يعد النقل العملية الحيوية الأهم لأي اقتصاد ولأي وطن طموح يرغب في الترقي إلى مصاف الدول المتقدمة.. والمملكة تنظر له كقطاع مهم وإستراتيجي في رؤيتها لعام 2030 .. فالنقل هو شريان التنمية ووقود الاستثمار، سواء نقل الأفراد أو البضائع كخامات أو منتجات نهائية. وتشير خطة وزارة النقل إلى أن خطة النقل الوطنية للمملكة أضحت متناسقة ومتناغمة مع إستراتيجية التنمية التي تشرف عليها وزارة الاقتصاد والتخطيط، حيث تهدف إلى تطوير قطاع النقل وتسخير كل طاقاته الاستيعابية لتحقيق متطلباتها. فمساهمة قطاع النقل تتركز في إزالة العوائق المادية والقانونية والإدارية لتحفيز النمو الاقتصادي في القطاعات ذات العلاقة. ومن منطلق ذلك، تتجه الجهود الرسمية إلى ما يلي: تطوير قطاع النقل بما يحقق أهداف رؤية المملكة 2030 ضمن خطة إستراتيجية من المجلس الأعلى للاقتصاد والتنمية تشرف الوزارة على تنفيذها. تعزيز مكانة المملكة كمنصة لوجستية مميزة بين القارات الثلاث. إعداد دراسة لسياسات وتشريعات النقل العام في المملكة لتطوير الإستراتيجيات الشاملة. الإشراف على تنفيذ الخطط المستقبلية لقطاع الخطوط الحديدية في مختلف أنحاء المملكة، والعمل على زيادة الإيرادات من أراضي المؤسسة العامة للخطوط الحديدية. الإشراف على برامج الخصخصة في الهيئة العامة للطيران المدني بمشاركة القطاع الخاص في عملية تمويل وتشغيل وصيانة مشاريع الطيران المدني في المطارات ومرافقها. أنواع النقل في المملكة تمتلك المملكة واحدة من كبريات شبكات الطرق بالشرق الأوسط وأكثرها تنوعًا ما بين طرق برية وجوية وبحرية. حيث تمتلك المملكة شبكة هائلة الطول والكفاءة من الطرق البرية يزيد أطوالها عن 64 ألف كم طولي ما بين طرق سريعة ومزدوجة ومفردة بين المدن. كما تمتلك المملكة شبكة نقل بحري، تضم 5 موانئ تجارية ونحو 5 موانئ نفطية، ونحو مينائين لنقل الركاب وحوالي 7 موانئ لصيد الأسماك. هذا بجانب شبكة مطارات جوية عديدة ومتنوعة يصل عددها إلى 27 مطارًا. على الجانب الآخر، تمتلك المملكة خطوط سكك حديدية تربط ما بين ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام وما بين الميناء الجاف بمدينة الرياض ويمر بالأحساء وبقيق والظهران وحرض. توسعات قطاع الخطوط الحديدية تقوم الخطط الآن على تنفيذ خطوط وتوسعات تتمثل فيما يلي: مشروع قطار الشمال (مشروع الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)) الذي يبلغ طوله الإجمالي 3 آلاف كيلو متر. مشروع قطار الحرمين السريع للركاب الذي يبلغ طوله 450 كيلو متر ويربط كل من مكةالمكرمة والمدينة المنورةوجدة. مشروع الجسر البري البالغ طوله 1150 كيلو متر، ويربط غرب المملكة على ساحل البحر الأحمر بشرقها على ساحل الخليج العربي، والذي يجري حالياً إعداد الدراسات التصميمية والفنية والمالية له. أي أن توسعات السكك الحديدية ستتضاعف تقريبًا عشر مرات وضعها الحالي. النقل بالخطوط الحديدية في ضوء ارتفاع أسعار الوقود بدأت مؤسسة السكك الحديدية بالمملكة في عام 1951 إلا إنه نظرًا لرخص أسعار الوقود لطالما كان الاهتمام بالنقل والمواصلات بالطرق البرية بالسيارات أو أحيانًا بالباصات. ولم يكن السفر بالسكك الحديدية يحظى باهتمام كبير حتى سنوات قريبة. إلا إنه في ضوء الارتفاع الذي يلحق بأسعار الوقود في ضوء إزالة الدعم الحكومي، فقد لحقت تغييرات كبيرة بتفضيلات الأفراد، حيث إن السفر البري بالسيارة أصبح مكلفًا للغاية، بحيث أن رحلة الفرد الواحد أصبح مغالى فيها. في المقابل، أصبح الإقبال على فكرة السفر بالسكك الحديدية أكثر قبولاً وخاصة في ظل الأمان الأعلى الذي يكتنفها. النقل الاقتصادي والسكك الحديدية اقتصاديًا في كل دول العالم يعتبر النقل بالقطارات هو البديل الاقتصادي والأرخص لكل الأفراد سواء كوسيلة مواصلات أو لنقل البضائع. وبدأت كثير من دول العالم تنظر إلى هذا الأمر عن طريق زيادة التوسعات الأفقية والرأسية في النقل الحديدي. التوسع الأفقي من خلال زيادة عدد الرحلات وتكثيفها لتغطية الطلب المتزايد، إلا إن التوسع الأفقي ينجم عنه تكاليف إضافية غالبًا تتجلي في زيادة الضغوط على البنية التحتية ومن ثم ارتفاع تكاليف الصيانة والإهلاك. في دول كأوربا وآسيا بدأت تظهر تجارب ناجحة للتوسع الرأسي بحيث يوجد القطار الذي يسحب وراؤه حوالي عشرات وربما مئات العربات، ويقال إن القطار الموريتاني يسحب خلفه 220 عربة لنقل البضائع. وتشير بعض التقارير إلى أن عدد عربات قطار نقل الفوسفات بالمملكة وصل إلى 160 عربة، وهو نموذج قابل للتطبيق في الخطوط الأخرى ونقل الركاب على الأقل نسبيًا. بالطبع أن التوسع الرأسي سيسمح بتقليص نفقات الرحلة للقطار ومن ثم السماح بتخفيض أسعار التذاكر للأفراد. إنها ثقافة ومنظومة جديدة تطرحها وحدة أبحاث «الجزيرة» لكي تكون البديل العملي والاقتصادي للنقل في المملكة. هذه المنظومة لو وصلت للتوسع التجاري المطلوب ستؤدي إلى انخفاض تكاليف انتقال الفرد ما بين شرق المملكة إلى جنوبها بنسب هائلة. ناهيك عن مقارنتها بتكاليف ملئ تانك السيارة لأربع مرات للذهاب في رحلة 1000 كيلو متر طولي. إن رؤية 2030 تحتاج منا تغيير الثقافة الاقتصادية أولاً قبل بناء منظومات البنية التحتية المطلوبة لها.