يقال إن الخطاب يُعرف من عنوانه، وهذا ما يشاهد في كثير من منازل الفنانين، خصوصا في دول الغرب بما يضفيه كثير من الفنانين على مساكنهم أو مكاتبهم أو مراسمهم. ومنها ما ظهر وكشف لنا وجود فنانة في مدينة كلامازو الذي يقع في حي تحيط به غابات كثيفة وبحيرات. كانت الفنانة (شيرلي كانتوف) البالغة من العمر ثمانين عاما حريصة على أن يكون منزلها محاطا بالزهور والنباتات وبعض القطع الفنية، وهو ما يعد مؤشرا على أن من يسكن ذلك المنزل فنانة أو فنان، ما دفعنا من الاقتراب أكثر عند مشاهدتنا لها وهي ترتب تلك الزهور وتعتني بها، فكان السؤال المفتاح عن هذا الاهتمام لتجيب بأنها تعشق الحياة وتمارس فنون الرسم وتهتم بزيارة المتاحف والمعارض باستمرار. الصفحة في ضيافة الفنانة شيرلي رغم الاتيكيت الذي يظهر على أسلوب التعامل في حياة الغربيين وبشكل خاص عند الأمريكان، وكما يُعرّف بآداب التعامل الاجتماعي، بشكل محبب مهما مزج بالمجاملة، كما نراه في إلقاء التحية من المارة على بعضهم البعض من سكان الحي أو المجمع وحتى على الغريب أسلوب اتصفت به الفنانة شيرلي التي استقبلتنا في منزلها بأريحية وبساطة، وكأنها تعرفنا من قبل. كان منزلها عبارة عن متحف مصغر وزعت اللوحات فيه بشكل جميل حسب المقاس والمكان، مما يعني احتفاظها بالعدد الكبير من إبداعها فلم يكن هناك مساحة في ذلك المنزل إلا وبه لوحة شملت الدور الأرضي والأول حتى السلم لم يخل منها، كما لفت نظري مكتبها ومكتبتها رغم صغر المساحة فقد كان جميلا باحتوائه صور العائلة وبعض اللوحات. حوار تحول إلى حديث شامل كان الحوار بعيدا عن المعتاد في طرح الأسئلة فكان عبارة عن حديث مفتوح قالت فيه إنها اكتشفت موهبتها في عمر الحادية عشرة، ثم تطور الأمر إلى حبها للصور الموجودة في المجلات، ثم بدأت ارسم صور الأطفال في عائلتها، ومن هنا اتخذت القرار لامتهان الفن حيث تواصل الفنانة شيريلي حديثها وهي في سعادة كونها تستعيد ذكرياتها التي مر عليها أكثر من سبعين عاما، انشغلت فيه بالحياة الزوجية والفن منها أنها قبلت في المعهد الفني في شيكاغو لدراسة الفن وأمضت فيه ثلاث سنوات، لكن ظروفها العائلية لم تتح لها الفرصة لإنهاء الدراسة في المعهد، لكنها تؤكد أن السنوات الثلاث في المعهد كفيلة لاستيعاب الكثير من المعرفة النظرية والعملية. بعد ذلك وكما تقول واصلت ممارستها للرسم فشاركت في معارض عدة من بينها معرض في مدينة شيكاغو ومعرض في جامعة ستانفورد، ولكن أهم وأجمل معرض شاركت فيه كان في مكان يدعى (Mc CORMIC PLACE)، وكان هذا المعرض مقاماً على امتداد بحيرة متشيغان وقد حضره العديد من الفنانين المحترفين وكانت وقتها في الخامسة عشرة، لذلك يعتبر هذا المعرض إضافة قيمة في تاريخ أعمالها. تجارب تمتد لمختلف الأساليب وخلال تجوالي في منزلها (المعرض أو المتحف) إن صح التعبير شاهدت الكثير من الأساليب التي كشفت تأثرها بالفنون الأوروبية، وعلقت على تلك الاختلافات وتعدد الأساليب بأنها تحب أن تعمل في جميع التجارب الفنية ولكن الفن الواقعي هو الأقرب إلى قلبها. وأكدت تأثرها بالفنانين الأوروبيين إلا أنها لم تغض الطرف عن اهتمامها بالفنانين الأمريكان وبشديد إعجابها بالفنانة الأمريكيةجورجيا أوكيفي (1887 - 1986) باعتبارها شخصية الرئيسية في الفن الأمريكي، والتي كانت محافظة بشكل ملحوظ على استقلالية فنها دون تقليد الاتجاهات الفنية، وكانت ترسم بشكل متواصل، خصوصا اهتمامها بالزهور وتفاصيل اللوحة وتنوع مصادرها من عظام الحيوانات أو المناظر الطبيعية التي تحيط بمراسمها عند بحيرة جورج وفي نيويورك ونيو مكسيكو، كما تضيف الفنانة شيرلي سبب إعجابها بهذه الفنانة بأنها صادقة مع توجهاتها الفنية المتميزة والخاصة بها، حيث كونت أسلوبًا خاصا بها في الرسم، كما أشادت الفنانة بالفن الأمريكي (بول جاكسون بولوك) الذي يعد من ابرز الرسامين الأمريكان ويعد من رواد حركة التعبيرية التجريدية والذي اشتهر بلوحاته المرسومة بالأسلوب التنقيطي، وكذلك إجادته التعامل مع الألوان بطريقته التلقائية وهو فنان مشهور ولوحاته معروفة، وتعرض في العديد من المتاحف في مختلف المناطق حول العالم. تاريخ الفنون الحديثة والفنون الإسلامية تسترسل الفنانة شيرلي في الحديث عن علاقتها بتاريخ الفنون ومنها معرفة الفنون الإسلامية التي اشتهرت بالفسيفساء وأيضاً تلقت علوم الهندسة المعمارية. كما أن لدى الفنانة شيرلي ثقافة واسعة بما يدور في الفن على مستوى الولاياتالمتحدة أو العالم إلا أنها في الفترة الأخيرة ركزت على الرسم وعرض أعمالها بشكل محدود، لعدم ثقتها بكيفية الاهتمام بسلامة لوحاتها في المعارض وكذلك اهتمامها بتسويق أعمالها التي تجد قبولا عند الكثير من الذين يتواصلون معها، إلا أن لديها مجموعة خاصة تحتفظ بها انتقتها من مراحل تجاربها عبر السنين لارتباطها النفسي بها، كما تبرعت بمجموعة من الأعمال للجمعيات الخيرية وهي سعيدة بذلك. تهتم الفنانة شيرلي أيضاً بالنحت وتقوم بعمل العديد من المنحوتات التي تعد تحفا لصغر حجمها يمكن بها تزيين المنازل والمكاتب. إعجاب بالحداثة وعشق الطبيعة رغم اهتمامها بالطبيعة وعشقها لها وجعلها مرتكزا للوحاتها مع ما تضيف من اهتمام بالإنسان وحالاته المختلفة من حزن أو فرح كما تقول، إلا أنها أيضاً تحترم الفنون الحديثة وتعجب بها القديم منها والجديد، ويمكن للزائر لمرسمها أو منزلها أن يشاهد ذلك العشق للطبيعة أو الإنسان فقد أبدت اهتماما بلوحة بروترية شخصية (لسيدة هندية) معلقة في مكتبها تعتبرها من أهم لوحاتها، كما أشارت إلى لوحة قالت إن اسمها (وجوه في الغابة) توزعت فيها وجوه وأشخاص مزجت بأشجار الغابة تحتاج للتدقيق والبحث عن تلك الوجوه التي اختلطت بأوراق وفروع وجذوع الشجر.