اختلف عني بكل أنواع الاختلافات في هذا الكون اختلف عنّي بالشكل، باللون، بالهيئة، بالجوهر والمظهر، بالفكرة والمعنى (فلن أُعاديك). خلقنا الله باختلافاتنا حتى تسير عمارة الأرض بشكلٍ مُتّزن فلا اتّزان في التوافق التامّ. تخيّل قليلاً معي لو أننا نسخة طبق الأصل من بعضنا! كيف ستستقيم هذه الحياة؟ كيف ستنجح الأمور الدنيوية؟ هل سنكون جميعنا في سِلم أم جميعنا سنكون في حرب؟ هل سنختار الاتفاق على واحدٍ منهم لنتوه مدى الحياة؟ كيف سيختبرنا الله لو أننا اتفقنا على أن نتفق! نسمع كثيرًا مقولة «لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع» وهذه حقيقة تختصر معنى الاختلاف جُلّه تعطي تصوّرًا عن فساد الأرض لو لم نختلف، فلا تظنّ أن الاتفاق يُعد من سُلالة الخير! الاختلاف سُنّة هذا الكون فيه أُحدِث الليل والنهار، الصيف والشتاء، الذكر والأنثى وقِس على ذلك ما شئت. قال الشاعر أنيس شوشان واصفًا ما ذكرتهُ عن الاختلاف قائلا: «يابن آدم خالفني واختلف عنّي يهوديًا، مسيحيًا أو مسلمًا شيعيًا كنتَ أم سنيًا أو حتى إن كنت دون معتقد، أبيض كنتَ أم أسوَد، فقط كُن أنتَ ولا تكن هُم. دع ذاتكَ تسمو وعانق عُمق الحلم. يابن آدم خلقكَ الله مختلف فبربّكَ باختلافكَ اعترف وفي تفرّدكَ احترف، كن خليفة الله على الأرض، باختلافكَ عِش حُرًا يابن آدم فهذه الأرض للجميع»* اختلف لا تشبه تكرار الآخرين. اصنع من داخلك شخصًا آخر، جازف وتحدّى، اختلق وفكّر وتذكّر قول الجبّار خالق الاختلاف: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) اجعل لك نافذة تطلّ على العوالم الأخرى وابنِ لك فيها آمالاً لا يهدمها الاختلاف ولا يجعلها في العدم.. لا تشغلك الصحوة «النائمة» ولا الفكرة النائية ولا الشخصيات النابية فجميعهم «بلا تعميم»! دمّرهم الخلاف على الاختلاف وتناسوا بأنّهم كانوا يرددون على مسامع الضعفاء «الاختلاف لا يفسد للودّ قضية» وهم الفساد بعينه بلا ودٍّ يُذكر. اختلف عنّي ولا تخالفني. لا تصبح شخصًا طبق الأصل منّي. ** ** - شهد النجيم