وضع نعوم تشاومسكي أستاذ اللسانيات والفيلسوف الأمريكي إصره في معاداة السياسة الأمريكية وتحديداً الخارجية منها في جل كتبه السياسية وغيرها بل جعل صناعة الإرهاب أمريكية بامتياز وخصوصاً في الحقبة (الريغانية)- ويقصد به الرئيس الأمريكي ريغان الذي خلف جيمي كارتر سنة 1980م - إبان الحملة الانقلابية الأمريكية في أمريكا الوسطى وذلك بغية تغيّر الولاءات السابقة تجاه واشنطن ويظهر ذلك في كتابه (ثقافة الإرهاب) وهو يهودي أمريكي ولكنه من أصحاب الحمائم وليس الصقور كما يبدو لأن هناك يهود وهناك صهاينة وإن يكن ذلك فقلما تجد يهودي يحمل بذرة الخير ويتهم بلده بعيداً عن الطائفية ولو أني أرى أن المسألة لا تعدو أن تكون شَرك سياسي كالعادة وأطروحات يدغدغ بها مشاعر المغلوب على أمرهم فهو قريب من طائفة صنّاع القرار وبالتالي تكون الحماية مضمونة حتى إذا وصل ذروة الصراخ نكص على عقبيه وأن الأمر لا يعدو أن يكون مناورة تفتخر بها إسرائيل وأن هناك منها ما هو خيّر وليس كما يدعي الآخرون أن جميعها شر محض ولنا في ذلك شواهد عديدة من فلاسفة وعلماء كانوا بالأمس في أرقى أذواقهم الأخلاقية حين حاربوا القومية والطائفية حتى خلناهم أنموذجاً جميلاً يحتذى به للحياة ثم بدا لنا فيما بعد أنهم أشد نكالاً ممن أدعى ذلك ، وإنما كانوا جسوراً ممتدة لخلق أجواء من العاطفة للوصول إلى غايات بعيدة ومصالح ذاتية يعبر عنها قبل الموت، فأستاذ اللسانيات والاقتصاد والسياسة حارب بقوة الصهيونيّة والعنف والدكتاتورية الأمريكية كسياسة خارجية تفرض الولاءات بالإرهاب والقوة من خلال مسيرته الطويلة وهو يجنح أحياناً إلى الماركسية والأناركية ( أي الحركات اللا سلطوية ) ليس كبديل عن الرأسمالية وإنما تكون أحياناً كحل يستعان به أثناء فشل الأول وفي كتابه (العالم إلى أين؟) يقف كالحيران أمام الحركات والاتجاهات العالمية وكأنه لا يدري أين يتوجه حين يشخصها تشخيص الطبيب وماذا عليه أن يقول حتى يعطي إشارات الأمل للمستقبل وكلقاء صحفي فهو يتحدث فيه عن الانتخابات الأمريكية وإفرازها للرئيس ترامب كمعضلة حقيقية للولايات المتحدة ونقد للديانات حتى اليهودية وقد عنى المتطرف منها ولكنها آراء في الوضع المتأزم الحالي إثر حروب الشرق الأوسط في المنطقة العربية ممزوجة بحوادث سابقة تاريخية وإجابات عامة بعضها غير دقيق وليست محددة ومع ذلك فهو ينتقد ما هو خطأ أياً كان انتماؤه وهذه لغة حنة عندما يراد قول الحقيقة وإن كان تشاومسكي يدين بالإلحاد ظاهرياً وهو ينتقد الإيمان غير العقلاني ويعده كظاهرة خطيرة بحيث يحاول تجنبه وهذا تناقض في الإيمان عنده حينما يكون خاوياً منه ولا أدري قد يكون ذلك مهما كان ما وراء الأكمة ما وراءها وقد لا يكون ذلك! ** **