سيتوقف المؤرخون طويلاً عند فترة ترمب الرئاسية، فالرئيس الذي كاد خصومه أن يحتفلوا بعزله، قبل فترة قصيرة، بسبب الفضائح التي تكشفت تباعاً، من خلال المحقق الخاص، في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، روبرت مولر، احتفل الأسبوع الماضي بانتصارات متتالية، وهذا نادراً ما يحدث، حتى مع الرؤساء الكبار، ففي بداية الأسبوع الماضي، استطاع ترمب أن يلغي اتفاقية نافتا، مع المكسيك وكندا، ويستبدلها باتفاقية أخرى، وهذا كان أحد الوعود الانتخابية، التي قطعها على نفسه، وبعد ذلك بيومين، صدرت التقارير، التي تشير إلى انخفاض مستوى البطالة إلى مستوى تاريخي، فحسب التقارير، أن البطالة في أدنى مستوى لها منذ عقود، وتزامن مع ذلك ارتفاع مؤشرات سوق الأسهم، التي وصلت إلى أرقام قياسية، ثم حصل أهم الانتصارات. كان الديمقراطيون يأملون في أن تؤدي اتهامات مرشح ترمب للمحكمة العليا بالتحرش، إلى تراجع بعض الجمهوريين عن التصويت لصالحه، خصوصاً بعدما تدخل مكتب التحقيقات الفيدرالي في القضية، بعد الضغوط الإعلامية والشعبية الهائلة، ثم اتضح أن ترمب لعب لعبة سياسية ذكية، عندما أحال الأمر لمكتب التحقيقات، واشترط أن يكون التحقيق محدوداً، وفي مدة لا تتجاوز الأسبوع، وقد جاء التقرير بشكل لم يعجب الديمقراطيين، ثم اتضح أن اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الثلاثة، الذين كان الديمقراطيون يؤملون أنهم سيصوتون ضد التعيين، لم يقتنعوا بأن التقرير يدين المرشح، ولا ننسى الضغوط التي واجهتهم من ترمب، وبالتالي صوتوا مع التعيين، وحسم الأمر لصالح ترمب، الذي احتفل كثيراً وطويلاً، بعد أن حقق انتصاره الثالث خلال أسبوع. كنت أعتقد أن بعض أعضاء الكونجرس الجمهوريين كانوا بالفعل خصوماً لترمب، ثم اتضح، بعد مداولات مجلس الشيوخ بشأن مرشح المحكمة العليا، أن هذا الظن غير صحيح، فالسيناتور ماركو روبيو، والسيناتور ليزلي قرام، وحتى زعيم الأغلبية، ميتش مككولين، كانوا أشد حماساً من ترمب ذاته، رغم أن المرشح تم اتهامه بالتحرش، ولم يكن متوقعاً أن يصوتوا ضد الترشيح، لأسباب ايدولوجية بالطبع، ولكن كان بإمكانهم أن يضغطوا على ترمب لسحب المرشح، وترشيح مرشح آخر، طالما أن سمعة هذا القاضي تلطخت، ولكنهم لم يفعلوا، لأن ترمب، بعناده المعهود، كان مصرّاً على هذا المرشح بالذات، والخلاصة هي أن ترمب حقق انتصارات متتابعة، وأثبت سيطرته على الحزب الجمهوري، ونجح في ترجيح كفة المحافظين في المحكمة العليا، وهذه أخبار صادمة لخصومه، داخل أمريكا وخارجها!.