أصيب الإعلام الأمريكي بنوبة جنون غير عادية، بعد المؤتمر الصحفي، بين الرئيسين، دونالد ترمب وفلاديمير بوتين، وذلك لأن ترمب تجاهل تقارير أجهزة الاستخبارات الأمريكية، التي تؤكد تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية الماضية، وأخذ بوجهة النظر الروسية، التي تنفي التدخل، وكان هذا بلا شك خطأ فادحا، وفيه إهانة لأجهزة استخبارات بلاده، التي مات عدد كبير من أفرادها في سبيل أمن أمريكا، ولم يدرك ترمب فداحة الخطأ، إلا بعد أن شاهد ردة فعل الساسة والإعلاميين، وهو على متن الطائرة الرئاسية عائدا إلى واشنطن، ولعل مستشاريه، وأهمهم وزير الخارجية، والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية(CIA)، مايك بومبيو، نبّهوه إلى الخطأ الفادح، الذي ارتكبه في هلسنكي، وهو ما جعل ترمب يعيد حساباته، ويحاول إصلاح الضرر، بعد الخطأ الجسيم الذي ارتكبه. حسنا، ترمب أخطأ، ثم اعتذر، وردة فعل الإعلام الأمريكي العنيفة مبرّرة، ولكن مهلا، هل كان هدف هذا الإعلام هو الدفاع عن كرامة أمريكا، التي امتهنها بوتين، كما يزعمون، أم أنه استمرار للحرب الشعواء على ترمب، منذ فوزه بالرئاسة؟!، وللإجابة على هذا السؤال، دعونا نستعرض ردة فعل ذات الإعلام على أخطاء الرئيس أوباما الفادحة، التي تبدو للمنصف مساوية لخطأ ترمب، إن لم تكن أسوأ منها، خصوصا وأنها تتعلق بأحد أشرس خصوم أمريكا، أي إيران، حسب أدبيات السياسة الأمريكية، فأوباما، ومن أجل تحقيق إنجاز شخصي، منح ملالي طهران الفرصة ليدوسوا على كرامة أمريكا، وقد تفنن حكام طهران في ابتزاز أوباما، وأجبروه على ارتكاب أخطاء فادحة، ألحقت ضررا بالأمن القومي الأمريكي، ودمرّت سمعة أمريكا كقوة عالمية، وأفقدتها هيبتها حول العالم!. الإعلام الذي شنّع على ترمب، هو ذات الإعلام الذي صمت، عندما خضع أوباما لابتزاز طهران، وساهم بإزاحة إياد علاوي، المنتخب ديمقراطيا، ودفع بالطائفي نوري المالكي لرئاسة العراق، وذلك بعد أن هدده ملالي طهران بالانسحاب من الاتفاق النووي، إذا تسنم علاوي، البعيد عن طهران، والقريب من المملكة العربية السعودية، رئاسة العراق، وقد خضع أوباما للابتزاز، وعمل بكل قوة، حتى تم إبعاد علاوي، وتنصيب المالكي، وهو الأمر الذي كان سببا رئيسيا في صناعة أخطر تنظيم إرهابي عرفه العالم، أي تنظيم داعش، وذلك أن المالكي، حسب وثائق رسمية، أمر جيش العراق بالانسحاب من الموصل، وأمرهم بترك أسلحتهم، كما ترك المليارات في فرع البنك المركزي بالموصل، ليستولي عليها تنظيم الشر والإرهاب، ويتمدد في العراق، ويرتكب المجازر البشعة، وسنواصل الحديث عن أخطاء أوباما، التي مسحت كرامة أمريكا بالأرض، وصمت عنها الإعلام صمت القبور!.