ألغيت قبل أيام هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة التي لم يمض على تأسيسها ثلاثة أعوام دون أن تحقق أي نتائج عملية فيما أسست لأجله حيث إن نسبة البطالة ارتفعت ولم تنخفض كما كان مؤملاً من الهيئة وقد أنشئت عوضًا عنها وكالة في وزارة العمل بمسمى يعبر عن هدف محدد وهو وكالة تعنى بتوظيف السعوديين في القطاع الخاص وتتولى الاختصاصات التي كانت موكلة للهيئة الملغاة. وقد سارعت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لإيضاح دور هذه الوكالة على لسان المتحدث الرسمي للوزارة الأستاذ خالد أبا الخيل الذي أكَّد «أن الوكالة المنشأة ستعمل على تهيئة السعوديين عبر برامج تدريبية وبرامج تمويل لهم من دون فوائد عن طريق بنك التنمية الاجتماعية» وذلك لتمكينهم من العمل في القطاع الخاص سواء بالتوظيف عبر الإحلال أو تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة حيث تتجه الوزارة عبر قراراتها بالتوطين الموجه لبعض القطاعات لإعادة تنافسية المواطن في سوق العمل وإتاحة الفرص له. ومن حيث الظاهر لحديث الوزارة عن الوكالة الجديدة تبدو الاتجاهات إيجابية نحو هيكلة جذرية شاملة لسوق العمل تفتح آفاقاً جديدة للمواطنين توظيفًا واستثمارًا، لكن الوصول لتلك الأهداف الإستراتيجية المهمة ليس بالأمر السهل إذ يتطلب انتقالاً من حالة الدراسات ورسم الخطط التي كانت تتبعها الهيئة الملغاة إلى العمل مباشرة على هيكلة سوق العمل ورفع تنافسية المواطن فيه، وهو ما يتطلب حزمة قرارات متسلسلة ومترابطة ببعضها كخطوات تحقق تلك الأهداف التي تصب بخفض البطالة حاليًا ولكن الأهم هو كيف يصبح الطلب في سوق العمل أولاً للمواطن وليس لطلب التأشيرات لعمالة وافدة بالمهن التي يمكن للمواطن شغلها. إن واحدة من أهم الخطوات التي يجب أن تتجه الوكالة الجديدة لها هو تخفيض ضخم بإصدار التأشيرات للتخصصات التي نعاني فيها من انكشاف مهني كبير بل حتى يجب التوسع في إدراج مهن كثيرة في قائمة التوطين يمكن للمواطن أن يتم تأهيله للعمل فيها فالتنافسية الصحيحة تتطلب ألا يفتح باب للتأشيرات للمنافسين للمواطن من الخارج مع إعادة النظر بطريقة عقود العمالة من حيث نظام الكفالة وهو ما طرح كرأي بمقالات من أهل الاختصاص فما يفترض أن يسهم في رفع تنافسية المواطن بسوق العمل مفقود حاليًا لاعتبارات عديدة منها أن الوظيفة التي يولدها الاقتصاد التنافس عليها ليس داخليًا بل من الخارج بسبب استمرار إصدار التأشيرات وفق الأنظمة الحالية التي لا بد من تعديلها لتقنين تأشيرات العمل وحصرها بمهن لا ينافس عليها المواطن كوظائف العمالة العادية المتدنية الدخل والمتطلبات فتقنين تأشيرات العمل لمستويات متدنية جدًا حتى تنخفض البطالة ويصبح الطلب على العمالة الوطنية هو السمة الرئيسة بالاقتصاد يمثل أحد أهم الحلول ليس لخفض البطالة وحسب بل لتمكين المواطن من كل القطاعات الاقتصادية وإعادة السيطرة فيها للمواطنين على مدى السنوات العشر المقبلة على أبعد تقدير. سوق العمل في المملكة ضخم ويوجد فيه أكثر من عشرة ملايين وافد البطالة بينهم شبه صفرية بينما ترتفع لدى المواطن إلى 12.8% لضعف تنافسيته بسوق عمل مفتوحة للخارج وقطاعات مهمة مسيطر عليها من وافدين بسبب التستر التجاري مما يعني أن أمام هذه الوكالة الجديدة مسؤوليات ضخمة تنسيقية وتنفيذية لكي يصبح سوق العمل المنافسة فيه لصالح المواطن والأولوية لتوظيفه واقعًا وليست مطلباً أو أمنية أو شعاراً.