تحتفل المملكة العربية السعودية هذه الأيام بالذكرى الرابعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي تولى مقاليد الحكم في البلاد في الثالث من ربيع الثاني لعام 1436ه، وتحل هذه الذكرى الغالية على الوطن ومواطنوه وسط استقرار سياسي واقتصادي يرفل به هذا البلد الكريم، وسط عالم يموج بمتغيرات وظروف ومعطيات مختلفة، وتحل ذكرى البيعة الرابعة والوطن الغالي بقيادته الرشيدة يزهو بفخر، ويواصل النمو بحب، وينشر الفرح ويزرع البهجة ويبث الدفء في قلوب مواطنيه وساكنيه وقاصديه، ويرفل من خير إلى خير في خير.. يمتد في علو حتى عانق عنان السماء، ويمتد في عشق حتى لازم شغاف القلب، ويمتد في ولاء تجدده المواقف والأحداث، ويمتد في انتماء يصلح أن يكون قصة لا تتكرر على غير هذه الأرض ترويها الأجيال للأجيال، وترويها محبة المواطن لمليكه وقيادته ومكونات وطنه. تأتي ذكرى البيعة المباركة والوطن يخطو حثيثاً نحو تحقيق متطلبات رؤيته الطموحة 2030 التي لم تنس الشأن الرياضي والترفيهي من أجندتها بل عملت على تحقيق كل ما يحفز شباب الوطن ورياضييه وتعزيز مكاسبه. وتمر هذه الذكرى هذا العام وقد مرت على أبنائه الرياضيين أشهر من الإنجاز والعمل والمنافسات.. الأخضر شارك في المونديال مع نخبة المنتخبات... والإنجازات تلحق الإنجازات... بطولات تتوالى في المملكة.. والأخضر الشاب يتوج مشواره بالوصول إلى كأس العالم والفوز ببطولة آسيا... وأبطال العالم يصلون فرادى وجماعات للمشاركة في منافسات مختلفة وألعاب مختلفة، وقد كان حضورهم مجرد حلم يداعب أحلام شباب الوطن. تأتي هذه الذكرى وقد زال عن الرياضة صداع أرقها وهم لاحقها وهو هم الديون المتراكمة التي وجدت الحل وأصبحت شيئاً من الماضي بمكرمة تاريخية وتوجيه كريم عرف الجرح فصب عليه الدواء صباً. تأتي والناس في هذا الوطن يتابعون الدوري المليء بنجوم كرة القدم الذين جاءوا من كل أرض لتقديم فنونهم في ملاعب الوطن... بقي عامان فقط على الوصول إلى موعد برنامج التحول الوطني (2020م) وسيكون هناك - بإذن الله - أكثر من (450) نادي هواة مسجلاً، يقدِّم أنشطة ثقافية متنوعة وفعاليات ترفيهية وفق منهجية منظمة وعمل احترافي، وزيادة نسبة ممارسي الرياضة مرة على الأقل أسبوعيًّا من 13 في المئة إلى 40 في المئة. ذكرى البيعة المباركة للملك الغالي ذكرى غالية يعيد فيها الجميع قراءة سيرة الملك المفدى وما قدمه لوطنه من أعمال وإنجازات سواء في فترة حكمه السديد، أو في المناصب الأخرى التي خدم فيها الوطن وأفنى عمره -حفظه الله- في العمل من أجله والمساهمة في بنائه لبنة لبنة، حتى أصبح في طليعة بلاد العالم ومقصد الكثير من الناس من مشارق الأرض ومغاربها. في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز بدأ العمل برؤية 2030.. والتي لم تغفل الجانب الرياضي من أجندتها حيث تضمنت أن «من التزاماتنا أن نكون داعمًا لوسائل ترفيه هادفة للمواطنين.. سنقوم بزيادة الأنشطة الثقافية والترفيهية وتنويعها للإسهام في استثمار مواهب المواطنين، وسنطور الأنظمة واللوائح بما يساعد على التوسع في إنشاء أندية الهواة والأندية الاجتماعية والثقافية وتسجيلها رسميًّا، وسنطلق البرنامج الوطني (داعم) الذي سيعمل على تحسين جودة الأنشطة الرياضية والثقافية، ويوفر الدعم المالي اللازم لها، وينشئ شبكات وطنية، تضم النوادي كافة بما يساعد في نقل الخبرات وأفضل الممارسات الدولية لهذه الأندية، وزيادة الوعي بأهميتها». هذه اللمحات والأرقام تعكس كيف يفكر المخططون لمستقبل شباب البلد ورياضته، وتؤكد أن التخطيط للمستقبل لا ينفك عن العمل للحاضر، وأنهما يسيران بخطين متوازيين لتحقيق أهداف مشتركة قصيرة وبعيدة المدى دون تداخل أو تصادم أو تضاد أو تأثير خط على آخر. إن التخطيط لتطوير الرياضة السعودية من خلال برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030 بدأ مبكرًا، وظهر من خلال خطوات عدة، وضعت السطور الأولى لتطوير الرياضة، وتقديمها بشكل مختلف، ونحن تستذكره في هذه الذكرى الغالية من أجل أن نقول للمواطن والمقيم كيف تعمل القيادة من أجل المستقبل، وكيف ترسم له، حتى تكون جاهزة دون عقبات في مقبل الأعوام، وحتى تكون قادرة على مواجهة أي تحديات تواجه المخططين والمنفذين في عالم يموج بالتحديات والمتغيرات التي لا يمكن أن يتصدى لها إلا من بدأ مبكراً وخطط لمستقبله في وقت مناسب. لقد صدرت سلسلة من القرارات العليا التي هدفت القيادة -يحفظها الله- من خلالها إلى إصلاح القطاع الرياضي، وضخ المزيد من الدماء في أوردته، والسعي به إلى آفاق أوسع، تنقله من دائرته المالية الضيقة، وندرة موارده، وعدم قدرته على مواجهة المصاريف، فضلاً عن ترشيدها، إلى محل استثمار واسع، يضمن تدفق الإيرادات بشكل منتظم، ويمنح رجال المال فرصة تقديم ما لديهم من أفكار تطويرية واقتصادية، ويتوج جهود الدولة الساعية إلى جعل الرياضة أحد الموارد المالية الجيدة، بدلاً من كونها تستنزف المال على الدوام. في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - صدرت سلسلة من القرارات التي تؤكد أن المشرع يخطط بهدوء لنقلة تكون حديث الناس، وتصنع اختلافًا، يلاحظه الجميع، ويؤطر لمستقبل يزهو به الجميع، وضمن ذلك: - تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى هيئة عامة للرياضة. - إعادة هيكلة القطاع الرياضي وصندوق تنمية الرياضة حيث أعلن مجلس الشؤون الاقتصادية في الثالث عشر من نوفمبر 2016 (13 صفر 1438) ضمن مناقشته موضوع إعادة هيكلة القطاع الرياضي وتطويره وتنميته، بما يخدم تنافسية الرياضة في المملكة على كل الأصعدة، وفي حينه وجَّه المجلس الهيئة العامة للرياضة والجهات المعنية الأخرى باتخاذ ما يلزم لإنشاء صندوق تنمية الرياضة. - تخصيص الأندية القرار التاريخي وهو ما يعد تتويج القرارات المتلاحقة لدعم النشاط الرياضي وتحريك مياهه الراكدة ذات العلاقة بالمال والاقتصاد، ومده بمفاصل جديدة، تعينه على التحرك بديناميكية أكثر، وتمنح أهل الرياضة المجال لمصافحة أهل الاقتصاد، وتقديم عمل يخدم الوطن وأهله، كان بقرار مجلس الوزراء التاريخي الذي صدر في الحادي والعشرين من نوفمبر 2016 الماضي (21 صفر 1438)، الذي أعلنت فيه الموافقة على تخصيص الأندية الرياضية التي تشارك في بطولة الدوري السعودي لأندية الدرجة الممتازة لكرة القدم (دوري المحترفين)، وتحويل الأندية الرياضية، إلى شركات بالتزامن مع بيعها. وتتولى الهيئة العامة للرياضة منح هذه الشركات تراخيص وفق شروط تضعها لذلك. في هذا العهد الزاهر تم على سبيل المثال توقيع ثلاث اتفاقيات لاستضافة نهائيات العالم للسيارات والدرون وكذلك بطولة كأس الملك سلمان للشطرنج، وتوقيع اتفاقية مع نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي لتطوير صناعة كرة القدم في المملكة، وافتتاح مركز التحكيم الرياضي السعودي، كما صدر قرار السماح للعائلات بدخول الملاعب لأول مرة في المملكة. كما تم توقيع اتفاقية رعاية وتسويق كرة القدم السعودية مع STC بقيمة 6 مليارات و600 مليون ريال لمدة 10 سنوات، وصدور توجيه باستحداث بطولة الملك عبد العزيز الدولية للخيل في المملكة،كما تم إطلاق مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين للهجن في الرياض ومسابقة كأس ولي العهد في الطائف، وإطلاق بطولة كأس الهيئة العامة للرياضة للرياضات الإلكترونية وبطولة المملكة للبلوت، وتوقيع اتفاقية لإنشاء ثلاث صالات للبولينج والبلياردو في الرياضوجدة والدمام، وساحة خاصة برياضة السيارات، والإعلان عن إطلاق بطولة الملك سلمان الدولية لكرة اليد بمشاركة عدد من المنتخبات العالمية، وبمجموع جوائز يزيد على 5 ملايين ريال، واتفاقية مع WWE لإقامة منافسات المصارعة بشكل حصري في المملكة لمدة 10 سنوات. تلك القرارات وما لحقها تباعا خلال الموسم الماضي قوبلت بارتياح لدى الشارع الرياضي الذي تشكلت لديه قناعة راسخة بأن رياضة وطنه في أمان وأنها تسير كما خطط لها وكما يريد القائمون عليها من نجاح إلى نجاح، وأن حضورها سيتواصل وإنجازاتها ستتلاحق، وأنها مثل هذا الوطن الشامخ لا حدود لخططها وأحلامها ولا سقف لآمالها وطموحاتها. إن القطاع الرياضي بكافة منسوبيه ومتابعيه يثمنون لخادم الحرمين الشريفين هذا الاهتمام الكبير بالرياضة السعودية، وينوهون بما تحقق في عهده الزاهر من إنجازات وقرارات وتوجيهات كان لها ثمارها اليانعة ودورها في تطوير الرياضة رفع شأنها. حفظ الله خادم الحرمين وولي عهده الأمين وأدام الله على وطننا أمنه وأمنه وإنجازاته ووحضوره المميز.