في حديقتي زاحمت أفكاري شجرة رمان صغيرة أزهرت العام الماضي بعد غرسها بعامين بزهرة وحيدة ذبلت وسقطت قبل أن تتحول لثمرة نفرح بها. قادتني هذه الشجرة لتفكير كما كتبت سابقاً على هذه الصفحات عن (غربة التوت) ولكن هذه المرة عن كيفية التعايش والبقاء في مكان مختلف، ولكن (رمانتنا) ليست مثل (توتتنا) فهي ليست غريبة ولا جديدة على محيط بلادنا ولكنها لم تحب الأرض التي تعطيها حتى تتأقلم وتكافح مثلما فعلت شجرة التوت. هذه الرمانة لم تفكر بأن تعطي ولكنها وقفت متماسكة على أرض لم تحبها تخضر عندما يلامسها ندى الربيع وتذبل عندما يحتضنها الخريف وتنتفض من البرد فقداً لأوراقها. رمانتي.. تمثل التعايش في تمام صورة وهناك فرق بين التعايش والعيش فأنت في الأولى تحاول بشتى الوسائل أن تتعرف وتفهم كل ما حولك لتستطيع أن تضع قدمك بينهم حتى وإن لم تؤمن بهم ولكنك تلتزم الحياد بلا ضجيج، وفي العيش تجد نفسك في مكان وهبته لك الدنيا والأقدار كما في رحم أمك، تصل إلى كل زاوية فيه وبفاعلية لأنك وبكل بساطة قادر على فهم ما هو والعيش معه. رمانتي قدمت لي ملخصاً سريعاً للحياة وكيف أننا نستطيع أن نكون بين من لا نرغب به ولكننا في النهاية نحن المتحكمين بما نقدم متى ما وجدنا أن كل ما حولنا مناسب للعطاء كما في شجرة التوت التي على الرغم من كل شيء بسطت كفيها بتوت لذيذ كأنها لم تغترب! رمانة.. في قلبها حبيبات حب تكفي كل من حولها متى ما علمت أنهم يستحقون! ** **