أكد فضيلة الشيخ الدكتور/ نايف بن أحمد الحمد قاضي الاستئناف رئيس المحكمة العامة بالرياض سابقاً أن المرابطة على الحدود والثغور في الأماكن التي يخاف على أهلها من أعداء الإسلام هو من الرباط المنصوص عليه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (200) سورة آل عمران. وقال الدكتور نايف الحمد إن ما لاحظناه من تكالب أعداء الإسلام على بلاد المسلمين، وما رأينا من خروج جهلة لنشر الفوضى، وابتغاء الفتة، وإضلال المسلمين، سواء بنشر معتقدات فاسدة أو باعتناق لمذهب الخوارج، ومن ذلك ما فعله الحوثيون في اليمن من تعدٍّ على دين الناس وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم، فسفكت الدماء ومنعت الصلاة، وقُتل الأبرياء، ولكون تصرفات الإمام منوطة بالمصلحة -كما هو مقرر شرعاً- فقد أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله تعالى- بنصرة المستضعفين في اليمن بداية بعاصفة الحزم ثم ألحقها بإعادة الأمل فردَّ العدو من جهة، وأغاث الناس -بفضل الله تعالى وإعانته- من جهة أخرى، وقد قامت القوات المسلحة جميعها بما يجب عليها في ذلك بصورة مشرِّفة ومشرِقة. وزف قاضي الاستئناف الشيخ الدكتور نايف الحمد لإخواننا وأبطالنا على الثغور عدداً من البشائر لهم في الدنيا والآخرة، والفضائل الكثيرة للمرابطين المجاهدين من رجال قواتنا المسلحة ومنها: أولاً: رباط يوم خير من الدنيا وما فيها من نعيم: فعَنْ عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله، أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها» البخاري (2892). ثانياً: الرباط أمان من النار عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله). رواه الترمذي (1639) وأبو يعلى (4346) وصححه الألباني. قال المناوي -رحمه الله تعالى-: «فعبر بالجزء عن الجملة وعبر بالمس إشارة إلى امتناه ما فوقه بالأولى»ا.ه التيسير 2-151. وعن أبي عبس عبدالرحمن بن جبر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما أغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار) رواه البخاري (2811) ومن ذلك ما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنهم في منخري رجل مسلم) رواه أحمد (7480) والنسائي (3107) وصححه ابن حبان (4607). ثالثاً: الرباط خير من صيام وصلاة التطوع فقد قال نبينا -صلى الله عليه وسلم (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه) رواه مسلم (1913) وقال -صلى الله عليه وسلم-: (رباط شهر خير من صيام دهر) رواه الطبراني من حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- بإسناد صححه المناوي في التيسير 2-28 قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: «المرابطة بالثغور أفضل من المجاورة في المساجد الثلاثة، كما نص على ذلك أئمة الإسلام عامة.. وهذا متفق عليه بين السلف، حتى قال أبو هريرة -رضي الله عنه- لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إليّ من أن أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود. وذلك أن الرباط من جنس الجهاد، وجنس الجهاد مقدم على جنس الحج»ا.ه الفتاوى الكبرى 5-146. رابعاً: من مات مرابطاً أمّنه الله -تعالى- عذاب القبر ولا ينقطع عمله عن سلمان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتَّان) رواه مسلم (1913) قال النووي -رحمه الله تعالى-: «هذه فضيلة ظاهرة للمرابط وجريان عمله عليه بعد موته فضيلة مختصة به لا يشاركه فيها أحد»ا.ه شرح مسلم (13-61) وعن فضالة بن عُبيد -رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: (كل الميت يُختم على عمله، إلا المرابط، فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتان القبرِ) رواه أبو داود (2500) وصححه ابن حبان (4624) قال السرخسي -رحمه الله تعالى-: «ومعنى هذا الوعد في حق من مات مرابطاً -والله أعلم- أنه في حياته كان يؤمن المسلمين بعمله فيجازى في قبره بالأمن مما يخاف منه. أو لما اختار في حياته المقام في أرض الخوف والوحشة لإعزاز الدين يجازى بدفع الخوف والوحشة عنه في القبر»ا.ه شرح السير الكبير (1-9). ودعا د. نايف الحمد في ختام حديثه المولى عز وجل قائلاً: اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزم الحوثيين والخوارج وأعداء الدين وانصرنا عليهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.