فتحت المملكة أبوابها لجماهير العالم؛ وللمرة الأولى في تاريخها؛ لحضور سباق «الفورمولا إي» في الدرعية؛ العاصمة التاريخية للبلاد. حدث رياضي عالمي سيعزز من موقع المملكة على روزنامة المنافسات الرياضية العالمية، وسيسهم في بناء جسور التواصل مع العالم الخارجي، ويعيد رسم صورتها الخارجية على أسس معرفية واقعية، ويؤسس لشراكة حقيقية مع منظمي المنافسات الدولية تُبنى على الثقة ومقومات النجاح وفي مقدمها؛ البنية التحتية الحاضنة، و الكفاءات الوطنية، إضافة إلى الحشد الجماهيري المعزز لنجاحات المنافسات الرياضية الدولية بشكل عام. تسعى القيادة لتعزيز مكانة المملكة عالميا في المنافسات الرياضية، و المرتبطة منها بالتقنية والابتكار العلمي على وجه الخصوص، والقادرة على بناء المستقبل وتحفيز قدرات الشباب العلمية؛ وهو جزء من رؤية 2030 الإستراتيجية، والرغبة في إعادة هيكلة المفهوم الرياضي والترفيهي وفق متطلبات الصناعة، القادرة على خلق اقتصاد رياضي يسهم بعد اكتمال منظومته؛ في رفد الناتج المحلي الإجمالي؛ وإرساء قواعد الرياضة والترفيه الدولية المعززة للاستدامة والعوائد المالية المجزية ونشر الوعي والثقافة وبناء الشخصية . قد تتحمل الحكومة الكثير من نفقات الأنشطة الرياضية الوليدة، والمنافسات الدولية في مرحلة البناء وعقد الشراكات الأولى، غير أنها ستجني ثمرة إنفاقها التأسيسي مستقبلا؛ حيث تعد صناعة الرياضة من أهم الصناعات المدرة للعوائد المالية والمحققة للأهداف الإستراتيجية والأمنية. بالإضافة إلى حاجة المملكة لاحتضان المنافسات الرياضية العالمية، تلبية لحاجة الشباب وتحفيزا لهم على الاستفادة منها في تنمية قدراتهم، فإنها أكثر حاجة لتغيير الصورة النمطية المشوهه عنها لدى شعوب العالم؛ وأحسب أن المنافسات الرياضية العالمية التي تستقطب الجماهير وتحظى بالتغطيات الإعلامية المكثفة من أهم أدواتها الفاعلة. يمكن النظر للبطولات العالمية كأداة من أدوات الدبلوماسية الناعمة، وتسويق المملكة عالميا، وإيصال رسائل موجهة بطرق حضارية تتقبلها الشعوب بسهولة. الربط بين سباق الفورمولا أي، والدرعية من الخطوات المهمة الداعة للبعد الثقافي محليا ودوليا، ومن محفزاتها اعتماد «اليونسكو» لها. كل إضافة لمواقع المملكة الثقافية والتاريخية؛ على قائمة اليونيسكو يعني اهتماما أكثر بها، وتعزيزا لمكانتها الثقافية العالمية وهو ما نحتاجه بشكل مُلِّح. الأكيد أن استضافة المملكة ل «الفورمولا أي» يشكل نقلة نوعية للرياضة السعودية والإهتمام بالطاقة النظيفة من خلال تنظيم سباقات سيارات تعتمد في طاقتها على المحركات الكهربائية الصديقة للبيئة؛ غير أن فتح باب حضور الجماهير من كل أنحاء العالم وإطلاق منصّة إلكترونيّة للسياح الرياضيين من خارج المملكة من المكاسب الكبرى التي ستفتح الباب أمام الكثير من المناشط السياحية التي كانت في أمس الحاجة لتشريع «التأشيرات السياحية» وستزيل المعوقات الكبرى التي حالت دون بناء الشراكات الثقافية والفكرية مع شعوب العالم. تحديث التشريعات، والأنظمة جزء مهم من التحول الوطني وإعادة رسم الثقافة والهوية السعودية الوسطية؛ وتغيير الصورة النمطية المشوهة لدى شعوب العالم.