله بن حسن الجريبة، وجميع أبنائها وأحفادها..، ومحبيها، ومما حز في نفسي وأوجع قلبي ما شاهدته من أحد أبنائها البررة الذي لم يتمالك نفسه مُجهشاً بالبكاء وهو يتابع وضع اللبنات على حافة لحد مضجعها موسدةً بثرى ذاك القبر، ولسان حالي في تلك اللحظات الحاسمة المشحونة بالحزن العميق وتَذْراف الدموع..، موجها لهم معنى هذا البيت: كان الله في عون الجميع..، ولك أيها القارئ الكريم أن تتصور حال بناتها، وبنيها وزوجها، عند عودتهم وقد خلى منزلها من شخصها: أو كما قال الآخر: ولنا مع والد أم فهد أجمل الذكريات الشيخ عبدالعزيز بن محمد العكاش -أبو عبدالله- أمير الحملة.. حيث جمعتنا به عددٌ من رحلات الحج ستة أعوام متتاليات، في أوائل الثمانينيات الهجرية، بقيادة الملاح الحاذق صاحب السيارة ذات الغمارتين الأخ العزيز محمد بن عبدالعزيز بن عبدالرزاق -متعه المولى بالصحة التامة- ورحم الله الراحلين، كما لا ننسى ذكرياتنا الجميلة مع زوج أم فهد أثناء دراستنا في المعهد العلمي بالرياض عامي 73-1374ه، وكلية اللغة العربية، كما أنه يتمتع بحيوية ونشاط ثابت الجنان أثناء إلقائه بعض الكلمات في نادي مدرسة حريملاء -آنذاك- كما أنه سعد بتلاوة آي من الذكر الحكيم أمام جلالة الملك سعود -رحمه الله- أثناء تشريفه حريملاء عام 1374ه في جولاته المباركة، وقد عمل أبو فهد في وزارة الدفاع مدة طويلة بكل جد ونشاط حتى تقاعد حميدةً أيامه ولياليه، مع اعتنائه بتربية أبنائه وبناته تربية صالحة، -تغمد الله الفقيدة بواسع رحمته وألهم شقيقها عبدالله وشقيقتها أم خالد، وزجها وأبناءها وبناتها ومحبيها الصبر والسلوان-. ** **