لقطاع الإسمنت وشركاته المدرجة في السوق المالية السعودية علاقة متينة بين أوساط المستثمرين المخضرمين ومحللي الأبحاث ذوي الخبرة الحديثة, وللشريحتين أسبابهم المقنعة المخضرمين من المستثمرين يعلمون أن شركات الإسمنت المدرجة وقطاعه أكثر الشركات سخاء في التوزيعات النقدية من حيث العائد على الأسعار السائدة أو نسبة الموزع من الأرباح المعلنة, لذلك تميز القطاع لدى المخضرمين من المستثمرين ذلك الوقت، بل حتى أن كميات الأسهم المعروضة في القاطع كانت دائماً قليلة وحجم التداول عليه أيضا ً منخفض, في الجانب الآخر ذوو الخبرة الحديثة من محللي الاستثمار كان القطاع لهم بمثابة دورة تدريبية على تقييم الشركات وبناء التقديرات المالية لها من مبيعات, أرباح, توزيعات وغيرها لسهولة تفحص الشركات وأيضاً نموذج أعمالها. بقي قطاع الأسمنت لسنوات طويلة مسؤول عما يقارب 6 في المائة من إجمالي الأرباح المحققة لسوق الأسهم السعودية أو للشركات المدرجة في السوق المالية ظلت أرباح القطاع السنوية تتراوح من 5.5 مليار ريال لما يتجاوز 6 مليارات ريال سعودية طبعاً هذه الأرباح تتزامن مع الإنفاق الحكومي الكبير الذي حدث في السنوات العشر الماضية على مشروعات البنية التحتية, التعليم والصحة وغيرها المشروعات الحكومية قفزت بالطلب على الإسمنت حتى أن وزارة التجارة تدخلت بمنع تصدير الإسمنت لخارج المملكة بسبب الطلب المتزايد على المنتج، وهذا زاد شهية إنشاء شركات جديدة لتحصل على رخص جديدة للعمل في قطاع إنتاج الإسمنت لتقفز شركات الإسمنت من 8 شركات مدرجة إلى 14 شركة مدرجة حالياً منتشرة حول مناطق المملكة. منذ العام 2014م بدأ قطاع الإسمنت حكاية تراجع الأرباح، وبعد أن قاربت 6.2 مليار ذلك العام وكأن الأرباح وصلت ذروتها، والأرقام بدأت تشير إلى التراجع نحو أرقامها القديمة 2.8 مليار حتى 3.2 مليار ريال لكامل العام لكن هذا مع الشركات الجديدة كانت. بما أننا في فترة الإعلان عن النتائج المالية للربع الثاني من العام 2018 فإن متوسط الأرباح لهذا الفصل في السنوات الماضية لكامل القطاع يدور حول 1.6 مليار ريال والصدمة أنه في السنوات الثلاث الماضية تراجع بشكل حاد 1.3 مليار ثم 445 مليون ريال، وهذا الفصل رقم تبقي 4 شركات لم تعلن حتى إعداد هذا المقال لكن أرباح القطاع مجمعة بلغت 8.46 مليون ريال هذا غير أن 4 شركات من القطاع حققت خسائر في الربع الثاني من هذا العام. إحدى أكثر البديهيات والمؤثرات على العرض والطلب الدورات الاقتصادية بما ينزع فكرة النمو المتواصل في الإيرادات والأرباح تعرض القطاع كما حصل مع بقية القطاعات إلى تغير في هيكل التكاليف وحجم الطلب على المنتجات، ولكن من يقرأ حركة الأرباح والأرقام يستنبط بأن الشركات بقيت صامتة تتفرج على المتغيرات دون أن تتدخل في معالجة الأثر، خصوصاً تلك الآثار المستمرة. من يقرأ الأرقام يعلم يقيناً أن القطاع بحاجة إلى خطة استراتيجية كاملة تعيده للخط الصحيح.