لم يعد من النادر أن تغيب عن جيران باعدت بينك وبينهم الأسفار، أو الأماكن، أو أهل أخذتهم دوامات البعد عنك ردحا من الزمن فتلقاهم فإذا صغارهم الذين كانوا يلعبون بدميِّهم بين يديك، وفيهم من قدِم للدنيا بعد أن غبتم عن بعض، فتجدهم ملء العين تحصيلا علميا، ونجاحا في الحياة، وثقافة شاسعة، ومهارات مختلفة، وإتقانا للغات عدة.. لم يعد هذا الأمر غريبا، والناس قد بلغت بوعيها أن حقيقة الاستثمار الأساس ليس في المال، وإنما في الإنسان، فكان استثمارهم في أبنائهم.. الشاهد ما يقدم لنا اليوم من نماذج شبابنا بنوعيهم على الملأ في مجالات التنافس المبهج، والتحصيل المعرفي المتقدم، والتسارع في الظهور بأفكارهم المتقدة، وطموحاتهم المتوثبة، وخبراتهم المختلفة، ما يمنحنا اطمئنانا للكثير من منطلقات تحقيق الأحلام التي لولا أن التقينا بمن تباعدنا عنهم، وأولئك الذين تتوالى أخبار منجزاتهم، ومحاولاتهم، فرأينا صغارهم وقد كبروا وهم عناصر حيوية متفاعلة مع معطيات واقعهم، مستفيدين من نوافذ الفرص المتاحة لهم، ولولا أن أتاحت لنا وسائل التواصل التعرف على النماذج الأخرى منهم لبقينا نكرر الأمل، ونستجر هذه الأحلام، بيد أن أكثر الأحلام التي تراودنا فيهم تنطق بصوتها المبهج حولنا، كمعزوفة المزاريب بعد هطول الغيم على الثرى المخضر العطِش.. إننا ندعو لهم بمزيد من النجاح، والاكتساب، والإنجاز وتحقيق المكاسب لحياة هم فيها شموع الدار..