نثمّن مسيرة الأستاذ الدكتور محمد الصامل ذي الجهد المبدع والخلاق حيث قدم للمكتبة البلاغية نخبة منتقاة من الذخائر العلمية المميزة، ولعل أهم ما يسم جهوده الرائدة عنايته ببلاغة أهل السنة، إذ لا يمكن للباحث المقارب لموضوعات تمسّ صلة أهل السنة بالبلاغة دون أن يفيد مما كتبه فارس هذا المجال الدكتور محمد الصامل وبخاصة في كتابه: المدخل إلى دراسة بلاغة أهل السنة، الصادر عن دار إشبيليا, بالإضافة إلى ثلة من إسهاماته العلمية كدراسته المعنونة ب«الأسلوب الحكيم: دراسة بلاغية تحليلية»، وحقق فيها رسالة في بيان الأسلوب الحكيم لابن كمال باشا ، وبحثه : «من بلاغة المتشابه اللفظي في القرآن الكريم» . لقد كان الدكتور الصامل معنياً ببيان أن التوجيه البلاغي للنصوص قد يسيّره هوى الشخص أو معتقده، لذا فلا بد من الاعتداد بالقرينة المعتبرة، وهذه عنده أبرز ما يميز بلاغة أهل السنة، واهتم بالنص على المباحث المشتركة في البلاغة بين أهل السنة وغيرهم وهي مساحة واسعة في علم البلاغة، وقد احتفى د. الصامل بالمضمون البلاغي عند أعلام البلاغة السنّية ومنهم على سبيل المثال: ابن قتيبة، وضياء الدين بن الأثير، وشرف الدين الطيبي، وعز الدين الموصلي، وابن قيم الجوزية، وشهاب الدين محمود، وابن حجة الحموي، ومرعي الحنبلي، والشوكاني؛ هذا على سبيل الإجمال . ومما يتوقف عنده الدارس البلاغي من جهود الدكتور الصامل: بحثه عن قضية الفصل والوصل بين المفردات عند البلاغيين، المنشور في مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وبحثه: «قضايا المصطلح البلاغي: كثرته، وتعدده، واشتراكه، وصياغته، المنشور في مجلة جامعة أم القرى . وعناية الدكتور الصامل بالبحث العلمي في تخصص البلاغة صيّرته أحد رواد هذا العلم بين الأساتذة السعوديين بحثاً وتدريساً وإشرافاً، وقد شرفت بمناقشة بعض طلابه فلمست أثره الحسن في منهجية بحث الطالب ولغته . والدكتور الصامل قامة أخلاقية ومدرسة في حسن الخلق وطيب المعشر، ولعل من أعظم أخلاقه تواضعه الجم جبلّة لا اصطناعاً ، سلوكاً ومنهجاً، كأنما يقول لطلابه إن العالم المتواضع يدرك أن بضاعته في العلم قليلة مهما زادت، وبسيطة مهما عظمت، وفي الوقت ذاته لا يزهو بنفسه، ولا يأخذه العجب أو الغرور بما عنده، وما حصّله . ولا ريب في أن التكريم إنما يكون للدكتور الصامل وأمثاله، بل في تكريمه تكريم لأهل التخصص جميعاً، ولكل من أعطى للعلم سنوات العمر الغالية، وانتمى لخير المسالك في تحصيل المعرفة ونشرها.. فالشكر المتواصل لمن كرم الدكتور الصامل شكراً مضاعفاً في طياته الاستحسان والامتنان . ** **