في الأيام الماضية ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي -بشكل عفوي- في رصد الكثير من المشاعر الفياضة التي يُكنَّها ضيوف الرحمن للمملكة ولرجال الأمن تحديداً، الذين يقومون بواجبهم في خدمة الحجاج والسهر على راحتهم على مدار الساعة، مواقف مُشرِّفة بطولية وإنسانية، سطَّرها رجال الأمن بضرب أروع أمثلة شرف الخدمة العسكرية, قابلها الكثير من الحجاج بردود فعل صادقة وشاكرة، صورة إنسانية فريدة وصادقة يندر أن تحدث في أي مكان آخر، اجتمع فيها شرف الزمان وشرف المكان، بعظم المهمة والرحلة لكلا الطرفين فإذا كان انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ساهم في تداول بعض هذه الصور والمقاطع، فإنَّ الكثير منها لن تستطيع عدسات الكاميرات ترجمته أو رصده مُطلقاً, لأنَّ أبطالنا يؤدونه خدمة لله، ثم للوطن المُقدَّس، ثم لتلك الأفئدة التي تسابقت صوب بلادنا الطاهرة. أصدق المشاعر، هي تلك التي تلمسها من حاج مُحرِم، قاصداً بيت الله لتأدية الركن الخامس من أركان الإسلام، وبدأ الرحلة العظيمة نحو المشاعر المُقدسة، فالحديث مع هؤلاء الحجاج، ومعرفة شعورهم وامتنانهم لكل ما تقدمه السعودية لهم، ينقلك إلى عالم آخر، تستشعر فيه «عظم هذه البلاد» التي قدمت الغالي والنفيس بإخلاص -وبلا منَّة- من أجل خدمة الإسلام والمُسلمين، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز, وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- فإذا كان الحاج ومُحيطه هم من يُتابعون رحلته في الحج، فإنَّ السعودية بكل طاقاتها وإمكاناتها المادية والبشرية سُخِرَّت لهذه المهمة العظيمة، استشعاراً وإيماناً بحجم الشرف الذي خصَّ الله به بلادنا وقادتنا. اليوم نقف مع جموع حجاج بيت الله الحرام على صعيد عرفات الله الطاهر، لتأدية «الركن الأعظم» من أركان الحج، الذي لا يصح إلاَّ بوقوف الحاج بنفسه في هذا المكان، كأحد أهم التحديات الحقيقة لنجاح موسم الحج كل عام، التي قد يلمسها ويعيشها الحجاج بكل حب وتقدير بفضل المشروعات والخدمات الجبارة والعظيمة، والأهم والأروع أنَّهم يعيشون رحلتهم برفقة «رجل أمن» يحمي ويسهر، يحضن ويُقبِّل، يبتسم ويخدم، في أشرف مهمة يُمكن أن يؤديها «عسكري» في العالم. وعلى دروب الخير نلتقي.