الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    اتحاد الصم يشكل منتخباً نسائياً    اكتشاف كوكب عملاق خارج النظام الشمسي    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    أكد أهمية الحل الدائم للأزمة السودانية.. وزير الخارجية: ضرورة تجسيد الدولة الفلسطينية واحترام سيادة لبنان    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    التصعيد الروسي - الغربي.. لعبة خطرة ونتائج غير محسوبة    سمو ولي العهد: سنواصل تنويع وتوسيع اقتصاد المملكة وتعزيز مكانتها الرفيعة    الرياض الجميلة الصديقة    سيتي سكيب.. ميلاد هوية عمرانية    المملكة وتعزيز أمنها البحري    طائرة الأهلي تتغلب على الهلال    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    الفيصلي يحتاج وقفة من أبناء حرمة    مبدعون.. مبتكرون    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    الجموم بمكة المكرمة تسجّل أعلى كمية لهطول الأمطار ب (22.8) ملم    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    «إثراء» يُعيد وهج الحِرف اليدوية بمشاركات دولية    رياض العالم وعالم الرياض    هؤلاء هم المرجفون    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    نوف بنت عبدالرحمن: "طموحنا كجبل طويق".. وسنأخذ المعاقين للقمة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمو ولي العهد في حديث موسع لمجلة التايم الأمريكية: اقتصادنا سينمو وسنخلق وظائف كثيرة للسعوديين
سموه خلال لقائه الرئيس الأمريكي
نشر في الجزيرة يوم 07 - 04 - 2018

أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع أن مستقبلاً مشرقاً ينتظر المملكة، وأن هناك 90 في المائة من قدراتها لم تستغل بعد. وأشار سموه في حديث أجرته مجلة التايم الأمريكية مع سموه أن مكامن القوة السعودية لم تعد في تصدير النفط فحسب، بل في تكريره والمواد والحركة والنقل والمعادن والغاز وهو ما يعني أنها تسير في الطريق الصحيح. وبيّن سموه أن المملكة استشرفت خطر الإرهاب قبل وقوعه، عندما طالبت بالقبض على بن لادن منذ التسعينيات وقبل أحداث 11 سبتمبر ب10 سنوات عندما كانت هناك أصوات في الغرب تبرر لابن لادن فعله بأنه حرية تعبير، مؤكداً أنه لولا تدخل التحالف العربي في اليمن لتكررت مأساة داعش في العراق. وقال سموه: إن التحالف العربي في اليمن لا يهاجم إلا الانقلابيين وفي أماكن الصراع التي ينطلقون منها وليس على صنعاء مثلاً التي تكتظ بالمدنيين العزل.. وفيما يلي تفاصيل الحوار.
* منذ متى وأنت تفكر في القيام بهذه الجولة؟ وما هدفك من ورائها؟
- حينما بدأت أفكر بالقيام بجولة كانت لدينا خطة لأجل السعودية. ونحن نفعل ما بوسعنا لتحقيق وتنفيذ هذه الخطط. ولتنفيذ ما نقوم به توجب علينا أن نحظى بكثير من الشركاء من حول العالم. والولايات المتحدة أحد أقدم حلفائنا في العالم بأكمله، ونحن أقدم حلفائها في الشرق الأوسط، والعلاقة الاقتصادية بين البلدين عميقة جدًّا.
* لقد قضيت بعضًا من الوقت في واشنطن، كيف كان ذلك؟ إذ يبدو أنك تحظى بعلاقة شخصية جيدة جدًّا مع الرئيس وعائلته.
- بالطبع لدينا علاقة جيدة مع الرئيس ترامب، ومع فريقه، ومع عائلته، ومع جميع الأشخاص المهمين في إدارته، ولدينا أيضًا علاقة جيدة جدًّا مع كثير من أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين، وكثير مع الأشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية. والجميع يؤمن بأهمية البلدين في مواجهة المخاطر التي تواجهنا، وبأهمية الاستمرار في إيجاد مستقبل أفضل لكلا البلدين.
* أثناء عهد الإدارة السابقة الأمور قد أصبحت شائكة جدًّا في النهاية، خاصة فيما يتعلق بصراع اليمن.
- نعم. قد لا نتفق حول بعض الأمور مع الرئيس أوباما، حول بعض آراء الرئيس أوباما، ولكننا أيضًا نتفق حول كثير من الأمور؛ ولذلك عملنا سوية في مكافحة الإرهاب مع الرئيس أوباما في بداية عام 2016، وكانت لدينا وجهات النظر ذاتها تجاه النظام الإيراني، والخطر الذي يشكله النظام الإيراني. كان الفارق الوحيد يتمثل في الطريقة التي يجب أن نتعامل بها مع تلك الرواية الشريرة للنظام الإيراني. وهذا ليس فرقًا كبيرًا؛ فنحن في صف واحد بنسبة 99 في المئة، والفارق ما هو إلا 1 في المئة فحسب. ولكن - كما تعلم - الناس تحاول التركيز على الواحد في المئة، وتتجاهل التسعة وتسعين في المئة التي نتفق حولها.
* لقد تطرقت لإيران. أنا متأكد أنك رأيت اختيار الرئيس ترامب مؤخرًا لجون بولتون مستشارًا للأمن الوطني. وجون يشاركك كثيرًا من الآراء التي لديك أنت تحديدًا تجاه إيران. كيف كانت ردة فعلك عندما تم اختياره؟
- حسنًا. نحن نتعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأيًّا كان الشخص الذي يمثلها فنحن سنعمل معه. ونعتقد أن مصالحنا متماشية مع المصالح الأمريكية. وأعتقد أنه بإمكاننا أن نعمل معه بالطبع. ولا نخوض كثيرًا في آرائه؛ لأنها آراؤه الشخصية، ليست آراء الولايات المتحدة. وأنا متأكد أنه عندما يتم تعيينه فإنه سيمثل آراء الولايات المتحدة الأمريكية، وسنتعامل معه، وسنرى إلى أين تسير الأمور. ولكننا بالطبع سندعمه.
* أشعر بالفضول حقًّا حول الطريقة التي توصلت بها إلى خطتك في السعودية.
- نحن الآن في عهد الدولة السعودية الثالثة التي أسسها جدي الملك عبد العزيز، الذي يُعرف أيضًا بابن سعود. وتأسست السعودية الأولى قبل 300 عام. ولذلك بعد فترة الملك عبدالعزيز وفترة الملك سعود وتأسيس [الدولة] السعودية الثالثة، جاء الملك فيصل بفريق شاب عظيم جدًّا، وكان من بين فريقه الملك خالد والملك فهد والملك عبدالله والملك سلمان والأمير سلطان والأمير نايف، والكثير من الأشخاص الآخرين. وقد تمكنوا من تحويل البلاد من بيوت طينية إلى مدن حديثة ذات معايير عالمية، بنية تحتية حديثة، وبلاد من ضمن مجموعة ال20، وبلد من بين أكبر عشرين اقتصادًا في العالم، وغيرها الكثير. ومن الصعوبة إقناعهم بأن هناك الكثير من الأمور ينبغي فعلها؛ لأن ما حدث في وقتهم خلال تلك ال 50 - 60 عامًا هو مثل ما حدث في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية في ال 300 - 400 عام الأخيرة. وقد شاهدوا النقلة بأكملها في حياتهم.
إلا أنه بالنسبة لنا، بوصفنا جيلاً شابًّا، أننا لم نشاهد ذلك؛ لأننا ولدنا في تلك المدينة الحديثة والرائعة، وعشنا في اقتصاد يعد بالفعل ضمن أكبر عشرين اقتصادًا في العالم، وكان تركيزنا على ما كنا نفتقده، وما لا نستطيع القيام به. ونؤمن نحن أن السعودية - حتى يومنا هذا - لم تستغل إلا 10 % من قدرتها، ولدينا 90 % متبقية لنحققها.
وعليه فإن الخطط والرؤية تتمحور حول ال 90 % المفقودة؛ فكيف يمكن لنا تطبيقها بأكبر قدر ممكن وأسرع وقت ممكن. نحن نرسم خطتنا بناء على مكامن القوة لدينا؛ فلا نريد أن نقلد غيرنا، ولا نريد أن نبني وادي السيلكون؛ فهنالك بعض وسائل الإعلام التي تقول إن السعودية تبني وادي سيلكون في السعودية، وهذا غير صحيح؛ فنحن نرسم اقتصادنا بناء على مكامن القوة لدينا: تكرير النفط، والمواد، والحركة، والنقل، والمعادن، والغاز.. فلدينا العديد من اكتشافات الغاز في البحر الأحمر، ولدينا محتوى محلي وميزان مدفوعات. وننفق 230 مليار دولار سنويًّا خارج السعودية. وإن لم نفعل شيئًا فإن هذا الرقم سيرتفع في عام 2030 ليصل إلى ما بين 300 و400 مليار دولار، ستُصرف خارج السعودية.
والخطة هي أن تنفق نصفها في المملكة العربية السعودية. لدينا برامج عدة لتحقيق ذلك؛ فلدينا الخصخصة. ويأتي على قمة الهرم طرح أرامكو، وضخ هذه المبالغ، وتقديم الأصول الحكومية وغيرها من الأصول والاحتياطيات النقدية الأخرى في صندوق الاستثمارات العامة، ودفعه ليصبح أكبر صندوق على مستوى العالم، بقيمة تتجاوز تريليونَي دولار. فقبل عامين كان حجم صندوق الاستثمار العام 150 مليار دولار أمريكي. أما اليوم فحجمه 300 مليار دولار أمريكي. وفي نهاية عام 2018 سيبلغ نحو 400 مليار دولار، وفي عام 2020 سيصل إلى ما بين 600 - 700 مليار دولار، وفي عام 2030 سيكون أعلى من تريليونَي دولار. وسنستثمر نصف هذه الأموال لتمكين المملكة العربية السعودية، وال 50 % المتبقية سنستثمرها في الخارج؛ لنضمن أن نكون جزءًا من القطاعات الناشئة في جميع أنحاء العالم.
* ما مدى التحدي الذي تواجهه في وضع الاستثمار في الأماكن الصحيحة؟ وما مدى التحدي الذي تواجهه في تغيير طبيعة التعليم في السعودية، وتغيير التوقعات الثقافية حول من يفترض أن يعمل؟
- أولاً وقبل كل شيء، إن تعليمنا ليس سيئًا. إنه جيد؛ فنحن في المرتبة ال41 من بين [أفضل] أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم. وتحتل فرنسا المرتبة ال40؛ لذا فنحن تقريبًا مثل فرنسا، وذلك فيما يتعلق بجودة نظام التعليم. ولا يمكن لأي بلد كبير أو اقتصاد كبير أن يكون من بين أفضل 10 دول. إنه أمر صعب للغاية؛ لأنك إذا نظرت إلى أفضل 10 أنظمة تعليمية فسوف ترى سنغافورة، وسوف ترى الدول الصغيرة التي يمكنها التركيز بسهولة على نظامها التعليمي. ومع ذلك، فإن طموحنا هو ألا نستمر بجانب فرنسا، بل هو أن نكون ضمن أفضل 30 إلى 20 [نظامًا تعليميًّا] في السنة القادمة، وخصوصًا أن طريقة التعليم تتغير في العالم؛ ولذلك إذا كنا نريد الاحتفاظ بالمرتبة ال41 ولم نفعل شيئًا فإنه مع التغيير الجديد في أسلوب التعليم وفهم التعليم لن نكون في قائمة أفضل 100 خلال السنوات العشر القادمة؛ ولذلك نحن نعمل على ذلك. كما أننا نتابع ذلك بعناية، ولا نريد الاستمرار في هذه المرتبة؛ فنحن نريد أن نكون في وضع أفضل في السنوات ال12 المقبلة. وطبعًا هذا بخصوص الحديث عن التعليم.
وفيما يتعلق بالجوانب الثقافية والاجتماعية فإننا نريد أن نحصل على أفضل المواهب، ونقنعها بأن تأتي من الخارج، وتعيش وتعمل في السعودية؛ فيجب أن يكون لديك معايير اجتماعية وثقافية جيدة. ولا يمكن أن يكون لديك معايير معيشية وثقافية سيئة إذا كنت تريد أن تنمو، وأن تكون أكبر بكثير اقتصاديًّا؛ لذا هذا أمر مهم للغاية؛ فنحن نحاول أن نتطور. وأعتقد أنه في السنوات الثلاث الأخيرة فعلت السعودية أكثر مما حدث في الثلاثين سنة الماضية؛ وذلك لأن هذا يتماشى مع اهتماماتنا نحن السعوديين؛ لكي نكون قادرين على المنافسة في الحياة الثقافية والاجتماعية. وإن الإسلام منفتح، وليس مثلما يحاول المتطرفون إظهاره عن الإسلام بعد عام 79.
ولذلك نحن نعمل جاهدين في هذا المجال، ونحاول أن نبذل قصارى جهدنا؛ فلدينا أكثر من 10 ملايين أجنبي في السعودية، ومعظمهم يعملون، ومن أسر هؤلاء الموظفين. ونحن نعتقد أن [هذا العدد] لن ينخفض، بل سيزداد؛ لأننا نعتقد أن السعودية كي [تحقق] طموحها تحتاج إلى الكثير من الموارد البشرية والقوة البشرية؛ لذلك سيتم خلق الكثير من الوظائف للسعوديين وللأجانب لتنفيذ ما نحاول بناءه في السعودية.
* هل تعتقد أنه بإمكانك الحصول على ثقافة العمل؟
- بالطبع. يجب علينا فعل ذلك. ويجب أن نكون منافسين.
* إن الإسلام الذي تصفه ليس بالضرورة هو الإسلام الذي يرتبط به الجميع في بلدك؟؟
- نعتقد أن الممارسة اليوم في القليل من الدول - من بينها السعودية - ليست ممارسة الإسلام، بل هي من ممارسة الأشخاص الذين اختطفوا الإسلام بعد عام 79. كما أنها ليست من ممارسة الحياة الاجتماعية في السعودية حتى قبل عام 79، بل إنها أيضًا لا تتماشى مع فكرة السعودية بأنها دولة تتبع الإسلام منذ الدولة السعودية الأولى. وكما ترى، فإن الفكرة هي أن الدولة السعودية الأولى حاولت معالجتها. إن الإسلام مختلف تمامًا عما يحاول المتطرفون الترويج له اليوم. ففي الدولة السعودية الأولى كانوا يحاولون جعل الناس يعبدون الله، وليس شجرة نخل؛ لأن الناس في ذلك الوقت كانوا يعبدون النخل؛ لتصبح المرأة حبلى. وحاول المتطرفون الترويج إلى أن الدولة السعودية الأولى ستعود من أجل أن يروجوا لأفكارهم، وهذا ما كانوا يعملون على بنائه بعد عام 79، وخصوصًا أنهم اختطفوا النظام التعليمي وكثيرًا من المجالات للتلاعب بذلك.
وهذا ما نحاول إظهاره للشعب السعودي، وتحديهم بممارسات الدولة السعودية الأولى والثانية، والدولة السعودية الثالثة قبل عام 79، وأيضًا ممارسات الرسول نفسه خلال حياته. فإذا قال أحدهم إن «النساء لا يحق لهن ممارسة الرياضة» فسنقول لهم ماذا عن أن الرسول تسابق مع زوجته؟ وإن قال أحدهم إن «النساء لا يحق لهن ممارسة التجارة» فسنسألهم ماذا عن زوجة الرسول؛ فقد كانت سيدة أعمال، وكان يعمل لديها. إذًا حتى ممارسات الرسول في صفنا؛ لذا أعتقد أنه بإمكاننا إنجاز ذلك بسرعة كبيرة. أنا لا أريد إضاعة وقتي، فأنت تعلم أني لا أريد إضاعة وقتي. فأنا شاب، ولا أرغب أن يضيع 70 في المئة من الشعب السعودي حياتهم محاولين التخلص من هذا. نرغب بفعل ذلك الآن، نرغب بقضاء 70 في المئة من وقتنا في البناء وفي تطوير اقتصادنا وتوليد الوظائف وإنشاء أشياء جديدة، وتحقيق الأمور.
* هل ترى أن هذا الأمر يشكل خطرًا بأي شكل من الأشكال على سلامتك، طبعًا أعني محاولة الابتعاد عن الوهابيين؟
- من هو الوهابي؟ ينبغي عليك أن تشرح من هو الوهابي؛ لأنه لا يوجد شيء يعرِّف بالوهابي. وإن هذه عبارة عن أحد أفكار المتطرفين بعد عام 79؛ وذلك لإدخال العامل الوهابي لكي يكون السعوديون جزءًا من شيء لا ينتمون له؛ لذا أحتاج إلى شخص يشرح لي ما هي تعاليم الوهابية. لا يوجد شيء يسمى بالوهابي. لدينا في السعودية طائفتان: السنية والشيعية، ولدينا أربع مدارس فكرية سنية. كما أن لدينا مدراس فكرية شيعية كثيرة/ وهم يعيشون حياة طبيعية في السعودية؛ فهم يعيشون باعتبارهم سعوديين في السعودية. وقوانيننا مشتقة من القرآن وممارسات النبي. وهذه القوانين لا تحدد أي طائفة أو مدرسة فكرية بعينها.
هناك عضو في المجلس، مجلس الوزراء في السعودية، من أتباع الطائفة الشيعية. وهناك عضو في البرلمان [مجلس الشورى] من أتباع الطائفة الشيعية. إن الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو - وهي أكبر شركة في العالم - من أتباع الطائفة الشيعية. أهم جامعة في الشرق الأوسط، وتقع غرب السعودية (جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست») مَن يترأسها؟ إنه شخص من أتباع الطائفة الشيعية؛ ولذلك فإننا لا نميز بين السعوديين بناء على طوائفهم؛ فنحن نعيش في السعودية باعتبارنا سعوديين.
مما يعني أن فكرة الوهابية تم الترويج لها من قِبل طرفَيْن: أحدهما المتطرفون الذين يرغبون في أن تختطف السعودية من قبل فكرة، يروج لها باعتبارها فكرة ليست بجديدة، وأنهم أرادوا أمرًا قديمًا، وهو أن ذلك أساس السعودية، وأنه يجب علينا أن نلتزم به. هذا هو الطرف الأول. الطرف الثاني هو النظام الإيراني من أجل عزلنا عن العالم الإسلامي بأكمله، وذلك بزعم أننا نختلق طائفة مختلفة في السعودية. وإذا ما نظرت إلى مجلس العلماء الذي يعد مجلس الإفتاء فإنك ستجد أنه مكون من أشخاص قد يميلون إلى المدرسة الفكرية الحنبلية، وبعضهم للمدرسة الفكرية الحنفية أو المالكية أو الشافعية. ونحن نشجع هذا التنوع في المدارس الفكرية في السعودية.
* هل لديك أي مخاوف بشأن محاولة الانفصال هناك؟ - مخاوف بشأن ماذا؟ أمنك الشخصي.
- لا، إننا نقوم بالأمور الصحيحة. ولا يمكن لأي شخص عقلاني أن يجادل مع ما هو صائب، وما هو صحيح، ومع الأمر المهم؛ لذا فإن ما نفعله هو الإسلام، وما نفعله هو ممارسة النبي، وما نفعله هو ممارسة أسلافنا في الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، قبل عام 79. ثانيًا: إن ما نفعله يصب في مصلحة الشعب والعامة. إن غالبية البشر، الغالبية العظمى، واقعيون. وبالطبع إذا عملنا جيدًا فسوف يفهم الناس ذلك. وبطبيعة الحال، بدون دعم الناس لم نكن لنستطيع فعل ما كنا نفعله في السنوات الثلاث الأخيرة. وفي الواقع، اعتقدنا أن الأمر سيستغرق أكثر من 10 سنوات. لكن لماذا نفعله خلال ثلاث سنوات؟ لأن الناس يدعمون هذه الخطوة.
سأعطيك مثالاً: اليوم الوطني الأخير. كما تعلم، الشعب في السعودية لم يعتد على الاحتفال باليوم الوطني؛ لأن كثيرًا من المتطرفين قد أخبروهم بأن الاحتفال باليوم الوطني محرم. وعندما نظم المسؤولون السعوديون خططًا لليوم الوطني في كل مدينة وقرية في السعودية هاجم المتطرفون ذلك، وأن ذلك ضد الإسلام، ولن يذهب أحد، هذا ضد رغبة الشعب. وفي اليوم الوطني يظهر الناس، وهناك الملايين في الطرقات يحتفلون باليوم الوطني؛ لذا من الواضح أن الشعب يدعم ذلك. ودون دعمهم من المستحيل، ومن غير الممكن أننا سنحقق أي شيء.
* هل تظن أن المملكة ستتقدم ويصبح نظامها أقل من كونه ملكيًّا مطلقًا في المستقبل؟ هل ترغب في أن تكون في يوم ما، مثلما يقول الملك عبد الله ملك الأردن، الذي يرغب في أن يكون ملكًا دستوريًّا يومًا ما؟
- ما يجب أن نركز عليه هو الغاية وليس الوسيلة. وهذه الغاية هي حكم القانون، وحرية التعبير، وحرية العمل، والأمن. هذه هي الغايات التي يتفق عليها الجميع، وهي الغايات التي نتفق عليها في السعودية بطريقتنا الخاصة. يجب أن نتبع هذه الوسائل لنصل إلى تلك الغايات.
ولنذكِّر الأمريكيين: لو لم يكن الأمر يتعلق بالملكية المطلقة لما كان لديكم الولايات المتحدة الأمريكية اليوم. فمن ساعد قبل ثلاثمائة عام في استقلال أمريكا؟ لقد كانت الملكية المطلقة لفرنسا. فبدون مساعدتهم لكان هذا بلدًا مختلفًا، وكانت المنطقة مختلفة، ولكان التاريخ مختلفًا.
إذن ما يجب أن نركز عليه هو رؤية أي نوع من النظام الذي يمكن أن يشكل خطرًا على الولايات المتحدة الأمريكية، مثل الاتحاد السوفييتي، عندها ينبغي أن تتعامل معه. ولكن إذا كان هناك نظام يمكن أن يخلق الفرص والتقدم مع الولايات المتحدة الأمريكية أو دول أخرى فإن هذا يعني أنه نظام يمثل ما يعتقد شعبه بأنه نجاح. ويمكننا أن نرى هذا الأمر في عام 2011 [مع الربيع العربي]، ماذا حدث لأنظمة ومؤسسات دول لم تتناسب مع شعوبها؟ وماذا حدث لهم؟
* أنت لا تمثل فقط الجيل التالي، ولكن أيضًا تمثل عائلة واحدة فقط؛ لذلك فإنه بالنسبة للشعب سيبدو أنك قد تكون أكثر حذرًا، وربما أقل استقرارًا. ومع ذلك قمت بتحركات قوية جدًّا.
- لا، في الواقع - أولاً - الملك لديه الحق في اختيار ولي العهد وولي ولي العهد، ولا يمكن لأحد أن يصبح ولي العهد أو وليًّا لولي العهد دون إجراء التصويت الذي يتم بين 34 ناخبًا، يمثلون أبناء الملك عبد العزيز. وأنا حصلت على أعلى نسبة أصوات في تاريخ المملكة العربية السعودية، أكثر من أي شخص آخر قبلي؛ فقد حصلت على 31 من بين 34 صوتًا من مجلس البيعة؛ لذلك هذه هي الأعلى. وثاني أعلى رقم في المملكة العربية السعودية كان 22 صوتًا؛ لذا، من الناحية التاريخية، لقد حققت رقمًا قياسيًّا في الأصوات المؤيدة داخل العائلة المالكة. وهم ينتهي دورهم عندما يقومون بالتصويت. وأصبحت رسميًّا ولي ولي العهد، ثم ولي العهد.
ثانيًا: أنا لا أعمل وحدي، بل أعمل مع كل الأشخاص الأذكياء حقًّا من جيلي في العائلة المالكة. لدينا - على سبيل المثال - أكثر من 13 أميرًا من جيلي وعمري نفسه يعملون في 13 منطقة، ويوجَدون أيضًا في مجلس الوزراء، وهم يعملون بجد، ويوجَدون أيضًا في مناصب مختلفة في مختلف الدوائر الحكومية. يوجد الكثير منهم؛ لذا فأنا أعمل مع أكثر من 40 شخصًا من العائلة المالكة من مختلف الفروع لإنجاح الأمور في المملكة العربية السعودية.
* أنا أريد العودة للحديث عن الصفقة الإيرانية. هل تحدثت إلى البيت الأبيض حول ذلك، وإمكانية إلغاء التصديق؟ فأنت ذكرت من قبل أنه إذا كانت إيران تتجه نحو تصنيع السلاح النووي فستقوم السعودية بالشيء نفسه. هل وجهت حكومتك للقيام ببعض الأبحاث حول ما يمكن أن يتطلبه الأمر؟ وكيف يمكن الحصول عليه بسرعة؟
- حسنًا، لا يمكنني الحديث عن ذلك، لكن بإمكاني إخبارك بأن الإيرانيين هم سبب المشاكل في الشرق الأوسط، لكنهم لا يشكلون تهديدًا كبيرًا للمملكة. ولكن إن لم تراقبهم فقد يصبحوا يومًا ما تهديدًا. إنهم السبب الرئيسي في المشاكل، لكنهم لا يشكلون تهديدًا للسعودية.
لماذا؟ ببساطة إيران ليست من ضمن الدول الخمس الأكبر في المجال الاقتصادي في العالم الإسلامي. وحجم الاقتصاد السعودي هو ضعف الاقتصاد الإيراني. كما أنه ينمو أسرع بمرتين أو ثلاث مرات من الاقتصاد الإيراني. كما أن الاقتصاد الإماراتي والمصري والتركي أكبر من الاقتصاد الإيراني.. وهناك الكثير من الدول الإسلامية التي تحظى باقتصاد أكبر من الاقتصاد الإيراني.
والأمر ذاته ينطبق على الجيش؛ فهم ليسوا من ضمن الجيوش الخمسة الكبرى في الشرق الأوسط؛ لذا فهم متخلفون بكثير. لكن مشكلة النظام هي أنهم قد اختطفوا البلاد؛ فهم يستخدمون أصول دولتهم من أجل تحقيق غاياتهم الأيديولوجية. وقد شاهدوا كل يوم، منذ ثورة 1979م، وهم يسعون إلى نشر أيديولوجيتهم. حتى في الولايات المتحدة. وبقيامهم بذلك سيخرج إمامهم المختبئ ليحكم العالم أجمع: الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والعالم كله. وهم مؤمنون بذلك، ويقولون ذلك بكل وضوح. وفي حال كانوا لا يقولون ذلك فليخرج المرشد الأعلى وينكر كلامي بعد هذه المقابلة، ويقول إنه لا يؤمن بما قلته.
إنهم يقومون بذلك منذ 1979م، ومتى ما رأيت أي مشكلة في الشرق الأوسط فستجد لإيران يدًا فيها. ففي العراق كانت إيران متدخلة، وفي اليمن كانت إيران متدخلة، وفي سوريا كانت إيران متدخلة، وفي لبنان كانت إيران متدخلة.. أين هي الدول المستقرة؟ مصر؟ إيران لم تكن هناك. السودان؟ إيران لم تكن هناك. الأردن؟ إيران لم تكن هناك. الكويت؟ إيران لم تكن هناك. البحرين؟ إيران لم تكن هناك؛ لذا فإن جميع الدول المستقرة تنعم بالاستقرار؛ لأن إيران لم تتدخل فيها.
والأمر ليس فقط بين إيران والسعودية؛ إنه بين إيران والسعودية والإمارات ومصر والكويت والبحرين واليمن، والعديد من الدول في شتى أنحاء العالم؛ لذا فإن ما نريد ضمانه حقًّا هو أنه مهما كان الأمر الذي يريدون فعله فليفعلوه داخل حدودهم. وقد أخرجناهم من إفريقيا بشكل قوي بأكثر من 95 %. والأمر ذاته ينطبق على آسيا. والأمر ذاته ينطبق على اليمن. وفي العراق شاهدنا 70 ألف مشجع يرفعون علمَي العراق والسعودية معًا في مباراة كرة القدم التي جرت بين المنتخبين السعودي والعراقي.
لذا فإنه يتم إعادتهم إلى داخل إيران تقريبًا. ونحن نتمنى أن تحظى إيران كدولة وشعب بمستقبل أفضل بدون أولئك القادة. وفي حال تغير ذلك فبالتأكيد ستكون إيران مقربة منا كما كانت عليه قبل 1979م. لكن في حال لم يتغير ذلك فبإمكانهم الاستمتاع بأنفسهم لفترة طويلة من الزمن حتى يتغيروا.
* وفي هذه الحالة أنت يجب أن تكون مستعدًّا للدفاع عن بلادك.
- بالتأكيد.
* إذًا، هل بدأت في البحث عن اقتناء سلاح؟
- أتقصد السلاح النووي؟
* نعم.
- لا، فيما يتعلق بالسلاح النووي فإننا لن نبدأ بفعل أي شيء.
* لا؟
- حتى نرى إيران تعلن أنها تمتلك سلاحًا نوويًّا؛ وبالتالي فما ذكرته لن يحدث حتى يحدث الأمر الآخر. ومما لا شك فيه أننا نقوم بتجهيز جيشنا. نحن نمتلك جيشًا قويًّا ومجهزًا للغاية، جيشًا يحظى بأعلى معايير الجودة، ويجمع بين الجودة والحجم في الشرق الأوسط. وقد تجد في المنطقة جيوشًا أكبر في الحجم، لكن معداتهم ذات جودة منخفضة. ستجد أن هناك فقط جيشًا واحدًا يملك تقنيات أفضل منا، لكننا أكبر بكثير في الميزان بخمسة أضعاف. وإذا ما نظرنا إلى الجودة والحجم فإن السعودية تملك أفضل جيش، غير أن ما نريد ضمانه هو ألا يشعر الشعب السعودي بما قد يحدث.
والاقتصاد يجب ألا يتضرر أو يشعر بذلك؛ لذلك نحن نحاول التأكد من أننا بعيدون عن أي تصعيد قد يحدث، وألا يؤثر ذلك على الحياة الاجتماعية والحياة الاقتصادية الطبيعية في المملكة. نحن نحظى بذلك بالفعل، ولكننا نود أن نكون بعيدين عن هذا الأمر بالتأكيد.
* هل ستستخدم القوات البرية في اليمن؟
- في اليمن الحرب بين أطراف الشعب اليمني، والحكومة اليمنية هناك تسعى جاهدة من أجل التخلص من الإرهابيين الذين اختطفوا بلادهم وحياتهم الطبيعية. وهي حربهم. ومهما كان الأمر الذي يطلبونه من السعودية، أو الدول الاثنتي عشرة في التحالف، سنقدمه. وحتى اليوم لم يطلبوا وجود جنود على أرض المعركة.
* هل ستأخذ ذلك الأمر بعين الاعتبار؟
- في حال دعت الحاجة، وفي حال طلبتنا الحكومة اليمنية بذلك، فإننا سنلبي نداء الرئيس اليمني الشرعي المنتخب والمعترف به من قِبل جميع دول العالم والمدعوم من قِبل مجلس الأمن.
* تقول الأمم المتحدة إن هناك 10 آلاف تقريبًا من المدنيين قد لقوا حتفهم في الصراع، وقد تحدث أيضًا بعض الأعضاء من الكونغرس وجماعات الإغاثة المستقلة عن أن الغارات الجوية التي تشن من قِبل دولتكم قد وصلت إلى حد جرائم الحرب. ما هو ردك على هذه الانتقادات؟
- حسنًا. أولاً الأخطاء واردة في أي عملية عسكرية. ليس بإمكان أحد خوض أي عملية عسكرية في شتى أنحاء العالم، حتى الولايات المتحدة وروسيا وجميع الدول، دون أخطاء. السؤال هو: هل كانت تلك الحوادث عن طريق الخطأ أم متعمدة؟ بالتأكيد فإن أي أخطاء ارتكبتها المملكة أو دول التحالف هي حقًّا أخطاء غير مقصودة تمامًا.
ونحن نعمل مع العديد من الدول في شتى أنحاء العالم من أجل رفع مستوى قواعد الاشتباك لدينا، والتأكد من عدم وجود أي وفيات مدنية في العمليات العسكرية. ويجدر الذكر أننا نحن أكبر مانح للمساعدات في تاريخ اليمن، كما أننا لا نزال نقدم أفضل ما لدينا من أجل التأكد من توافر الدعم للاحتياجات الإنسانية ومصالح العامة، والرعاية الصحية والتعليم في اليمن. ودائمًا ما نقدم يد العون بشكل مباشر لأي مبادرة تقوم بها منظمة الأمم المتحدة أو أي مجموعة في شتى أنحاء المعمورة، ونسعى للعمل بشكل إيجابي في ذلك الجانب.
لكن أحيانًا في الشرق الأوسط لا تكون جميع الخيارات بين جيد وسيئ؛ أحيانًا يتوجب علينا أن نختار بين سيئ وأسوأ. لكن دعني أخبرك بأمر مهم: الأزمة الإنسانية اليمنية لم تبدأ في عام 2015، بل بدأت في عام 2014 عندما بدأ الحوثيون بالتحرك. ولكن ماذا لو لم يستجب التحالف ومجلس الأمن لنداء الرئيس اليمني والحكومة الشرعية اليمنية؟ سوف ترى اليمن منقسمًا بين مجموعتين إرهابيتين: الحوثيين وهم حزب الله الجديد في الشمال، والقاعدة في الجنوب، وهم يحاولون استغلال ما يحدث هناك، ويحاولون النمو منذ عام 2015. وهكذا سترون اليمن منقسمًا بين هاتين المجموعتين الإرهابيتين.
وكان ليصبح الوضع أسوأ بكثير جدًّا مما هو عليه في العراق؛ لأنه في العراق عام 2013م لديك تنظيم الدولة الإسلامية يستولي على نصف العراق، وفي النصف الآخر لديك حكومة شرعية مع جيش، وقد استغرق الأمر 5 سنوات للتخلص من هؤلاء الأشرار، وخلال هذه السنوات الخمس نزح الملايين من اللاجئين، وحدثت الكثير من العمليات الإرهابية حول العالم.
لذلك تخيل أننا طردناهم من العراق ومنحناهم ملاذًا أفضل في اليمن بدون أي حليف ولا حكومة ولا جيش يساعدنا بداخل اليمن، كم ستستغرق عملية التخلص منهم؟ ستستغرق أكثر من 5 سنوات، ستستغرق أكثر من 10 سنوات، ستستغرق نحو 20 سنة، وستتطلب تحالف أكثر من 60 دولة، تحالف أكبر من الحالي. وستعرقل 13 % من التجارة العالمية عبر باب المندب (مضيق بين اليمن وشبه الجزيرة العربية)، وقد حاولت هذه الجماعات الإرهابية عرقلتها، لكنهم فشلوا بسبب جهود التحالف. هل تعرف ما معنى 13 % من التجارة العالمية؟ هذا يعني 13 % من تجارة الولايات المتحدة الأمريكية، و13 % من تجارة الصين، و13 % من تجارة جميع دول العالم. هذا يعني أن حدوث ذلك سيضر بالاقتصاد الدولي.
بالنظر إلى ذلك، هل ينبغي علينا أن ننتظر حتى حدوثه؟ لقد تحققنا من الأمر، ثم تدخلنا. بعد ذلك ستكون الأمور صعبة. لن تحدث أي مشكلة في العشرين سنة القادمة؟ أم يتوجب علينا التصرف؟ هذا هو سبب وجود استخبارات في المملكة العربية السعودية وأمريكا وكل مكان؛ لكي يقرؤوا المستقبل، ويعرفوا ما يحدث، ويروا السيناريوهات لتجنب حدوثها. وهذا ما حدث في اليمن؛ فنحن نبذل قصارى جهدنا للدفع من أجل حل إيجابي. نحن نعرف أنها لن تنتهي بدون حل سياسي. ولكن حتى يأتي ذلك اليوم ليس لدينا خيار سوى مواصلة العملية العسكرية.
* لقد كان هدف الغارات الجوية هو جلبهم لطاولة المفاوضات، ولقد كنتم تقصفونهم لمدة ثلاث سنوات لأجل ذلك، ولكن يبدو أن استهدافهم عاصمتكم بالصواريخ الباليستية يتزايد. إذن، ما الذي يتطلبه الأمر لإنهاء هذا النزاع؟ أعني، أنت تقول 20 عامًا. هذا جيل من السعوديين الذين سيكونون في حالة حرب دائمة؟؟
- لا، لا، لقد قلت 20 سنة إذا لم نتصرف، ولن يستغرق الأمر منا 20 سنة وحدنا، بل سيستغرق العالم أجمع؛ فالحوثيون لا يهتمون بالمصالح، والمصالح اليمنية، إنهم يهتمون فقط بأيديولوجيتهم والأيديولوجية الإيرانية وأيديولوجية حزب الله، أو أنهم يرغبون في الموت. هذا ما يهتمون به؛ ولهذا السبب من الصعب التفاوض والتوصل لحل معهم، وقد أعلنت الأمم المتحدة ذلك، كما أن المبعوث أعلن بوضوح شديد أن من يهرب من طاولة المفاوضات هم الحوثيون. إنها ليست الحكومة اليمنية والأحزاب اليمنية الأخرى. لكن علينا بالطبع أن نفتح الباب أمامهم إذا أرادوا العودة والتفاوض.
لكنني سأقولها اليوم بشكل صريح: نحن نعمل من خلال معلومات استخباراتية على تقسيم الحوثيين؛ لذلك نرغب بمنح الفرصة إذا كان هناك أشخاص في الصف الثاني أو الثالث للحوثيين، ويرغبون بمستقبل مغاير، فسنساعدهم على فصلهم عن قادة الصف الأول الحوثيين الأيديولوجيين.
* إلى أي مدى تتوافق مصالح السعودية مع مصالح إسرائيل؟ هل سيكون هناك مجال لإسرائيل في خطتك للتنمية؟
- حسنًا. يبدو أن لدينا عدوًّا مشتركًا، ويبدو أن لدينا العديد من الأوجه المحتملة للتعاون الاقتصادي. ولا يمكن أن يكون لنا علاقة مع إسرائيل قبل حل قضية السلام مع الفلسطينيين؛ لأن كلاً منهما له الحق في العيش والتعايش. وحتى حدوث ذلك سنراقب، وسنحاول دعم حل للسلام. وعندما يحدث ذلك بالطبع في اليوم التالي سيكون لدينا علاقة جيدة وطبيعية مع إسرائيل، وستكون الأفضل للجميع.
* هل صحيح أنكم استدعيتم (أبو مازن) لتخبروه بأن يقبل بخطة السلام أو يرفضها؟ هل هذا أفضل ما بإمكانكم فعله؟
- تربطنا علاقة وثيقة ب(أبو مازن)، وأعتقد أنه ردَّ على هذه الشائعات بنفسه، ونفى صحتها.
* إذا لم تكن صحيحة فما هو الذي حدث فعلاً؟
- في الواقع أخبره الملك سلمان بأن هناك مقولة في المملكة العربية السعودية، تقول إن أهل مكة أدرى بشعابها؛ لذلك دائمًا ما يذكِّره الملك سلمان ويخبره: كما تعرف يا (أبو مازن)، أهل مكة أدرى بشعابها، ونقول إن أهل فلسطين أدرى بشعابها؛ لذا فكل ما تراه مناسبًا لك سندعمه. أيًّا كان ما نسمعه من حلفائنا الأمريكيين، أيًّا كان، سنحاول إيضاحه، وسنحاول دعمه لجعل الأمور تحدث. ولكن إذا لم يناسبكم الحل فهو حل غير مناسب.
* ما فعله ترامب بالقدس جعلك لحد ما تبدو كالوسيط الجديد.
ولي العهد: في الواقع نحن نحاول فعل ما بوسعنا. إنني أحاول التركيز بإيجابية على الفرص التي أمامنا، وعلى الخطوة القادمة، وكيف تؤخذ الأمور في وضع أفضل، وليس كيفية المجادلة مع أي خطأ.
* لنتحدث عن سوريا للحظة. ما هي النهاية الواقعية لتلك المأساة؟
- لا أعلم إن كان بعض الأشخاص سيغضبون حينما أجيب عن ذلك السؤال، لكنني لا أكذب. أعتقد أن الكذب على الناس أمر مخزٍ فعلاً، وخصوصًا في عام 2018م؛ إذ يكاد يكون أمرًا مستحيلاً أن تخفي شيئًا عن الناس. أعتقد أن بشار باقٍ في الوقت الحالي، وأن سوريا تمثل جزءًا من النفوذ الروسي في الشرق الأوسط لفترة طويلة جدًّا. ولكنني أعتقد أن مصلحة سوريا لا تتمحور حول ترك الإيرانيين يفعلون ما يشاؤون في سوريا على المديَيْن المتوسط والبعيد؛ وذلك لأنه إن غيرت سوريا أيديولوجيتها حينها بشار سيكون دمية لإيران.
لذا فمن الأفضل له أن يكون نظامه قويًّا في سوريا، وهذا الأمر أيضًا سيكون إيجابيًّا بالنسبة لروسيا. أما روسيا فمن الأفضل لهم أن يكون لهم قوة مباشرة، وأن يمكِّنوا بشار، ولديهم نفوذ مباشر في سوريا، ليس عبر إيران. لذلك فإن هذه المصالح قد تقلل من النفوذ الإيراني بشكل كبير، ولكننا لا نعرف ما هي النسبة المئوية لذلك. ولكن بشار لن يرحل في الوقت الحالي. لا أعتقد أن بشار سيرحل دون حرب، ولا أعتقد أنه يوجد أي أحد يريد أن يبدأ هذه الحرب لما ستُحدثه من تعارض بين الولايات المتحدة وروسيا، ولا أحد يريد رؤية ذلك.
* لذلك أنت ترغب في رؤية وقف الصراع؛ لأن النتيجة باتت مؤكدة؟
- أعتقد أنها اقتربت لتكون كذلك. لدينا الآن أراضٍ يسيطر عليها بشار، أما الأراضي الأخرى فهي تحت سيطرة الشعب السوري بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية. ونحن نحاول أن نركز في السعودية على كيفية مساعدة الشعب من خلال المعونات، ونحن لا نقوم بإرسالها بشكل مباشر، بل نرسلها عبر الأمم المتحدة والولايات المتحدة وحلفائنا. ونأمل أن تتوقف الأمور الذي تحدث في سوريا في أقرب فرصة ممكنة؛ وذلك لأن الناس يعانون هناك.
* قال الرئيس أعتقد اليوم أنه سيكون هنالك انسحاب للقوات الأمريكية من سوريا. هل ذلك أمر تستحسنه؟
- حسنًا. نعتقد أن على القوات الأمريكية البقاء على المدى المتوسط على الأقل إن لم يكن على المدى الطويل؛ وذلك لأن الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج إلى أن تمتلك أوراقًا للتفاوض وممارسة الضغط. وفي حال إخراج تلك القوات فأنت تخسر تلك الأوراق. هذا أولاً. أما ثانيًا: تحتاج إلى نقاط تفتيش في الممر بين حزب الله وإيران؛ لأنك إن أخرجت هذه القوات من شرق سوريا فستخسر نقطة التفتيش تلك، وسيساهم ذلك الممر في تصعيد أمور أخرى في المنطقة.
* إذن، ذلك أمر تخشاه، ذلك الممر المباشر؟
- بالطبع، ولكننا سنتولى أمره، ولكنه سيكون أكثر صرامة.
* أود العودة إلى اليمن. في ظل إدارة ترامب ذكرت أن عمليات الاستهداف قد تحسنت. ما الذي تغيَّر في ظل هذه الإدارة، والذي خول لكم تحسين عملية الاستهداف أو جمع المعلومات الاستخباراتية وغيرها من الأمور؟
-لا نتلقى الكثير من المساعدة من الولايات المتحدة، ولا نطلب الكثير من الدعم منها. نحن نقوم بذلك بأنفسنا عن طريق تحالف من الشرق الأوسط. ونعتقد أننا نقوم بذلك بما فيه صالح العالم بأسره، ومعظم بلدان العالم، على الصعيدَيْن الاقتصادي والأمني، وذلك كما أوضحنا في بداية هذه المقابلة.
* بالتأكيد. ولكنّ هنالك دورًا للولايات المتحدة بالطبع.
- إنهم يراقبون ما يحدث هناك. نحن نقاتل تنظيم القاعدة معًا. لدينا الكثير من العمليات الجارية في السعودية، الكثير من التخطيط، الكثير من البرامج لنقوم بها. ونحن نزيد من أعمالنا لضرب تنظيم القاعدة بقوة في اليمن. وهنالك الكثير من المناطق، والكثير من المدن التي لا يمكن للناس التجول بها بحرية. ثمة مدن خاضعة حاليًا لسيطرة الحكومة الشرعية لأول مرة منذ خمسة عشر عامًا التي كانت تحت سيطرة تنظيم القاعدة. إذن، فقد تلقى تنظيم القاعدة العديد من الضربات خلال هذه الأعوام الثلاثة الأخيرة، وهو أكثر مما تلقوه في الخمسة عشر عامًا الماضية، وهم يوشكون على الاختفاء، ويختبئون في الكهوف ومناطق مختلفة في اليمن. وإن الدور الذي نركز عليه مع الولايات المتحدة هو المزيد من العمل، والمزيد ضد تنظيم القاعدة في اليمن، والقيام بالمزيد والمزيد لضمان أن نمحوهم بالكامل بأسرع وقت ممكن.
* التطرف، ما الذي يمكن فعله لعكس آثاره؟ أنا أفهم ما تحاول فعله داخل المملكة. ماذا عن الخارج؟
- نعم. بادئًا ذي بدء، السعودية لا تنشر أي أيديولوجيا متطرفة. السعودية هي أكبر ضحية للفكر المتطرف. إن كنت أنا أسامة بن لادن أو أي متطرف أو إرهابي، وأردت نشر الأيديولوجيا الخاصة بي، وأردت التجنيد، فمن أين سأقوم بالتجنيد؟ سأذهب إلى المغرب للتجنيد ونشر الأيديولوجيا، أو أذهب إلى ماليزيا؟ بالطبع لا. إن أردت نشر الأيديولوجية فسأذهب إلى السعودية. عليّ أن أذهب إلى قِبلة المسلمين. عليّ أن أذهب إلى البلاد التي تحتضن المسجد الحرام؛ وذلك لأنني إن قمت بنشرها هناك فإنها ستبلغ كل مكان.
وذلك ما حدث بعد 1979. جميع هذه الجماعات المتطرفة والإرهابيون يستهدفون بلادنا لتجنيد المزيد من الناس من بلادنا، ولنشر أيديولوجيتهم في بلادنا؛ لأنهم يريدون نشرها في جميع أنحاء العالم. وذلك ما حدث. ولقد كنا أول وأكبر دولة تدفع الثمن. وكانت أولى العمليات حول العالم قد حدثت في السعودية، وفي مصر في التسعينيات الميلادية. وأسامة بن لادن كان يتلاعب بالناس في بداية التسعينيات. ولقد طالبنا باعتقال أسامة بن لادن. لقد كان خارج السعودية. كان ينبغي أن يتم اعتقاله. ولقد ردت صحيفة ذي إندبندنت علينا في عام 93 بقولها إن أسامة بن لادن يناضل من أجل الحرية، وإنه يمارس حرية التعبير. يمكنك العودة إلى مقالة ذي إندبندنت في 93 (أسامة بن لادن)! وهذا الأمر كان قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، قبل عشر سنوات منها. لقد كنا نقول إنه رجل خطير. إنه إرهابي، وإنه ينبغي أن يتم اعتقاله فورًا. لقد تعرضنا لهجمات هجمات إرهابية في السعودية، وتعرضت مصر لهجمات إرهابية في التسعينيات، لكن تم اتهامنا بأننا نقمع حرية التعبير حتى وقعت أحداث 11 سبتمبر؛ لذا فإنه من الواضح جدًّا أننا نحن الضحايا، ولكن من الواضح أيضًا أننا في الخطوط الأمامية؛ لأنه لم يعد بإمكانهم التجنيد ونشر الأيديولوجية إن لم يتمكنوا من القيام بذلك في المملكة العربية السعودية، وإذا وقفنا وخضنا الحرب. ونحن نقوم بذلك اليوم في السعودية.
لذا؛ لدينا الكثير من الأمور التي ينبغي علينا القيام بها. أولاً: محاربة الإرهابيين بالإمساك بهم أو بقتلهم أو بالقبض عليهم. ثانيًا: محاربة المتطرفين. نحن نعامل جميع المنظمات المتطرفة في المملكة العربية السعودية كمنظمات إرهابية، مثل جماعة الإخوان المسلمين. إن جماعة الإخوان المسلمين خطيرة جدًّا ومصنفة في السعودية ومصر والإمارات، وغيرها العديد من دول منطقة الشرق الأوسط، على أنها جماعة إرهابية.
إن المرء لا يتحول فجأة من شخص عادي إلى إرهابي؛ بل يتحول من شخص عادي إلى محافظ قليلاً، ثم إلى متطرف قليلاً، ويزداد تطرفًا وتطرفًا حتى يصبح جاهزًا لأن يكون إرهابيًّا. وتعد شبكة الإخوان المسلمين جزءًا من هذه الحركة. فلو نظرت إلى أسامة بن لادن فستجد أنه كان من الإخوان المسلمين.. ولو نظرت للبغدادي في تنظيم الدولة الإسلامية فستجد أنه أيضًا كان من الإخوان المسلمين. في الواقع لو نظرت إلى أي إرهابي فستجد أنه كان من الإخوان المسلمين.
وهل تعلم ما هو الخطر الأعظم؟ الإخوان المسلمون ليسوا في منطقة الشرق الأوسط؛ لأنهم يعلمون أن منطقة الشرق الأوسط تتبع استراتيجية جيدة ضدهم في السعودية ومصر والإمارات والأردن والعديد من الدول الأخرى. ولكن هدفهم الرئيسي يتمثل في جعل المجتمعات الإسلامية في أوروبا متطرفة؛ فهم يأملون بأن تصبح أوروبا قارة إخوانية بعد 30 عامًا، وهم يريدون أن يتحكموا بالمسلمين في أوروبا، من خلال استخدام جماعة الإخوان المسلمين. وهذا سيشكل خطرًا أكبر بكثير من الحرب الباردة ومن تنظيم الدولة الإسلامية ومن القاعدة، ومن أي أمر شهدناه خلال آخر مئة عام من التاريخ.
لذا فإن محاربة التطرف لا تكون فقط في محاربة المتطرفين، ونشر الحداثة؛ فهذا الأمر جزء من محاربة التطرف. ولكن هنالك الكثير من الأمور التي يجب القيام بها: التعرف على تلك الجماعات، وسن قوانين لمحاربتها، وتوضيح المعايير التي نميز من خلالها الإرهابيين. هذا لا يعني حرية التعبير. عليك الحذر؛ لأن هذا هو الطريق الذي يوصل الناس للإرهاب.
لذا، هناك العديد من الأمور التي يجب التعامل معها بطريقة مختلفة. ونحن نحاول القيام بواجبنا في السعودية؛ فقد وضعنا قوانين، وحققنا إنجازات على مستوى التخطيط الأمني واستراتيجية الأمن واستراتيجية الإعلام ونظام التعليم. لقد قمنا بعمل الكثير. فعلى مدى السنوات الثلاث الأخيرة حققنا الكثير من الإنجازات، وقبل ذلك أيضًا، وسنستمر في المستقبل. كما أننا نقوم بالكثير من الأمور مع العديد من الدول من حول العالم. ولكننا نشعر بأن الدول الغربية تحاول محاربة أولئك المتطرفين من خلال تقديم فرصة الاعتدال والانفتاح في الغرب فقط. إذا أردت أن تحاربهم يجب عليك أن تصنفهم على أنهم مجرمون بموجب قوانينك.
* هل هذا ما يحدث في السعودية؟
- نعم. لقد تم تصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية منذ سنين.
لدينا جماعة الإخوان المسلمين، ومن ضمنهم السروريون. هناك العديد من الأفلام الوثائقية التي شاهدناها حول العالم، والتي تصف السروريين بالوهابيين. نحن في الحقيقة نصفهم بالسروريين في السعودية. هؤلاء أعلى بدرجة من الإخوان المسلمين؛ إذ إنهم ينظرون إلى الأمور من منظور أكثر تطرفًا في الشرق الأوسط. لدينا جماعة الإخوان المسلمين، ومن ضمنهم السروريون، ولكنهم بموجب قوانيننا مجرمون. وحينما نملك أدلة كافية ضد أي أحد منهم نقاضيهم في المحاكم.
* في وجهة نظرك، ما الخطأ الأكبر الذي اقترفته أمريكا في الشرق الأوسط خلال الخمس عشرة أو العشرين سنة الماضية؟
- أولاً: الأخطاء تحدث، ولن تتوقف عن الحدوث؛ لأننا بشر؛ وعليه فإن الدول سترتكب الأخطاء، والأفراد سيرتكبون الأخطاء. وتكمن مهمتنا في كيفية تقليل هذه الأخطاء بأكبر قدر ممكن. أعتقد أن أمريكا اقترفت خطأين: يتمثل الأول بالدخول في العراق. إنه خطأ فادح. أعتقد أنه كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تتوقف بعد إكمال المهمة في أفغانستان، وأن تركز على كيفية تحويل أفغانستان من دولة ضعيفة إلى دولة طبيعية. هذا فيما يتعلق بالخطأ الأول. أما الخطأ الثاني فيتمثل في سحب القوات الأمريكية من العراق، وتفكيك الجيش العراقي.
هذان هما الخطآن الكبيران اللذان تسببا في ظهور مشاكل أخرى في منطقة الشرق الأوسط.
* أود العودة إلى الحديث عن المواضيع الداخلية. كنت أتساءل عما إذا كنتم ستتخذون أي خطوات فيما يتعلق بإنهاء أو تقليل الإعدامات وقطع الرؤوس في العلن؟
- أتقصد تنفيذ حكم الإعدام بحق المتطرفين؟
أعتقد أن أمريكا ودولاً كثيرة حتى هذه اللحظة تنفذ حكم الإعدام. لقد حاولنا التقليل من ذلك، ولدينا قوانين واضحة [لا] يمكن أن نغيرها. فعلى سبيل المثال، عندما يقدم شخص ما على قتل شخص آخر يجب أن ينفَّذ حكم الإعدام بحقه في قانوننا. ولكن هنالك جوانب قليلة يمكن تغييرها، بحيث يتم تغيير حكم الإعدام فيها إلى السجن المؤبد. إن جلالة الملك لا يستيقظ من نومه ويوقع فقط على ما يريد التوقيع عليه، بل إنه يعمل بما يقتضيه القانون والكتاب. فهناك قوانين متعلقة بكيف يعمل الملك بوصفه ملكًا أو رئيسًا للوزراء.
نحن نعمل منذ سنتين في الحكومة وأيضًا في البرلمان السعودي على إقامة قوانين جديدة في هذا الجانب. ونعتقد أن الأمر سيستغرق لإتمامه عامًا واحدًا، أو أكثر قليلاً.
* إذن هي مبادرة؟؟
- نعم، بالتأكيد إنها مبادرة. لن نلغيها بنسبة 100 %، ولكننا سنقلل منها إلى حد كبير.
* ضمن هذا السياق المتعلق بالقانون تشير جماعات حقوق الإنسان إلى الأشخاص الذين تعتبرهم نشطاء سياسيين أو مدونين، وُضعوا في السجن. هل لديك حساسية من الحديث حول هذا الموضوع؟ تتحدث كثيرًا عن المثل الأعلى المتمثل في حرية التعبير؟
-اعتدنا على وصفهم. في التسعينيات اعتادوا على وصف أسامة بن لادن بالأمر ذاته، ثم تبين أن أسامة بن لادن هو الخطر الأكبر الذي يواجه العالم بأسره. ويصفونهم اليوم بالأمر ذاته، ونحن نصفهم بحزب الإخوان المسلمين أو حزب السروريين أو الناس المرتبطين بمنظمات عديدة، ويعملون لصالح دول كثيرة. وفي كل حالة عندما تنتهي التحقيقات نعلن تفاصيلها علنًا.
* بالنسبة لتأخير طرح أرامكو الأولي للاكتتاب العام، لِمَ أخرتموه؟ وهل ما زلتم تدرسون طرحها في بورصة نيويورك؟
- نحن لا نقوم بتأخير الطرح. لقد قلنا إننا سنكون جاهزين لطرح أسهم أرامكو بحدود العام 2018. ونحن مستعدون. صغنا جميع القوانين. وقمنا بجميع الخطوات التي تجعلنا مستعدين لطرح أسهم أرامكو. أما الآن فالمسألة هي اختيار الوقت المناسب. نعتقد أن أسعار النفط سترتفع في هذا العام، وسترتفع بشكل أكبر في عام 2019؛ لذا نحن نحاول أن نختار الوقت المناسب. لكننا مستعدون للطرح الآن إذا ما أصبح الوقت مناسبًا.
* أما زلتم تفكرون في إدراجها في بورصة نيويورك؟
- نحن ننظر في جميع الخيارات. والفريق الذي يعمل على طرح أرامكو الأولي للاكتتاب العام يظل يقول لي «لا تقل شيئًا عن ذلك».
* كنت أتساءل في ظل كل هذه المبادرات التي تقومون بها، مبادرة الطاقة الشمسية وبعض الإصلاحات في الداخل.. كنت أتساءل حول مدى اعتماد ذلك على طبيعة النفط المحدودة؟
- نعم.
إذًا ما حجم الدور الذي يلعبه ذلك؟
ولي العهد: لا أعتقد أن ذلك سيضر بالدور الذي يلعبه النفط. دعنا نتحدث قليلاً عن النفط، وبعدها سنتكلم عن المبادرة، إن لم يكن لديك مانع. أولاً: الطلب على النفط يزداد، ووفقًا لتوقعات أرامكو هم يعتقدون أنه سيستمر في الارتفاع حتى عام 2040. لكن في أكثر حالات التحفظ في التحليلات العالمية يعتقدون أن الطلب سيستمر في الارتفاع حتى عام 2030. والاستمرار في الارتفاع حتى عام 2030 يعني 1.5 في المائة كل عام. وبعد ذلك سيتراجع.
إذا كان الطلب اليوم على النفط يبلغ قرابة مئة مليون برميل يوميًّا ففي عام 2030 سيكون نحو 120 مليون برميل. أما في عام 2040 فسيعود مرة إلى رقم يقارب المئة مليون برميل. وفي عامَي 2050 و2060 سيصل إلى نحو 80 إلى 70 مليون برميل. 85 % (85 مليون برميل) من هذه الحاجة (الطلب) تقريبًا ستذهب إلى الطاقة، ولكن لا أعني طاقة المدن. 40 إلى 30 مليون برميل للسيارات. أما غير ذلك فللطائرات والسفن.
الذي يتغير اليوم هو السيارات بسبب التوجه إلى السيارات الكهربائية، لكن لن يكون هناك أثر إلى ما بعد عام 2030. ويبدو أن السفن والطائرات ستستمر لوقت طويل؛ لأن لا أحد اليوم يتحدث عن طائرات تطير باستخدام طاقة الكهرباء، أو سفن تبحر حول العالم باستخدام طاقة الكهرباء. فعندما يتحدثون عن هذه الأشياء سيستغرق الأمر 20 سنة.
من الناحية الأخرى فإن الطلب المتمثل بخمسين مليون برميل، أو أقل، على البتروكيماويات والمواد، يزداد كل عام بنسبة 3.5 بالمائة؛ لذا سيكون في عام 2030 عند نحو 20 مليون برميل. وفي عامَي 2050 و2060 سيكون عند نحو 50 مليون برميل. إذًا، هذه حاجة جديدة إلى النفط.
ولإيضاح هذا بمثال: كل واحد منكم يرتدي جزءًا من البتروكيماويات والمواد؛ فلديكم بعض هذه الأشياء في أزراركم وأقلامكم وأحذيتكم وأجهزتكم الهاتفية، وسيأتي المزيد. ألياف الكربون - على سبيل المثال - ألياف الكربون هي إحدى أفضل المواد في العالم. هي مادة غالية الثمن، لكننا نستثمر فيها. وستكون أقل تكلفة؛ لذا سنراها تستخدم في كل طائرة، وكل سفينة، وكل سيارة؛ لذا هناك حاجة متزايدة ومستمرة.
الأمر الآخر هو العرض؛ سيختفي الكثير من المعروض في العشرين سنة القادمة؛ فبعد خمس سنوات لن تنتج الصين أي شيء. اليوم هم ينتجون نحو 4 ملايين برميل في اليوم. ولن ينتجوا شيئًا بعد خمس سنوات. والدول الأخرى، بعد 10 سنوات ستختفي العديد من الدول. وستختفي كمية كبيرة من العرض القادم من الولايات المتحدة الأمريكية بعد عشر سنوات.
وبعد 18 عامًا سيختفي المعروض الروسي بأكمله (11 مليون برميل). سيصل إلى الصفر بعد 18 عامًا؛ لذا يبدو أننا لا نحتفظ ب(العشرة ملايين برميل) التي ننتجها فحسب، بل يبدو أننا سننتج الكثير والكثير جدًّا من البراميل في المستقبل؛ لذلك من الواضح جدًّا استدامة النفط حتى لو أخذنا بالتحليلات المتحفظة وليس تحليلات أرامكو.
لذا فإن إنتاج الطاقة الشمسية لا يؤذي النفط؛ لأنه لا ينتج للطائرات أو السفن، ولن يتعارض مع الطلب المتنامي للبتروكيماويات. في الواقع، نعتقد أن السير بهذا الاتجاه سيساعد على أن يلعب النفط دورًا جيدًا في حماية الطبيعة؛ لأنه إذا قمت بإنتاج البلاستيك فلا يجب عليك التخلص منه. يجب عليك علاجها وإعادة تدويرها بطريقة لا تضر الطبيعة. أفضل من إنتاج النفط للسيارات.
الفرصة التي نتخذها الآن في المملكة العربية السعودية هي في الطاقة الشمسية.. ونحن نعتقد أن الدولة الوحيدة التي يمكن أن تحقق قفزة في هذا المجال، ومجال تصنيع الطاقة الشمسية، هي المملكة العربية السعودية؛ لأن لدينا جميع عناصر النجاح؛ لذا هناك الكثير من البلدان التي تكون فيها أشعة الشمس قوية، مثل: الجزائر والهند، سمِّ ما شئت. ولدينا شمس قوية أيضًا. لكن ليس لدى كل البلدان طلب محلي؛ لذلك هناك عدد أقل من الدول التي لديها طلب محلي. لا يمكن لأي بلد أن يكون لديه طلب متمثل ب 150 غيغاواط، 200 غيغاواط. إنها السعودية والهند وعدد قليل من البلدان. والبلدان الأخرى في الشرق الأوسط لا يمكنها الوصول حتى إلى 30 غيغاواط من الطلب؛ لذا فإن الطلب الكبير يدفع لتحقيق ذلك.
ثالثًا: لدينا أكثر من ذلك. لدينا سلسلة التوريد بأكملها لتصنيع الألواح الشمسية في المملكة العربية السعودية. رابعًا: لدينا جميع أنواع المواد اللازمة لذلك. لدينا السيليكا، الكثير من السيليكا، لكنها ليست مثل السيليكا في الجزائر وإفريقيا والدول الأخرى، حتى الإمارات العربية المتحدة ودول أخرى؛ فإن السيليكا في الجانب الشمالي من المملكة العربية السعودية تصل نقاوتها لدرجة 99.7 %. أما غيرها من السيليكا حول العالم فلا تصل حتى إلى 90 بالمائة؛ لذلك لا تكلف السيليكا في السعودية شيئًا لتصنيعها وبنائها. لا تكلف شيئًا. إذًا، هي ليست مجرد مادة. إنها مادة رخيصة وذات جودة عالية.
البلدان الأخرى التي لديها الكثير من السيليكا تكون فيها أقل جودة بكثير ومكلفة.. سيكون لدينا النوع الآخر من المواد. جزء من تلك المواد: الكابلات، وغطاء الكابلات.. لدينا الكثير من الكابلات في المملكة العربية السعودية، الكثير. لتصنيع هذه المواد وتصنيع الألواح الشمسية يتطلب الأمر الكثير من الغاز.. لدينا الكثير من اكتشافات الغاز في البحر الأحمر.
لذا، الموارد المختلفة، وسلسلة التوريد، والطلب، والشمس.. جميعها موجودة في السعودية. ولا توجد في أي مكان آخر حول العالم؛ لذا إذا قلنا: «سنلغي المشروع، ولن نصل إلى 200 جيجا واط» فلن يقوم أحد آخر به. إننا نبذل جهدًا كبيرًا خلال الأشهر القليلة الماضية من أجل جمع أفضل الشركاء لهذا المشروع من مختلف أنحاء العالم، من أمريكا والصين واليابان. ونحن الآن في المرحلة الأخيرة لتشكيل أرامكو السعودية الجديدة. وربما - بما أن أكبر شريك لنا هو اليابان - يمكننا أن نطلق عليها Jaramco «يرامكو» أو شيء من هذا القبيل.
وهذا الأمر سيساعد السعودية على توفير 40 مليار دولار سنويًّا، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية ب 20 مليار دولار، وسيخلق 100 ألف وظيفة، وسيساعدنا على التصدير؛ لأننا سنصدر للعالم كله أرخص الألواح الشمسية وأكثرها فاعلية؛ لذا فإننا نقدم مساعدة كبيرة وعظيمة للعالم أجمع من أجل إنتاج الطاقة، الطاقة المستمرة بتكلفة أقل من أي وقت مضى. كما أننا سنخاطر بالدفع بكل مطالبنا في تلك المنطقة.
* لدي سؤال شخصي واحد: كيف أصبحت مهتمًّا ب(دا فينشي)؟
- دا فنشي. لقد قلنا إن هذا حديث ليس دقيقًا.
* ليس صحيحًا؟
- ما الذي يجري؟ لا أعلم كم مرة ينبغي علينا أن نعلن ذلك.
* الناس تابعوا مقابلة برنامج «60 دقيقة»، واعتقدوا أنك توافق على كل ما تم نشره من تقارير.
- لقد قلت مسبقًا لبرنامج «60 دقيقة» إن الثراء ليس جريمة، بل الجريمة تكمن في أن تكون فاسدًا. وفي حال كنت فاسدًا أرجو أن توضح لي فسادي، وتقدم دليلاً على ذلك. ولا يبدو أن هناك أي أحد يقدم أدلة. ومن المعروف أن الملك سلمان وأبناءه وفريقه نزيهون تمامًا، والكل يعلم ذلك في السعودية. ويمكننا إعطاؤك سجل العائلة، عائلة آل سعود قبل تأسيس المملكة العربية السعودية، وسجل الملك سلمان منذ ولادته، وسجلي أيضًا. إنه ناجح في السعودية.
وفي الحقيقة، إنني أحب الفن. وأؤمن بأن أي شخص يمتلك ذوقًا رفيعًا يجب أن يحب الفن ويقدره. وهناك العديد من الفنانين الرائعين حول العالم، ولا يمكنني أن أحدد شخصًا واحدًا ليكون فناني المفضل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.