أيحدث لك الآن أن تبترد في حضور هواء التكييف فتلجأ لإسكاته؟!.. وحين تفعل تتأوه من قبضة ذيل الصيف يلف حول راحتك؟!.. أتجد أنك بينهما في شد, وجذب؟.. تلك رسائل المواسم.. حديثها الذي لا ينقطع, وإن تبدلت نغمات صوته!!.. ونحن بين موسم وآخر حيث تتحدث الطبيعة بِسِماتها.. تُخرجُ مَوْسِماً من كمونِه لتُواري فيه مَوْسِماً راحلاً بصفاته.. تتآلف جزيئاتها.. حتى إن الزهور الصيفية تودع مشارف الممرات, ليحل لفح زمهرير شتائها, وحين يحضر الخريف توحش نفوس, وتطفو ذرات مخيلاتٍ سواها!!.. اليأس في كآبة الظلام, والرهبة في معارج الغسق, والبهجة في رعشة نور القمر, والوقدة في لسع شلال الشمس, والخوف في دوامة الغبار, والحلم في عبور النسمة, وبديع وهج الجمر, وزفير حنين الدفء, وكل جزء فيها هذه الطبيعة آيلٌ بين يدي حاجة الإنسان.. الإنسان في هذه الطبيعة فاعل متفاعل, آخِذٌ مُستفيد, يجني من كل موسم ما يلتقي بشيء له, أو منه.. كوب الماء في الصيف سقيا ابتراد, وفي الشتاء استدفاء.. غيمة الشتاء وديعة, وفي الخريف الهواء تطهير.. يا للجبال تكسوها خضرة الربيع يهل عليها ضبابٌ, يداعبها سحابٌ في سرب مباهاة تُلهم الصمتَ الكلامَ.. يا للحقول في الخريف تكسوها صفرة تخاتلها عرائش بالروِيِّ في الظلال.. يا لهذه اللحظة بين صيف نزل وطاب, وشتاء آت بما يُستطاب!!.. والنافذة عامرة بالريحان.. أجنحة اليمام راقصة.. يرشف سقياه عند غروبٍ ينتظر فجر الشتاء!!..