لحظة تأمُّل    السجن 15 عاماً لعبقري «العملات المشفرة»    21 فرصة عقارية بمزاد شعاع الرياض    المملكة تشارك في اجتماع المانحين لدعم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بنيويورك    وزراء خارجية المملكة ودول عربية وإسلامية يؤكدون على دور (الأونروا) في حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين    الأخضر يواصل تدريباته لمواجهة الأردن في نصف نهائي كأس العرب    تعرف على موعد مباراتي نصف نهائي كأس العرب    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. أمير الرياض يحضر الحفل الختامي للعرض الدولي الثامن لجمال الخيل العربية الأصيلة    أمطار على معظم المناطق حتى نهاية الأسبوع    1145 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ    أمسية شعرية وطنية في «جدة للكتاب»    فسح وتصنيف 40 محتوى سينمائياً    محمد سعد بطل«دياب»    «المبطي» يخطف لقب شوط كأس العالم    «الرباط الصليبي» يغيب النعيمات    دراسة: كلما زاد إقناع الذكاء الاصطناعي قلت دقته    الكهموس: المملكة مستمرة في مكافحة الفساد    المملكة توزع 1000 سلة غذائية في ولاية البحر الأحمر بالسودان    القبض على شخصين لترويجهما القات    ضبط 19576 مخالفاً للإقامة والعمل وأمن الحدود    ورحلت رفيقة دربي أُم تركي    المملكة تقود مستقبل التحول الرقمي    تقرير بريطاني يفتح الباب لرحيل صلاح نحو الدوري السعودي    أمير الشرقية يرعى تكريم الفائزين بجائزة الأحساء للتميز.. غداً    «جائزة الإعلام» تطلق مسار «التميّز»    تحسين الفئات الوظيفية ل3808 من منتسبي المساجد    «الأمر بالمعروف» تفعّل معرض «ولاء» بالطائف    مهاجم نادي الفيحاء يخضع لعملية جراحية ناجحة بمجمع الدكتور سليمان الحبيب الطبي في العليا    مستشفيات الدكتور سليمان الحبيب بالخبر والمحمدية والفيحاء والحمراء والصحافة تحصل على شهادة الاعتماد الدولية JCI    السوق السعودية يغلق الأسبوع على مكاسب محدودة    71.5% من الأنشطة العقارية بالرياض    2.31 تريليون دولار قيمة الإقراض بالبنوك الخليجية    حقن التخسيس تدخل عالم القطط    النوم الجيد مفتاح النشاط اليومي    الهلال يتغلّب على المحرق البحريني بهدف ودياً    الدكتور شجاع آل روق يحتفل بزواج ابنه عبدالعزيز    رب اجعل هذا البلد آمنا    تشكيل منتخب السعودية المتوقع أمام الأردن في كأس العرب    ترمب: هجوم تدمر حدث في منطقة خارج سيطرة الحكومة السورية    «هوبال» يحصد جائزة «فاصلة» لأفضل فيلم سعودي    العزاب يغالطون أنفسهم    غزة بين آثار الحرب والطقس القاسي مع استمرار الضربات العسكرية    السعودية تواصل إيواء النازحين في جنوب غزة    زبرجد فيلم روائي يجذب زوار معرض جدة للكتاب    تنمية الشباب.. الفرص والتحديات من منظور حقوق الإنسان    فريق قوة عطاء التطوعي يحتفي باليوم العالمي للتطوّع ويكرّم أعضاءه    ورشة عمل في فندق كراون بلازا تحت إشراف جمعية القلب السعودية ضمن حملة 55 قلبك بخير    "البيئة" تدعو لتبني سلوكيات التخييم الآمن والتنزه المسؤول خلال فصل الشتاء    كشف السلطة في محل الفول: قراءة من منظور فوكو    سماء المنطقة العربية تشهد زخة قوية من الشهب هذه الليلة    وزراء دفاع الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا يبحثون اتفاقية "أوكوس"    رئيس دولة إريتريا يصل إلى جدة    نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحمك الله يا والدي

ما تعزيات الجميع من أُمراء وأعضاء في هيئة كبار العلماء، وطلبة علمٍ، ونخبة من المثقفين والوجهاء والأصدقاء، وما جموع المشيعين في جنازته المهيبة إلا بلسماً بارداً، ودواءً شافياً، ساهم في تخفيف ألم الفاجعة.
جمالَ ذي الدارِ كانوا في الحياة وهم
بعدَ المماتِ جمالُ الكُتْبِ والسيَرِ
انهالت علي الرسائل من محبي الشيخ تُطالبني بكتابة -ما قَدَرْتُ كتابته- بشكلٍ مبسط عن حياة والدي، ومع أن كل الأحرف قد جثت وتشابكت حداداً لُغوياً على رزيئتي؛ لكن بعد الاستعانة بالله انحلّت العقدةُ، فرفع يراعي عمامته، وهلَّ يسيراً مما قد يخفى على البعض عن حياته -رحمه الله-.
برغم ما أجده من وضوح في سيرته -طيّب الله ثراه- مما كتبه بعض طلبة العلم، وعلى رأسهم شيخي الدكتور محمد الحمد، والذي كتب مقالاً ثرياً في محتواه، باهظاً في معناه، قيّماً في سبكه ومبناه، ثم وعدنا بمقالٍ أوفى وأوفر، فله ولكل من كتب أو غرد جزيل الشكر يعقبه وافر العرفان ويردفهما عظيم الامتنان.
لقد ختم رب البرية -جل في علاه- لأبي الشيخ سليمان السليمان بخاتمة حسنة.. فقد لقي الرفيقَ الأعلى خامسَ أيام عيد الفطر المبارك، بعد أن أُصيب بنوبة قلبية، وهو قائم يصلي مع الناس صلاة القيام، نسأل الله تعالى أن يجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقًا، لقد كان أبي -رحمه الله- يستعين بالصبر والصلاة على ما ابتُلِيَ به من أمراض، فقد كان صبورًا يتجافى جنبه عن المضجع ابتغاءَ مرضاة ربه.
فالله أسألُ أن يكونَ ممن يوفى أجرهم بغير حساب.
كان -رحمه الله- حريصًا على صلة رحمه، مشغوفًا بحضور كل مناسبات العائلة وأبناء عمّه مهما بَعُدُوا أو تباعَدُوا، رغم ما كان به من مرض، وكان يُعَلِّمنا أن صلة الرحم محبة في الأهل.. مَثْرَاةٌ في المال، مَنْسَأَةٌ في الأثر، وأنها من أحب الأعمال إلى الله تعالى بعد الإيمان به.
حتى إنه قبل وفاته بسويعات وهو على سرير المستشفى في قسم القلب يسأل طبيبه مُلحاً:
متى ستسمح لي يا دكتور بالكتابة والتأليف؟..
ثم طلب منا شراء كتاب «قواعد الترجيح عند ابن عاشور في التفسير».. فقرأ منه ما شاء الله له أن يقرأ.. ثم أغلقه ليكمله بعد أن يقوم من النوم.. فبادرته المنية، وعلى الرغم من أن أبناء هذا الجيل قد تميَّزوا على آبائهم في سرعة الوصول إلى المعلومة بالتقنيات الحديثة إلا أن والدي كان أُعْجُوبة في مواكبة عصره، فلا نَلْحقُ رَكْبَهُ في معرفة الأحداث.. وتتبعها.. وحفظها.. وربما تحليلها..
وكان يُتابع الصحف اليومية بشكل دوري.. وفي توقيت معين، كما أنه -أحسن الله نزله لديه- لم يكن بمعزلٍ عن القضايا العلمية والفكرية المستجدة على الساحة، يحملُ هماً باسقاً بين نياط فؤاده هو «هم الأمة» .
كان -رحمه الله- عفَّ اللسان.. طيب الحديث.. لا يذكر أحدًا بسوء أبدًا، وإذا ذُكِرَت سيرة أحدٍ عنده نراه يستطرد في صفاته الحميدة، ولا يتعرض له بسوء أبدًا، حتى ولو خالفه في رأي، أو وجهة نظر..!
ومن عادته -نوّر الله مرقده- أنه كان رَحباً للصغير وللكبير من الناس، ومضيافاً لكبار السن فلا يُقابلهم إلا بوجهٍ متهلِّل بَشٍّ مبتهج وهذا من مكارم الأخلاق التي بُعِثَ نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- لأجل إتمامها.
بشاشة وجه المرء خير من القِرَى
فكيف بمن يأتيك وهو ضاحك؟!
لنا في أبي -رفع الله منزلته- الأسوة الحسنة في الحرص على الصلوات في المسجد، والتبكير إليها، فمع اشتداد المرض عليه لم يكن ليترك صلاة الجماعة، والتبكير إليها، ولا شهود الجنائز، أضف إلى ذلك حرصه على قيام الليل، فمن شَبَّ على شيء شاب عليه، ومن شاب على شيء ماتَ عليه، ومن مات على شيء بُعِثَ عليه.
تعلمتُ من أبي -رحمه الله- الصدق في القول والعمل.. فكان لا يحدِّث الناس إلا بحديث صادق، ولا يعدهم بشيء ويتخلف عنه أبدًا، فكان صادق الوعد والصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقًا.
ومُذ فقتُ الدنيا وعَقلتها، ما عهدته إلا سَمْحًا، رقيق القلب، يحب الرفق في الأمر كله، يعاملنا بكل مودة، لا يُحِّمل الآخرين فوق طاقتهم، يقابل الإساءة بالإحسان، لذا فقد استطاع أن يأسر قلوب الآخرين بحسن خلقه.
أما عن برِّه بوالدته -رحمها الله-! فو الله أنِّي حين أرى مشاهد البرِّ منه، رغم اشتداد مرضه وآلامه، لأتذكّر قصص سلفنا الصالح.
تحلى والدي -أكرم الله مثواه- بالجود والكرم.. فكان يكرم الضيف، ويعود الفقراء والمساكين ويتلمّس حاجتهم، ولم يقصده أحد في شيء إلا هَبَّ إلى مساعدته.
رأيتُ في أبي -رحمه الله- أنه كان لا يحب الجلوس في مجلس فيه هَمْز أو لَمْز، فمن شأن المسلم الحق أن يصون نفسه عن ذكر إخوانه بسوء، فلا يرضى لهم ما لا يرضاه لنفسه، وكان يعلِّمنا أن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
** **


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.