في تقسيمات البلاغيين ما بين علم المعاني والبيان والبديع يتم إدراج المذهب الكلامي ضمن علم البديع، وتحديدا في المعنوي منه. ولذلك نجد أن شروح التلخيص، وتحديدا شرح التفتازاني، وبعض الشروح الأخرى لتلخيص المفتاح للقزويني، تشير إلى أن كلمة (ومنه) التي يبدأ فيها القزويني حديثه عن المذهب الكلامي أنه يقصد من البديع المعنوي، على اعتبار أن المذهب الكلامي جنس بديعي يندرج تحت البديع المعنوي. وقد أدرج المذهب الكلامي في البديع لأنه لا يستلزم في المحاورة أن تكون على طريقة أهل الكلام من مقدمات منطقية، فبعض البلاغيين يرى فيه شيئا من التكلف، في حين يرى آخرون بأنه لا تكلف فيه، وعلى ذلك أدرج هذا اللون في البديع باعتباره ليس أصلا في إيراد المعاني أو بيانها؛ إلا أنه -برأينا- يحتاج إدراجه في البديع إلى إعادة نظر لكون الحجة يمكن لها توليد العديد من المعاني، وكلام العرب كان بعضه في إيراد الحجج، كما أن تأثير المنطق في البلاغة العربية، وخاصة في علم المعاني، كان كبيرا، ويحتاج إلى دراسة مستقلة. كما أن بعض أصول المذاهب الإسلامية كالمعتزلة والأشاعرة، وغيرهما، كان عائدا إلى التأثيرات المنطقية، بل إن أصول الفقه في المذهب السني فيه جوانب تأثر بها في المنطق، مما يجعلنا نعيد النظر في كونه أحد ألوان البديع، ولكن يحتاج كل ذلك إلى بحث موسع يصعب الحديث عنه هنا. من يتتبع كلام النقاد القدامى فسوف يجد أن المذهب الكلامي يعود إلى المسألة الحجاجية لذلك أسماه ركن الدين الجرجاني في الإشارات والتنبيهات بالمحاجة وهي عنده «ادعاء أمر مع الحجة عليه». لكن يتوسع بعض النقاد الأقدمين في الحجاج إلى أبعد من المذهب الكلامي فكان أقرب لديهم إلى مفهوم الجدل الكلامي في العلوم النظرية المنطقية الذي لا يفيدنا هنا كثيرا. والمقصود من كتابتنا هنا هو البحث عن مخارج جديدة في البحث البلاغية يمكن النظر إلى البلاغة العربية من خلالها يمكن للحجاج البلاغي أن يسد ثغرات كثيرة فيها أو يطورها وللحديث بقية عن هذا الموضوع.