علم الاجتماع من العلوم الإنسانية الحديثة التي تشكل المرتكز الأهم للدراسات الاجتماعية وأكثرها جذباً للناس، ولكنه ليس أسهلها ولا أبسطها في الدراسة؛ وذلك لأن العلاقات الإنسانية التي تمثل موضوع هذا العلم الحيوي يمكن أن تكون معقدة أشد التعقيد. كما يزيد من صعوبة هذه الدراسة ويعوقها أن أهم جوانب العلاقات الإنسانية ليس واضحًا للعيان، وليس ظاهرًا، بالإضافة إلى أن بعض جوانبها لا يمكن ملاحظته ملاحظة مباشرة؛ وهنا تكمن درجة الصعوبة والغموض. ولقد اهتم عدد كبير من المفكرين والباحثين في الشرق والغرب بالدعوة إلى إثراء هذا العلم الأصيل، واستخدام مناهجه العلمية في دراسة المجتمع وظواهره، واكتشاف قوانين النظام الاجتماعي الذي يحافظ على استقرار المجتمع وضبط توازنه. وقد أسهم كثير من المفكرين والمنظرين والعلماء في إثراء هذا الميدان العلمي الخصيب، وإشباع اتجاهاته السوسيولوجية. ومن أهم المنظرين في علم الاجتماع السعودي الأستاذة الدكتورة غادة بنت عبد الرحمن الطريف عضو هيئة التدريس بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، التي تعد أول أكاديمية سعودية تتخصص في (علم الاجتماع الجنائي)، وممن أثرت مكتبة علم الاجتماع العربية وتراثها الأصيل بحثاً وعلماً وإنتاجاً غزيراً في المجالات الاجتماعية والأسرية والأمنية. ولدت البروفيسورة (غادة الطرّيف) في منطقة القصيم، ونالت شهادة البكالوريوس من قسم الدراسات الاجتماعية (تخصص علم اجتماع) من جامعة الملك سعود، ثم حصلت على درجة الماجستير بالتخصص ذاته من الجامعة الأم.. وواصلت رحلة نهل العلم والمعرفة من معين الجامعة الرائدة؛ فنالت شهادة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في تخصص حيوي ودقيق (علم الاجتماع الجنائي). هذا العلم الديناميكي الذي يدرس ظاهرة الإجرام التي تبحث في الأسباب ذات الصبغة الاجتماعية المسببة للجريمة، وكذلك دراسة سلوك انحراف الأحداث والجريمة بأنواعها وتعدد أسبابها وعواملها وتغيراتها، وعلاقتها بالمجتمع من ناحية كونها ظاهرة اجتماعية، وكيفية الوقاية منها. وبعد نيلها شهادة الدكتوراه عملت (د. غادة) أستاذًا مساعدًا بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بكلية الخدمة الاجتماعية؛ وبالتالي أصبحت أول أكاديمية سعودية متخصصة في علم الاجتماع الجنائي، وكانت اهتماماتها البحثية تنطلق من دراسة الجريمة والانحراف الاجتماعي، والدراسات الحضرية والإقليمية والعمل الخيري والعمل التطوعي، والتوعية الصحية، وتمكين المرأة، ودراسة الفقر، والمشاريع المصغرة والأسرة المنتجة، والطفولة والشباب، والمشكلات الاجتماعية؛ ولذلك كانت معظم أبحاثها العلمية وأطروحاتها السوسيولوجية تدور في فلك هذه الاتجاهات السلوكية والاجتماعية والأسرية والتنموية والثقافة المجتمعية. أما في اتجاه الخبرات العلمية والعملية فقد تقلدت د. غادة الطرّيف العديد من المناصب الإدارية بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن؛ إذ رُشحت وكيلة الدراسات العليا للتطوير والجودة، ووكيلة قسم التخطيط الاجتماعي، كما شاركت في العديد من اللجان العلمية، منها عضو لجنة الدراسات العليا بالجامعة منذ عام 1433ه، ثم عضو لجنة دراسة مشروع الخطة الاستراتيجية لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن عام 1434ه، وعضو لجنة المؤتمر العلمي لطلاب وطالبات التعليم العالي للعام 1434ه، وعضو لجنة الإشراف على المبتعثات لعام 1433ه، وعضو في اللجنة النسائية المنظمة لفعاليات الجنادرية لعام 1424ه، وعضو في الجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية منذ عام 1422ه، وعضو بلجنة العمل التطوعي بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن للعام الجامعي 2009م، وعضو لجنة التنمية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية - قطاع التنمية منذ عام 2010م. كما شاركت في لجنة تحكيم البحوث العلمية مع جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عام 2008م (متعاونة)، وكذلك شاركت في لجنة تحكيم البحوث العلمية مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية عام 2008م (متعاونة)، وشاركت في لجنة تحكيم البحوث العلمية بمركز الأمان الأسري بوزارة الحرس الوطني عام 2009 (متعاونة). كما حضرت الخبيرة في (الاجتماع الجنائي) العديد من الندوات والمؤتمرات وورش العمل في المجالات الاجتماعية والأمنية والأسرية والصحية والنفسية. وعندما نتجه لبوصلة إنتاجها البحثي في السنوات التي قضتها البروفيسورة غادة الطرّيف في رحاب الصروح الأكاديمية فقد كانت عامرة بالمنجزات العلمية والمعطيات الثرية في مجال الأبحاث والتأليف، منها: - دراسة بحثية بعنوان (أثر العوامل التنموية على نمو معدل جرائم سرقة الأحداث في المجتمع السعودي) - مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية - المنح السنوية للعلوم الإنسانية 1427ه. - دراسة بحثية بعنوان: (الخوف من جرائم الجوال)، دراسة ميدانية على عينة من طالبات كليات البنات بالرياض - بحث مقدَّم للمشاركة بندوة المجتمع والأمن (الجرائم الإلكترونية) الملامح والأبعاد بمركز البحوث والدراسات بكلية الملك فهد الأمنية بالرياض عام 1428ه، وغيرها من الدراسات والأبحاث المنشورة في المجالات الأمنية والاجتماعية والأسرية التي تزيد على 25 بحثاً علمياً رصيناً. أما في مجال التأليف، هذا العالم الجميل الذي يصافح العقول على أرفف المكتبات التراثية، فقد أثرت مكتبة علم الاجتماع العربية وتراثها الأصيل بالعديد من الكتب، منها: - كتاب بعنوان: (جرائم المسنين بين النظرية والتطبيق) - جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عام 2007م. - كتاب فعالية المشاريع الصغيرة للأسر المنتجة، وزارة الشؤون الاجتماعية عام 2011م. - كتاب مقدمة في علم الاجتماع عام 2014م. - كتاب جرائم العنف لأحداث الجانحين عام 2014م. - كتاب علم الاجتماع الاقتصادي عام 2016م. - كتاب الإرشاد الأسري للمقبلين على الزواج - المشاركة في فصل في الكتاب. - كتاب مناهج البحث العلمي.. نماذج وتطبيقات عام 2018م. - كتاب علم اجتماع الجريمة والانحراف عام 2019م. - كتاب الخدمة الاجتماعية في مجال الجريمة والإصلاح عام 2019م. - كتاب الابتكار الاجتماعي عام 2019م. وأمام هذه المنجزات العلمية والمعطيات البحثية للدكتورة غادة الطرّيف صدر قرار المجلس العلمي بالجامعة بالمصادقة على توصية المجلس العلمي بترقيتها إلى الدرجة الأستاذية؛ وذلك تقديراً لعطائها العلمي الرصين، وإنتاجها البحثي الأصيل، وهي أعلى درجة علمية وظيفية في الجامعة؛ وبالتالي نالت مفخرة الوطن (غادة الطرّيف) قصب السبق بوصفها أول أكاديمية سعودية تتخصص في علم الاجتماع الجنائي أو الجريمة، وهو أحد التخصصات الحيوية التي تنسجم مع رؤية مملكتنا الغالية 2030، التي من أهدافها مكافحة أساليب الجريمة، وإيجاد مجتمع يتمتع بصحة أمنية سويّة. ** ** * باحث أكاديمي متخصص