يشهد مرفق القضاء في المملكة خطوات تحديثية وتطويرية رائدة شملت مختلف ميادينه وإجراءاته وذلك في ظل دعم لا محدود من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك الحزم والعزم والعدل وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظهما الله -، وبمناسبة ذكرى اليوم الوطني ال88 للمملكة وحينما يأتي الحديث عن القضاء وما حققته وتحققه وزارة العدل من نجاحات وإنجازات، فإنه لا بد من العودة إلى مرحلة التأسيس الأولى التي دشّنها المغفور له - بإذن الله - الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بإعلانه عبر جريدة أم القرى عام 1343 ه تعيين الشيخ محمد المرزوقي قاضيًا لأول مرة في مكةالمكرمة. تلا ذلك في عام 1344ه تشكيل دائرة القضاة بمكةالمكرمة برئاسة الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيسًا للقضاء بالمنطقة الوسطى والشرقية والشمالية قبل أن يصدر أمر المؤسس - رحمه الله - بتوحيد رئاستي القضاة تحت رئاسة واحدة تولاها مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله. وفي عام 1390 ه تطورت الخطوات المباركة بإنشاء وزارة العدل التي باشرت أعمالها ومهامها، وكان أول وزير تولاها معالي الشيخ محمد بن علي الحركان - رحمه الله- وقد كان لإنشاء الوزارة أثر كبير في رعاية العمل القضائي وتطوير الإجراءات التي استقرَّ عليها، والتي شكلت حجر الأساس للأنظمة العدلية فيما بعد، لتتحول فيما بعد إلى أنظمة مكتوبة مثلت بمجموعها نظام السلطة القضائية، حيث جاءت على مراحل زمنية متتالية، شملت نظام السلطة القضائية العام، ونظام القضاء الإداري، وإجراءات التقاضي في الموادّ المدنيّة، والتجاريّة، والإدارية، والأحوال الشخصية، والجنائيّة، لتستمر بعد ذلك أعمال التطوير التنظيمي في الوزارة لتضيف لبنة من الإنجاز في كل عهد من عهود الدولة السعودية المباركة، إلى أن جاء عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي تعاهد إكمال مسيرة البناء في مرفق القضاء، حيث سعت وزارة العدل لتنظيم الآليات اللازمة لتحقيق الإنجازات الهادفة إلى تطوير مرفق القضاء بما يستوجبه العصر من معطيات وبما تشهده المملكة من تطور في مختلف الميادين. وقد حققت وزارة العدل العديد من الإنجازات المهمة عبر إطلاق مشروعات قضائية ومبادرات عدلية وإجراءات تطويرية أحدثت نقلة نوعية وتطورًا ملموسًا في مرفق القضاء بشكل عام. 20 مليون خدمة خلال عام وقدمت وزارة العدل خلال العام الماضي نحو 20 مليون خدمة متنوعة للمواطنين والمقيمين، في مجال اختصاصاتها القضائية والتوثيقية، عبر المنافذ الرقمية والتقليدية كافة، اشتملت على 2.5 مليون عملية توثيق، 2.5 مليون جلسة وحكم، واستقبال 681 ألف طلب تنفيذي، وإصدار أكثر من مليون قرار تنفيذي، واتخاذ نحو 869 ألف إجراء تنفيذي، إضافة إلى تقديم 12 مليون خدمة عبر بوابة الوزارة الإلكترونية من 60 يوماً إلى 24 ساعة، وتستهدف هذه المشروعات والمبادرات وفق رؤية المملكة 2030 تطوير واختصار الإجراءات القضائية والتوثيقية وحوكمتها، وتقليص فترات التنفيذ، وتقليل مدد الفصل في المنازعات، وتحقيق الأمن العقاري، وتقديم خدمات عدلية متميزة، إضافة إلى التحوّل الرقمي الكامل لأعمال المرفق العدلي. كما تستهدف هذه الإجراءات رفع درجات الرقابة والمتابعة وقياس الأداء، والعناية بمستوى كفاءة الكوادر البشرية، إضافة إلى دعم البيئة الاستثمارية في المملكة، وتعزيز الاقتصاد الوطني، ورفع كفاءة إنفاذ حقوق الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية، إضافة إلى نشر الثقافة العدلية وتفعيل التعاون الدولي. وتتلخص رؤى وتوجهات وزارة العدل حاليًا في تقديم خدمات عدلية رائدة، بأعلى كفاءة وشفافية، وبأقل وقت وجهد وتكلفة، من خلال جهاز قضائي مؤسسي، مستقل ومتخصص، بالاعتماد على الكوادر الوطنية المؤهلة، وعبر نظم وإجراءات ميسرة، وتقنية متطورة، مع الاستفادة من أفضل الممارسات والتطبيقات الدولية. وفي هذا السياق أطلق معالي وزير العدل الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني مشروع محكمة بلا ورق بهدف إلغاء التقديم الورقي في محاكم ودوائر التنفيذ لمعالجة الطلبات كافة في عملية إلكترونية متكاملة تختصر الإجراءات بنسبة 100 %، وتوفر الكثير من الوقت والجهد والمال على المستفيدين وترفع من كفاءة أداء محاكم ودوائر التنفيذ وقضاتها وموظفيها. واختصر المشروع مع وزارة الداخلية والتجارة والاستثمار ومؤسسة النقد العربي السعودي إجراءات العمل من 60 يومًا ليصبح الإنجاز لحظيًا. وفي التعاملات المرتبطة بشركة سمة للمعلومات الائتمانية تم اختصار مدة تنفيذ الإجراءات من 60 يومًا إلى 48 ساعة. وضمن خطواتها التطويرية افتتحت وزارة العدل 16 محكمة تنفيذ، وكذلك تم تدشين 92 دائرة من الدوائر المتخصصة في مختلف محاكم المملكة سواءً (محاكم الاستئناف أو التنفيذ أو العامة أو الجزائية أو الأحوال الشخصية). كما بدأت وزارة العدل بتطبيق مشروع الربط الإلكتروني بين محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الاستئناف، لانتقال القضية إلكترونيًا بشكل كامل، مما اختصر نحو 30 يومًا من مدة نقل المعاملات، الأمر الذي أسهم في سرعة إنجاز قضايا المستفيدين. إضافة إلى اختصار المدة الزمنية التي يستغرقها تنفيذ الأوامر القضائية والتي كانت تتجاوز الشهرين في بعض الحالات، ليصبح إنجازها في غضون 72 ساعة من إصدار الأمر، واختصار مدة استخراج صك بدل مفقود من شهرين إلى يوم واحد بعد أن كانت إجراءاته الإدارية والقانونية تستغرق نحو شهرين. كما أطلقت وزارة العدل خدمة الرسائل النصيّة (SMS) التي تصل لهواتف المستفيدين، وتتضمن الخدمة 30 نوعًا من الإشعارات العدلية التي تبقي المستفيدين على اطلاع دائم عوضاً عن «راجعنا غدا»؛ لمعرفة مستجدات مسار طلباتهم بالكامل، وتغنيهم عن الزيارات المتكررة للمحكمة، حيث بلغ مجموع الرسائل المرسلة إلى المستفيدين 19 مليون رسالة. واعتمدت برنامجًا إلكترونيًا يهدف إلى تحويل عقود الأنكحة من الوضع الحالي التقليدي الورقي إلى عقود إلكترونية، بحيث تستكمل جميع إجراءات توثيق عقد الزواج ببرنامج إلكتروني متكامل مرتبط مع جميع الجهات المختصة كوزارتي الداخلية والصحة. وضمن خطوات التحديث ومواكبة العصر دشّن معالي وزير العدل البوابة الإلكترونية لمركز ذكاء الأعمال والتي تعنى بجمع وتخزين وتحويل البيانات إلى معلومات وتطوير المؤشرات القضائية الإلكترونية واستخراج النتائج، بما يضمن متابعة إنجاز الأعمال للمرافق العدلية إلكترونيًا، وتعزيز الشفافية من خلال نشرها في البوابة الإلكترونية. رخص المحامين والمحاميات ورخصت وزارة العدل خلال السنوات الثلاث الماضية لعدد 5496 محاميًا ومحامية، حيث سجل العام الماضي 1439ه ارتفاعًا قدره 13% في عدد التراخيص الممنوحة لمزاولة المهنة، مقارنة بالعام الذي سبقه، كما أن المحاميات حصلن على 83 رخصة جديدة، حيث أصبح إجمالي عددهن منذ عام 1434ه حتى الآن 332 محامية. في الوقت نفسه أطلقت الوزارة دبلوم المحاماة الذي ينتهي بمنح المتدربين والمتدربات رخصة المحاماة، حيث يركز الدبلوم على إعداد المحامين علميًا وعمليًا، ويهدف إلى سد حاجة السوق السعودي من الكوادر الوطنية المؤهلة في مهنة المحاماة، إضافة إلى تفعيل مكاتب المصالحة. كما تم أيضاً تدشين مبنى مركز التدريب العدلي، ومركز الترجمة عن بُعد والذي يتيح التقاضي بالصوت والصورة في محاكم المملكة بمختلف لغات العالم. كما قامت وزارة العدل بالربط الإلكتروني مع 19 جهة، لتقديم نحو 70 خدمة إلكترونية للمستفيدين، إضافة إلى إطلاق «شبكة إيجار الإلكترونية» التي توفر العديد من الخدمات الإلكترونية لأطراف العملية التأجيرية، كتوثيق العقود، والسداد الإلكتروني، مع إلزام الوسطاء العقاريين كافة في جميع مدن المملكة، بتوثيق عقد «إيجار» الموحد في الشبكة الإلكترونية لخدمات الإيجار، وهو العقد المعتمد بصفته سندًا تنفيذيًا. ومؤخرًا أطلقت وزارة العدل مشروع الموثقين بالتنسيق مع الموثقين المرخص لهم، من خلال نظام إلكتروني يسمح بتوفّير خدمات التوثيق وبتقنيات حديثة، كما اعتمدت ما يصدر عن الموثقين كسندات تنفيذية، حيث سيوفر المشروع مئات المقرات بمختلف أنحاء المملكة لتقديم خدمات التوثيق على مدار الساعة، إضافة إلى توفير فرص عمل جديدة. وأطلقت وزارة العدل بوابة «ناجز» لخدمة المستفيدين كافة من مواطنين ومقيمين، حيث تبيّن هذه المنصة عن طريق رقم الهوية كل المعلومات المتعلقة بالشخص المستخدم والطالب للخدمة مع إيضاح كامل، ومعلومات وافية عن الصكوك والوكالات والعقود التوثيقية. كما انتهت وزارة العدل من إعداد (2366) مبدأً قضائيًا، وتم طباعتها ونشرها ضمن مدونة المبادئ القضائية. اكتمال منظومة القضاء المتخصص فيما نجحت الوزارة وديوان المظالم في الانتهاء من عملية نقل الدوائر الجزائية إلى وزارة العدل إضافة إلى نقل المحاكم التجارية التابعة لديوان المظالم إلى وزارة العدل، الأمر الذي سيدعم قط اع الأعمال والاستثمار، وتعزيز ثقة القطاع الاقتصادي بشكل عام في مجال حسم المنازعات التجارية بفاعلية وسرعة، في ترجمة مباشرة يترقبها المهتمون لنظام القضاء، الذي صدر قبل نحو 10 سنين، يشهد العام الهجري الجاري اكتمال منظومة القضاء المتخصص بانتقال المحاكم العمالية إلى القضاء العام. إلغاء صكوك أراضي وتمكنت وزارة العدل مؤخرًا من إلغاء صكوك «أراضٍ» مساحتها أكثر من 650 مليون متر مربع تم استخراجها بطرق غير نظامية في العديد من مناطق المملكة. كما عملت الوزارة على تطوير الإجراءات واللوائح والأنظمة فيما يخص إنفاذ العقود وتسجيل الملكية، بهدف رفع التصنيف العالمي للمملكة، وإيجاد بيئة استثمارية جاذبة. مراكز لتنفيذ الحضانة واعتمدت وزارة العدل مبادرة «إنشاء مراكز تنفيذ أحكام الحضانة والرؤية والزيارة»، تعزيزًا لحماية حقوق الطفل وحفظًا لخصوصية الأسرة، والتيسير على المواطنين في تنفيذ أحكام الحضانة والرؤية والزيارة ضمن بيئة ملائمة لأفراد العائلة، بالتعاون مع القطاع غير الربحي مع إنشاء صندوق للنفقة. من جهة أخرى أطلقت وزارة العدل مبادرة كتابات العدل المتنقلة، لخدمة المرضى وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والموقوفين ومن في حكمهم في أماكن تواجدهم، حيث تهدف المبادرة إلى رفع مستوى الخدمات العدلية وتيسيرها عبر أحدث التقنيات المستخدمة في إيصال الخدمات للمستفيدين. رخص الموثقات ومنحت وزارة العدل 19 امرأة رخصة موثّق، بكل الصلاحيات الممنوحة للموثقين الرجال، وذلك لأول مرة في تاريخ الوزارة للقيام ببعض مهام كتاب العدل. وتشمل الاختصاصات الممنوحة للموثقين إصدار الوكالات وفسخها، وتوثيق عقود تأسيس الشركات، وإفراغ العقارات، عبر مكاتب تابعة للقطاع الخاص، تعمل في أوقات عمل صباحية ومسائية، وطوال أيام الأسبوع، وفق عملية إلكترونية متكاملة. تكريم الأممالمتحدة وتتويجًا لأعمال ومبادرات وزارة العدل، فقد كرّمت الأممالمتحدة في حفل دولي في جنيف وزارة العدل نظير حصولها على أكثر الأصوات في فئة تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمبادرتها في خدمات التنفيذ الإلكتروني ومشروع «محكمة بلا ورق» ونظير تجسيدها للتحول الرقمي في خدماتها العدلية. كما حصلت وزارة العدل على شهادتي الآيزو العالميتين في خدمات تقنية المعلومات وأمنها، وحصلت على جائرة GOV لتقنية المعلومات، إضافة إلى جائزة GOV لتقنية المعلومات لأفضل خدمة إلكترونية (قطاع الحكومة) عن مشروعها «برنامج ناجز للخدمات الإلكترونية». معارض الثقافة العدلية وأطلقت وزارة العدل خلال العام الماضي بتوجيهات من معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني، معارض الثقافة العدلية في عدة مدن في المملكة، والتي شهدت إقبالا كبيراً من جميع شرائح المجتمع، ولا سيما النساء، حيث استفاد منها 120 ألف امرأة.