سليل علماء.. وخليل فقهاء.. انتهج طلب العلم فنهج درب «القضاء» قاضيًا بارعًا وإمامًا مبدعًا.. أحب العلوم الشرعية فكان غواصًا ماهرًا اصطاد «جواهر القواعد الفقهية» ونال «لآلىء الفضائل الدينية».. بحث في منظومة «المحاكم الشرعية» واستبحث في «الإجماع والاجتهاد» فكانت سيرته حديثًا نموذجيًا، ومسيرته «نموذجًا حيا» للقاضي والإمام والعالم والفقيه.. إنه إمام وخطيب الحرم المدني الشريف القاضي الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ أحد أبرز المنسبين لسلك القضاء وأحد الوجوه الدينية البارزة في مجال الإمامة والخطابة وطلب العلم.. بوجه تؤطره علامات التدين وتتوارد منه سمات الوقار والاستقامة ومحيا أليف تميزه عدسات طبية وعينان تعكسان شخصية هادئة ومألوفة وكاريزما متزنة رزينة تتقاطر منها سمات الإمام وصفات التهذيب وموشحات الخطيب.. وصوت جهوري مسجوع بالفصاحة مجموع بالحصافة.. تسكنه عبارات الشرع واعتبارات الخطاب على طاولات القضاء وجلسات الفصل ونبرة تلهج بآيات الذكر الحكيم بنغمة فريدة تنطلق من «حنجرة» تتحف الأجواء الإيمانية في ساحة الحرم المدني بالترتيل الجميل والصدى المرتل قضى آل الشيخ عمرًا في أروقة المحاكم واعتلى منبر مسجد النبي الأمين بالمدينةالمنورة إمامًا وخطيبًا. في الرياض نشأ آل الشيخ في أسرة ميمونة مشهورة بالنبلاء والفضلاء فامتلأ وجدانه باليقين باكرًا موجهًا بوصلته نحو مكتبات العلم وساحات الجوامع فركض طفلا منجذبا إلى صوت الأذان في جامع حيه متجاذبًا مع صوت الأئمة في صلوات يومه. كان آل الشيخ يوجه أقرانه بأهمية العلم وأحقية المعرفة فأتم دراسته متوجًا بالتفوق موشحًا بالمثالية مكرمًا بشهادات الأوائل وهدايا النبوغ. وسط ليالي نجد ونسمات عليلها كان آل الشيخ يدون في شبابه دروس العلم مراقبًا لجماعات التحفيظ ومجاميع التلمذة في مجالس والده وأعمامه وعائلته مترقبًا فضولاً ظل يأٍسر عقله عن الاندماج في التعليم الشرعي والامتزاج بروحانية مواقع الذكر فرابط على أبواب الشيوخ الكبار وارتبط بأمنيات نقلته إلى متون «الفوائد» وحولته إلى مشروع بشري نافع جنى أول ثماره بعناقيد الامتياز في جامعته متفوقًا على زملائه متوثبًا لنيل الدرجات العلمية في كنوز القضاء وخزائن الفقه، سيرة مضيئة مشعة بالعلا حيث حصل آل الشيخ على البكالوريوس من كلية الشريعة بالرياض بتقدير ممتاز، ثم التحق بالمعهد العالي للقضاء ونال الماجستير بامتياز، وكانت الأطروحة بعنوان (أحكام الأحداد في الفقه الإسلامي) ثم تم منحه الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى في رسالته عن (القواعد الفقهية للدعوى), تتلمذ الشيخ مبكرًا على يد عدد من جهابذة العلم الشرعي وظل مرافقًا للعديد منهم منتهلاً من علمهم لحرصه على التعلم حيث درس التوحيد وزاد المعاد عن الشيخ فهد الحميد، والفقه والحديث عن الشيخ عبدالله الجبرين، والفقه عن الشيخ عبدالعزيز الداود، كما درس على يد الشيخ عبدالله الغديان قواعد الفقه وبعض الدروس الأخرى، وحضر دروس الشيخ عبدالعزيز بن باز. وقام بإلقاء العديد من الدروس العلمية في الفقه والتوحيد والحديث والقواعد، بالإضافة إلى بعض المحاضرات في عدة جوامع. وعين ملازماً قضائياً عام 1406ه ثم قاضياً عام 1411ه في المحكمة الكبرى بنجران، وفي عام 1412ه تم نقله إلى المحكمة الكبرى بالرياض، ثم تم تعيينه عام 1418ه قاضيًا بالمحكمة الكبرى بالمدينةالمنورة. ثم صدر الأمر السامي بتعيينه إماماً وخطيباً للمسجد النبوي الشريف ولا يزال. وله العديد من البحوث والرسائل المتعددة في عدة جوانب فقيهة وشرعية. سجل مديد بالإنجاز سديد بالاعتزاز سجل فيه آل الشيخ الامتياز بنيله الثقة الملكية ليلقي خطبة عرفات اليوم أمام الملايين من الحجاج في محفل سنوي تتابعه أنظار العالم وأفئدة المسلمين من كل أصقاع الأرض. لا يزال آل الشيخ ماضيًا في الانتهال من مشارب العلم قاضيًا في إضاءة مسارب العتمة.. في المدينةالمنورة وضع آل الشيخ رحاله منذ عقدين.. وتعانق مع نسمات طيبة الطيبة.. وصدح في روضتها بالبيان ووزع في جنباتها بصمات «الخير» فامتزجت روحه بفضل المكان وفضيلة الشرف.. فكان إمامًا همامًا وخطيبًا أديبًا كتب اسمه في سجل الفخر بالحرم المدني وحفر ذكره في «ذاكرة» المهنة الأشرف دنيويا.. ناثرا عبير كفاءته ونسيم احترافيته في مجاميع «المؤثرين» باسطًا يديه بالدعاء مبسطًا قلبه بالسخاء في أهم محافل الحياة بين اتجاهات الصلاة والوعظ والعدل والصلاح والإصلاح.