أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن السعودية لم تستغل إلا 10% من قدراتها، مبيناً: "نحن نرسم خطتنا بناءً على مكامن القوة لدينا. فلا نريد أن نقلد غيرنا. ولا نريد أن نبني وادي السيلكون، موضحاً سموه أن السعودية تمتلك جيشاً قوياً ومجهزاً للغاية، جيش يحظى بأعلى معايير الجودة وقال: إذا ما نظرنا إلى الجودة والحجم؛ فإن السعودية تملك أفضل جيش، وشدد على أنه لا يمكن أن يكون للسعودية علاقة مع إسرائيل قبل حل قضية السلام مع الفلسطينيين، وأكد أن الثراء ليس جريمة. بل الجريمة تكمن في أن تكون فاسداً. جاء ذلك في حوار مطول لسموهمع "التايم" قال فيه: لدينا علاقة جيّدة مع الرئيس ترامب، ومع فريقه، ومع عائلته، ومع جميع الأشخاص المهمين في إدارته،ونحن ننفق 230 مليار دولار سنوياً خارج السعودية. وإن لم نفعل شيئاً؛ فإن هذا الرقم سيرتفع في عام 2030 ليصل إلى ما بين 300 و400 مليار دولار ستصرف خارج السعودية. وتابع: الخطة هي أن تنفق نصفها في المملكة العربية السعودية. لدينا برامج عدة لتحقيق ذلك. فلدينا الخصخصة. ويأتي على قمة الهرم طرح أرامكو، ضخّ هذه المبالغ وتقديم الأصول الحكومية وغيرها من الأصول والاحتياطيات النقدية الأخرى في صندوق الاستثمارات العامة، ودفعه ليصبح أكبر صندوق على مستوى العالم، بقيمة تتجاوز تريليوني دولار. وأضاف سموه: قبل عامين، كان حجم صندوق الاستثمار العام 150 مليار دولار أمريكي، أما اليوم فحجمه 300 مليار دولار أمريكي. وفي نهاية عام 2018 سيبلغ نحو 400 مليار دولار. وفي عام 2020 سيصل إلى ما بين 600-700 مليار دولار، وفي عام 2030 سيكون أعلى من تريليوني دولار. وسنستثمر نصف هذه الأموال لتمكين المملكة العربية السعودية، وال50٪ المتبقية سنستثمرها في الخارج؛ لنضمن أن نكون جزءاً من القطاعات الناشئة في جميع أنحاء العالم. وتابع سموه: لدينا أكثر من 10 ملايين أجنبي في السعودية، ومعظمهم يعملون، ومن أسر هؤلاء الموظفين. ونحن نعتقد أن [هذا العدد] لن ينخفض، بل سيزداد؛ لأننا نعتقد أن السعودية، كي [تحقق] طموحها، تحتاج إلى الكثير من الموارد البشرية والقوة البشرية، لذلك سيتم خلق الكثير من الوظائف للسعوديين وللأجانب لتنفيذ ما نحاول بناءه في السعودية. وقال:لا يوجد شيء يُعرف بالوهابي، وإن هذه عبارة عن أحد أفكار المتطرفين بعد عام 79، وذلك لإدخال العامل الوهابي لكي يكون السعوديون جزءاً من شيء لا ينتمون له.لا يوجد شيء يسمى بالوهابي. لدينا في السعودية طائفتان؛ السنية والشيعية، وهم يعيشون حياة طبيعية في السعودية. وتابع يقول:أنا لا أعمل وحدي، بل أعمل مع كل الأشخاص الأذكياء حقاً من جيلي في العائلة المالكة. لدينا على سبيل المثال أكثر من 13 أميراً من جيلي ونفس عمري يعملون في 13 منطقة، ويوجدون أيضاً في مجلس الوزراء وهم يعملون بجد، ويوجدون أيضاً في مناصب مختلفة. وحول إيران قال ولي العهد: الإيرانيون هم سبب المشاكل في الشرق الأوسط، لكنهم لا يشكلون تهديداً كبيراً للمملكة. ولكن إنْ لم تراقبهم؛ فقد يصبحون يوماً ما تهديداً، وإيران ليست من ضمن الدول الخمس الأكبر في المجال الاقتصادي في العالم الإسلامي. وحجم الاقتصاد السعودي هو ضعف الاقتصاد الإيراني، كما أنه ينمو أسرع مرتين أو ثلاث مرات من الاقتصاد الإيراني، كما أن الاقتصاد الإماراتي والمصري والتركي أكبر من الاقتصاد الإيراني..وهناك الكثير من الدول الإسلامية التي تحظى باقتصاد أكبر من الاقتصاد الإيراني. وأضاف: الأمر ذاته ينطبق على الجيش؛ فهم ليسوا من ضمن الخمسة جيوش الكبرى في الشرق الأوسط، لذا فهم متخلفون بكثير. لكن مشكلة النظام هي أنهم قد اختطفوا البلاد؛ فهم يستخدمون أصول دولتهم من أجل تحقيق غاياتهم الأيديولوجية. وقال: فيما يتعلق بالسلاح النووي، فإننا لن نبدأ بفعل أي شيء.حتى نرى إيران تعلن عن أنها تمتلك سلاحاً نووياً. بالتالي، فما ذكرته لن يحدث حتى يحدث الأمر الآخر. ومما لا شك فيه أننا نقوم بتجهيز جيشنا. نحن نمتلك جيشاً قوياً ومجهزاً للغاية، جيش يحظى بأعلى معايير الجودة، وإذا ما نظرنا إلى الجودة والحجم؛ فإن السعودية تملك أفضل جيش. وحول اليمن قال سموه:الحوثيون لا يهتمون بالمصالح اليمنية، إنهم يهتمون فقط بأيديولوجيتهم والأيديولوجية الإيرانية وأيديولوجية حزب الله. أو أنهم يرغبون بالموت. هذا ما يهتمون به. ولهذا السبب من الصعب التفاوض والتوصل لحل معهم، وقد أعلنت الأممالمتحدة ذلك. وتابع: نحن نعمل من خلال معلومات استخباراتية على تقسيم الحوثيين، لذلك نرغب بمنح الفرصة إذا كان هناك أشخاص في الصف الثاني أو الثالث للحوثيين، ويرغبون بمستقبل مغاير فسنساعدهم. وقال: لا يمكن أن يكون لنا علاقة مع إسرائيل قبل حل قضية السلام مع الفلسطينيين، وأهل فلسطين أدرى بشعابها. والملك سلمان قال لأبومازن: كل ما تراه مناسباً لك سندعمه. أياً كان ما نسمعه من حلفائنا الأمريكيين، أياً كان، سنحاول إيضاحه، وسنحاول دعمه لجعل الأمور تحدث. ولكن إذا لم يناسبكم الحل، فهو حل غير مناسب. وفي الملف السوري قال: أعتقد أن بشار باقٍ في الوقت الحالي، وأن سوريا تمثل جزءاً من النفوذ الروسي في الشرق الأوسط لفترة طويلة جداً. وقال: الخطر الأعظم هوالإخوان المسلمون، ليس في منطقة الشرق الأوسط؛ لأنهم يعلمون أن منطقة الشرق الأوسط تتبع استراتيجيةً جيدة ضدهم في السعودية ومصر والإمارات والأردن والعديد من الدول الأخرى. ولكن هدفهم الرئيسي يتمثل في جعل المجتمعات الإسلامية في أوروبا متطرفة. فهم يأملون بأن تصبح أوروبا قارةً إخوانية بعد 30 عاماً. وحول الأخطاء التي ارتكبتها أمريكا قال سموه: أعتقد أن أمريكا اقترفت خطأين: يتمثل الأول بالدخول في العراق، أما الخطأ الثاني فيتمثل في سحب القوات الأمريكية من العراق وتفكيك الجيش العراقي. وبشأن "أرامكو" قال: لقد قلنا إننا سنكون جاهزين لطرح أسهم "أرامكو" بحدود العام 2018. ونحن مستعدون. صغنا جميع القوانين. وقمنا بجميع الخطوات التي تجعلنا مستعدين لطرح أسهم أرامكو. أما الآن فالمسألة هي اختيار الوقت المناسب. نعتقد أن أسعار النفط سترتفع في هذا العام، وسترتفع بشكلٍ أكبر في عام 2019، لذا نحن نحاول أن نختار الوقت المناسب، ونحن ننظر في جميع الخيارات، والفريق الذي يعمل على طرح "أرامكو" الأولي للاكتتاب العام يظل يقول لي: "لا تقل شيئاً عن ذلك". وتابع في رده على أحد أسئلة المحاور:إنني أحب الفن. وأؤمن بأن أي شخص يمتلك ذوقاً رفيعاً، يجب أن يحب الفن ويقدره. وهناك العديد من الفنانين الرائعين حول العالم، ولا يمكنني أن أحدد شخصاً واحداً ليكون فناني المفضل. وإلى تفاصيل الحوار... المُحاور: منذ متى وأنت تفكر بالقيام بهذه الجولة، وما هدفك من ورائها؟ ولي العهد: حينما بدأت أفكر بالقيام بجولة؛ كانت لدينا خطة لأجل السعودية. ونحن نفعل ما بوسعنا لتحقيق وتنفيذ هذه الخطط. ولتنفيذ ما نقوم به؛ توجّب علينا أن نحظى بكثيرٍ من الشركاء من حول العالم. والولايات المتحدة أحد أقدم حلفائنا في العالم بأكمله، ونحن أقدم حلفائها في الشرق الأوسط، والعلاقة الاقتصادية بين البلدين عميقةٌ جداً. المحاور: لقد قضيتَ بعضاً من الوقت في واشنطن، كيف كان ذلك؟ إذ يبدو أنك تحظى بعلاقةٍ شخصيةٍ جيدة جداً مع الرئيس وعائلته. ولي العهد: بالطبع لدينا علاقة جيّدة مع الرئيس ترامب، ومع فريقه، ومع عائلته، ومع جميع الأشخاص المهمين في إدارته، ولدينا أيضاً علاقة جيدة جداً مع كثير من أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين وكثير مع الأشخاص في الولايات المتحدةالأمريكية. والجميع يؤمن بأهمية البلدين في مواجهة المخاطر التي تواجهنا، وبأهمية الاستمرار في إيجادِ مستقبلٍ أفضل لكلا البلدين. المحاور: أثناء عهد الإدارة السابقة، الأمور قد أصبحت شائكة جداً في النهاية، خاصة فيما يتعلق بصراع اليمن. ولي العهد: نعم. قد لا نتّفق حول بعض الأمور مع الرئيس أوباما وحول بعض آراء الرئيس أوباما، ولكننا أيضاً نتفق حول كثيرٍ من الأمور. ولذلك عملنا سوياً في مكافحة الإرهاب مع الرئيس أوباما في بداية عام 2016 وكانت لدينا وجهات النظر ذاتها تجاه النظام الإيراني والخطر الذي يشكّله النظام الإيراني. كان الفارق الوحيد يتمثل في الطريقة التي يجب أن نتعامل بها مع تلك الرواية الشريرة للنظام الإيراني. وهذا ليس فرقاً كبيراً. فنحن في صفٍّ واحدٍ بنسبة 99%، والفارق ما هو إلا 1% فحسب، ولكن، كما تعلم، الناس تحاول التركيز على الواحد% وتتجاهل ال99% التي نتفق حولها. المحاور: لقد تطرقت لإيران. أنا متأكد أنك رأيت اختيار الرئيس ترامب مؤخراً لجون بولتون مستشاراً للأمن الوطني موفقا. وجون يشاركك كثيراً من الآراء التي لديك أنت تحديداً تجاه إيران. كيف كانت ردّة فعلك عندما تم اختياره؟ ولي العهد: حسنا، نحن نتعامل مع الولايات المتحدةالأمريكية، وأيّاً كان الشخص الذي يمثّلها، فنحن سنعمل معه. ونعتقد أن مصالحنا متماشية مع المصالح الأمريكية. وأعتقد أنه بإمكاننا أن نعمل معه بالطبع. ولا نخوض كثيراً في آرائه لأنها آراؤه الشخصية، ليست آراء الولايات المتحدة. وأنا متأكدٌ أنه عندما يتم تعيينه؛ فإنه سيمثّل أراء الولايات المتحدةالامريكية، وسنتعامل معه وسنرى إلى أين تسير الأمور. ولكننا بالطبع سندعمه. المحاور: أشعر بالفضول حقاً حول الطريقة التي توصلت بها إلى خطتك في السعودية. ولي العهد: نحن الآن في عهد الدولة السعودية الثالثة التي أسسها جدي الملك عبدالعزيز، والذي يعرف أيضاً بابن سعود. وتأسست السعودية الأولى قبل 300 عام. ولذلك بعد فترة الملك عبدالعزيز وفترة الملك سعود وتأسيس [الدولة] السعودية الثالثة، جاء الملك فيصل بفريق شاب عظيم جداً، وكان من بين فريقه الملك خالد والملك فهد والملك عبدالله والملك سلمان والأمير سلطان والأمير نايف والكثير من الأشخاص الآخرين. وقد تمكنوا من تحويل البلاد من بيوتٍ طينية إلى مدنٍ حديثة ذات معايير عالمية، بنية تحتية حديثة، وبلاد من ضمن مجموعة 20، وبلد من بين أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، وغيرها الكثير. ومن الصعوبة إقناعهم بأن هناك الكثير من الأمور ينبغي فعلها؛ لأن ما حدث في وقتهم خلال تلك ال 50-60 عاماً هو مثل ما حدث في تاريخ الولايات المتحدةالأمريكية في ال 300-400 عام الأخيرة. وقد شاهدوا النقلة بأكملها في حياتهم. إلا أنه بالنسبة لنا كجيل شاب، فإننا لم نشاهد ذلك، لأننا ولدنا في تلك المدينة الحديثة والرائعة، وعشنا في اقتصادٍ يعدّ بالفعل ضمن أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، وكان تركيزنا على ما كنا نفتقده، وما لا نستطيع القيام به. ونؤمن نحن بأن السعودية –حتى يومنا هذا– لم تستغل إلا 10% من قدرتها، ولدينا 90% متبقية لنحققها. وعليه فإن الخطط والرؤية تتمحور حول ال90% المفقودة؛ فكيف يمكن لنا تطبيقها بأكبر قدر ممكن وأسرع وقتٍ ممكن. نحن نرسم خطتنا بناءً على مكامن القوة لدينا. فلا نريد أن نقلد غيرنا. ولا نريد أن نبني وادي السيلكون. فهنالك بعض وسائل الإعلام التي تقول إن السعودية تبني وادي سيلكون في السعودية، وهذا غير صحيح. فنحن نرسم اقتصادنا بناءً على مكامن القوة لدينا: تكرير النفط، والمواد، والحركة، والنقل، والمعادن، والغاز. فلدينا العديد من اكتشافات الغاز في البحر الأحمر، ولدينا محتوى محلي وميزان مدفوعات. وننفق 230 مليار دولار سنوياً خارج السعودية. وإن لم نفعل شيئاً؛ فإن هذا الرقم سيرتفع في عام 2030 ليصل إلى ما بين 300 و400 مليار دولار ستصرف خارج السعودية. والخطة هي أن تنفق نصفها في المملكة العربية السعودية. لدينا برامج عدة لتحقيق ذلك. فلدينا الخصخصة. ويأتي على قمة الهرم طرح أرامكو، ضخّ هذه المبالغ وتقديم الأصول الحكومية وغيرها من الأصول والاحتياطيات النقدية الأخرى في صندوق الاستثمارات العامة، ودفعه ليصبح أكبر صندوق على مستوى العالم، بقيمة تتجاوز تريليوني دولار. فقبل عامين، كان حجم صندوق الاستثمار العام 150 مليار دولار أمريكي. أما اليوم فحجمه 300 مليار دولار أمريكي. وفي نهاية عام 2018 سيبلغ نحو 400 مليار دولار. وفي عام 2020 سيصل إلى ما بين 600-700 مليار دولار، وفي عام 2030 سيكون أعلى من تريليوني دولار. وسنستثمر نصف هذه الأموال لتمكين المملكة العربية السعودية، وال50٪ المتبقية سنستثمرها في الخارج لنضمن أن نكون جزءاً من القطاعات الناشئة في جميع أنحاء العالم. المحاور: ما مدى التحدي الذي تواجهه في وضع الاستثمار في الأماكن الصحيحة، وما مدى التحدي الذي تواجهه في تغيير طبيعة التعليم في السعودية، وتغيير التوقعات الثقافية حول من يفترض أن يعمل؟ ولي العهد: أولاً وقبل كل شيء، إن تعليمنا ليس سيئاً. إنه جيد. فنحن في المرتبة 41 من بين [أفضل] أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم. وتحتل فرنسا المرتبة 40، لذا فنحن تقريباً مثل فرنسا، وذلك فيما يتعلق بجودة نظام التعليم. ولا يمكن لأي بلدٍ كبير أو اقتصاد كبير أن يكون من بين أفضل 10 دول. إنه أمر صعب للغاية؛ لأنك إذا نظرت إلى أفضل 10 أنظمة تعليمية، فسوف ترى سنغافورة وسوف ترى الدول الصغيرة التي يمكنها التركيز بسهولة على نظامها التعليمي. ومع ذلك، فإن طموحنا هو ألا نستمر بجانب فرنسا، بل هو أن نكون ضمن أفضل 30 إلى 20 [نظاماً تعليمياً] في السنة القادمة. وخصوصاً أن طريقة التعليم تتغير في العالم. ولذلك، إذا كنا نريد الاحتفاظ بالمرتبة 41 ولم نفعل شيئاً، فإنه مع التغيير الجديد في أسلوب التعليم وفهم التعليم، لن نكون في قائمة أفضل 100 خلال السنوات العشر القادمة؛ ولذلك نحن نعمل على ذلك. كما أننا نتابع ذلك بعناية ولا نريد الاستمرار في هذه المرتبة. فنحن نريد أن نكون في وضع أفضل في السنوات ال 12 المقبلة. وطبعاً هذا بخصوص الحديث عن التعليم. وفيما يتعلق بالجوانب الثقافية والاجتماعية؛ فإننا نريد أن نحصل على أفضل المواهب ونقنعها أن تأتي من الخارج وتعيش وتعمل في السعودية، فيجب أن يكون لديك معايير اجتماعية وثقافية جيدة. ولا يمكن أن يكون لديك معايير معيشة وثقافية سيئة إذا كنت تريد أن تنمو وأن تكون أكبر بكثير اقتصادياً. لذا، هذا أمر مهم للغاية، فنحن نحاول أن نتطور. وأعتقد أنه في السنوات الثلاث الأخيرة، فعلت السعودية أكثر مما حدث في الثلاثين سنة الماضية. وذلك لأن هذا يتماشى مع اهتماماتنا كسعوديين لكي نكون قادرين على المنافسة في الحياة الثقافية والاجتماعية. وإن الإسلام منفتح. وليس مثل ما يحاول المتطرفون إظهاره عن الإسلام بعد عام 79. ولذلك، نحن نعمل جاهدين في هذا المجال، ونحاول أن نبذل قصارى جهدنا. فلدينا أكثر من 10 ملايين أجنبي في السعودية، ومعظمهم يعملون ومن أسر هؤلاء الموظفين. ونحن نعتقد أن [هذا العدد] لن ينخفض، بل سيزداد؛ لأننا نعتقد أن السعودية، كي [تحقق] طموحها، تحتاج إلى الكثير من الموارد البشرية والقوة البشرية، لذلك سيتم خلق الكثير من الوظائف للسعوديين وللأجانب لتنفيذ ما نحاول بناءه في السعودية. المحاور: هل تعتقد أنه بإمكانك الحصول على ثقافة العمل؟ ولي العهد: بالطبع. يجب علينا فعل ذلك. ويجب أن نكون منافسين. المحاور: إن الإسلام الذي تصفه ليس بالضرورة هو الإسلام الذي يرتبط به الجميع في بلدك. ولي العهد: نعتقد أن الممارسة اليوم في القليل من الدول –من بينها السعودية– ليست ممارسة الإسلام، بل هي من ممارسة الأشخاص الذين اختطفوا الإسلام بعد عام 79. كما أنها ليست من ممارسة الحياة الاجتماعية في السعودية حتى قبل عام 79. بل إنها أيضاً لا تتماشى مع فكرة السعودية بأنها دولة تتبع الإسلام منذ الدولة السعودية الأولى. وكما ترى فإن الفكرة هي أن الدولة السعودية الأولى حاولت معالجتها. إن الإسلام مختلف تماماً عما يحاول المتطرفون الترويج له اليوم. ففي الدولة السعودية الأولى، كانوا يحاولون جعل الناس يعبدون الله، وليس شجرة نخل؛ لأن الناس في ذلك الوقت كانوا يعبدون النخل لتصبح المرأة حبلى. وحاول المتطرفون الترويج إلى أن الدولة السعودية الأولى ستعود من أجل أن يروجوا لأفكارهم، وهذا ما كان يعملون على بنائه بعد عام 79، خصوصاً أنهم اختطفوا النظام التعليمي وكثيراً من المجالات للتلاعب بذلك. وهذا ما نحاول إظهاره للشعب السعودي وتحديهم بممارسات الدولة السعودية الأولى والثانية، والدولة السعودية الثالثة قبل عام 79، وأيضاً ممارسات الرسول نفسه خلال حياته. فإذا قال أحدهم إن "النساء لا يحق لهنّ ممارسة الرياضة"؛ فسنقول لهم ماذا عن أن الرسول تسابق مع زوجته؟ وإن قال أحدهم إن "النساء لا يحق لهنّ ممارسة التجارة"؛ فسنسألهم ماذا عن زوجة الرسول، فقد كانت سيدة أعمال وكان يعمل لديها. إذاً حتى ممارسات الرسول في صفّنا. لذا أعتقد أنه بإمكاننا إنجاز ذلك بسرعة كبيرة. أنا لا أريد إضاعة وقتي، فأنت تعلم أني لا أريد إضاعة وقتي. فأنا شابٌ ولا أرغب أن يضيع 70% من الشعب السعودي حياته محاولاً التخلص من هذا. نرغب بفعل ذلك الآن، نرغب بقضاء 70% من وقتنا في البناء وفي تطوير اقتصادنا وتوليد الوظائف وإنشاء أشياء جديدة، وتحقيق الأمور. المحاور: هل ترى بأن هذا الأمر يشكل خطراً بأي شكل من الأشكال على سلامتك، طبعاً أعني محاولة الابتعاد عن الوهابيين؟ ولي العهد: من هو الوهابي؟ ينبغي عليك أن تشرح من هو الوهابي؛ لأنه لا يوجد شيء يُعرف بالوهابي، وإن هذه عبارة عن أحد أفكار المتطرفين بعد عام 79، وذلك لإدخال العامل الوهابي لكي يكون السعوديون جزءاً من شيء لا ينتمون له. لذا أحتاج شخصاً يشرح لي ما هي تعاليم الوهابية. لا يوجد شيء يسمى بالوهابي؟ لدينا في السعودية طائفتان؛ السنية والشيعية، ولدينا أربع مدارس فكرية سنية، كما أن لدينا مدراس فكرية شيعية كثيرة، وهم يعيشون حياة طبيعية في السعودية. فهم يعيشون باعتبارهم سعوديين في السعودية. وقوانيننا مشتقة من القرآن وممارسات النبي. وهذه القوانين لا تحدد أي طائفة أو مدرسة فكرية بعينها. هناك عضو في المجلس، مجلس الوزراء في السعودية، من أتباع الطائفة الشيعية. وهناك عضو في البرلمان [مجلس الشورى] من أتباع الطائفة الشيعية. إن الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو"، وهي أكبر شركة في العالم، من أتباع الطائفة الشيعية. أهم جامعة في الشرق الأوسط، وتقع غرب السعودية –جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست"– من يترأسها؟ إنه شخص من أتباع الطائفة الشيعية. ولذلك، فإننا لا نميز بين السعوديين بناء على طوائفهم. فنحن نعيش في السعودية باعتبارنا سعوديين. مما يعني أن فكرة الوهابية تم الترويج لها من قبل طرفين؛ المتطرفون الذين يرغبون في أن تختطف السعودية من قبل فكرة يروج لها باعتبارها فكرة ليست بجديدة، وأنهم أرادوا أمراً قديماً، وهو أن ذلك أساس السعودية، وأنه يجب علينا أن نلتزم به. هذا هو الطرف الأول. الطرف الثاني هو النظام الإيراني من أجل عزلنا عن العالم الإسلامي بأكمله، وذلك بزعم أننا نختلق طائفة مختلفة في السعودية. وإذا ما نظرت إلى مجلس العلماء الذي يعد مجلس الإفتاء؛ فإنك ستجد أنه مكون من أشخاص قد يميلون إلى المدرسة الفكرية الحنبلية وبعضهم للمدرسة الفكرية الحنفية أو المالكية أو الشافعية. ونحن نشجع هذا التنوع في المدارس الفكرية في السعودية. المحاور: هل لديك أي مخاوف بشأن محاولة الانفصال هناك؟ ولي العهد: مخاوف بشأن ماذا؟ المحاور: أمنك الشخصي ولي العهد: لا، إننا نقوم بالأمور الصحيحة. ولا يمكن لأي شخص عقلاني أن يجادل مع ما هو صائب، وما هو صحيح، ومع الأمر المهم. لذا، فإن ما نفعله هو الإسلام، وما نفعله هو ممارسة النبي، وما نفعله هو ممارسة أسلافنا في الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، قبل عام 79. ثانياً، إن ما نفعله يصب في مصلحة الشعب والعامة. إن غالبية البشر، الغالبية العظمى، واقعيون. وبالطبع إذا عملنا جيداً، فسوف يفهم الناس ذلك. وبطبيعة الحال، بدون دعم الناس لم نكن لنستطيع فعل ما كنا نفعله في السنوات الثلاث الأخيرة. وفي الواقع، اعتقدنا أن الأمر سيستغرق أكثر من 10 سنوات. لكن لماذا نفعله خلال ثلاث سنوات؟ لأن الناس يدعمون هذه الخطوة. سأعطيك مثالاً، اليوم الوطني الأخير. كما تعلم، الشعب في السعودية لم يعتد الاحتفال باليوم الوطني؛ لأن كثيراً من المتطرفين قد أخبروهم بأن الاحتفال باليوم الوطني محرم. وعندما نظّم المسؤولون السعوديون خططاً لليوم الوطني في كل مدينة وقرية في السعودية، هاجم المتطرفون ذلك، وأن ذلك ضد الإسلام، ولن يذهب أحد، هذا ضد رغبة الشعب. وفي اليوم الوطني، يظهر الناس، وهناك الملايين في الطرقات يحتفلون باليوم الوطني. لذا من الواضح أن الشعب يدعم ذلك. ودون دعمهم، من المستحيل، ومن غير الممكن أننا سنحقق أي شيء. المحاور: هل تظن أن المملكة ستتقدم ويصبح نظامها أقل من كونه ملكياً مطلقاً في المستقبل؟ هل ترغب في أن تكون في يوم ما، مثلما يقول الملك عبدالله ملك الأردن، الذي يرغب في أن يكون ملكاً دستورياً يوماً ما؟ ولي العهد: ما يجب أن نركز عليه هو الغاية وليس الوسيلة. وهذه الغاية هي حكم القانون، وحرية التعبير، وحرية العمل، والأمن. هذه هي الغايات التي يتفق عليها الجميع، وهي الغايات التي نتفق عليها في السعودية بطريقتنا الخاصة. يجب أن نتبّع هذه الوسائل لنصل إلى تلك الغايات. ولنذكّر الأمريكيين، لو لم يكن الأمر يتعلق بالملكية المطلقة، لما كان لديكم الولايات المتحدةالأمريكية اليوم. فمن ساعد قبل ثلاثمائة عام في استقلال أمريكا؟ لقد كانت الملكية المطلقة لفرنسا، فبدون مساعدتهم، لكان هذا بلداً مختلفاً، وكانت المنطقة مختلفة، ولكان التاريخ مختلفاً. إذن ما يجب أن نركز عليه هو رؤية أي نوع من النظام الذي يمكن أن يشكل خطراً على الولايات المتحدةالأمريكية، مثل الاتحاد السوفييتي، عندها ينبغي أن تتعامل معه. ولكن إذا كان هناك نظام يمكن أن يخلق الفرص والتقدم مع الولايات المتحدةالأمريكية أو دول أخرى، فإن هذا يعني أنه نظام يمثل ما يعتقد شعبه بأنه نجاح. ويمكننا أن نرى هذا الأمر في عام 2011 [مع الربيع العربي]، ماذا حدث لأنظمة ومؤسسات دول لم تتناسب مع شعوبها، وماذا حدث لهم؟ المحاور: أنت لا تمثل فقط الجيل التالي، ولكن أيضاً تمثل عائلة واحدة فقط. لذلك فإنه بالنسبة للشعب فسيبدو أنك قد تكون أكثر حذراً، وربما أقل استقراراً. ومع ذلك قمت بتحركات قوية جداً. ولي العهد: لا، في الواقع، أولاً، الملك لديه الحق في اختيار ولي العهد وولي ولي العهد، ولا يمكن لأحد أن يصبح ولي العهد أو ولياً لولي العهد دون إجراء التصويت الذي يتم بين بين 34 ناخباً يمثلون أبناء الملك عبدالعزيز. وأنا حصلت على أعلى نسبة أصوات في تاريخ المملكة العربية السعودية، أكثر من أي شخص آخر قبلي. فقد حصلت على 31 من بين 34 صوتاً من مجلس البيعة. لذلك هذه هي الأعلى. وثاني أعلى رقم في المملكة العربية السعودية كان 22 صوتا. لذا، من الناحية التاريخية، لقد حققت رقماً قياسياً في الأصوات المؤيدة داخل العائلة المالكة. وهم ينتهي دورهم عندما يقومون بالتصويت. وأصبحت رسمياً ولي ولي العهد ثم ولي العهد. ثانياً: أنا لا أعمل لوحدي. بل أعمل مع كل الأشخاص الأذكياء حقاً من جيلي في العائلة المالكة. لدينا على سبيل المثال أكثر من 13 أميرا من جيلي ونفس عمري يعملون في 13 منطقة، ويتواجدون أيضاً في مجلس الوزراء وهم يعملون بجد، ويتواجدون أيضاً في مناصب مختلفة في مختلف الدوائر الحكومية. يوجد الكثير منهم. لذا فأنا أعمل مع أكثر من 40 شخصاً من العائلة المالكة من مختلف الفروع لإنجاح الأمور في المملكة العربية السعودية. المحاور: أنا أريد العودة للحديث عن الصفقة الإيرانية. هل تحدثت إلى البيت الأبيض حول ذلك وإمكانية إلغاء التصديق؟ فأنت ذكرت من قبل أنه إذا كانت إيران تتجه نحو تصنيع السلاح النووي فستقوم السعودية بنفس الشيء. هل وجهت حكومتك للقيام ببعض الأبحاث حول ما يمكن أن يتطلبه الأمر وكيف يمكن الحصول عليه بسرعة؟ ولي العهد: حسناً، لا يمكنني الحديث عن ذلك، لكن بإمكاني إخبارك أن الإيرانيين هم سبب المشاكل في الشرق الأوسط، لكنهم لا يشكلون تهديداً كبيراً للمملكة. ولكن إنْ لم تراقبهم؛ فقد يصبحون يوماً ما تهديداً. إنهم السبب الرئيسي في المشاكل، لكنهم لا يشكّلون تهديداً للسعودية. لماذا؟ ببساطة إيران ليست من ضمن الدول الخمس الأكبر في المجال الاقتصادي في العالم الإسلامي. وحجم الاقتصاد السعودي هو ضعف الاقتصاد الإيراني. كما أنه ينمو أسرع بمرتين أو ثلاث مرات من الاقتصاد الإيراني. كما أن الاقتصاد الإماراتي والمصري والتركي أكبر من الاقتصاد الإيراني..وهناك الكثير من الدول الإسلامية التي تحظى باقتصاد أكبر من الاقتصاد الإيراني. وذات الأمر ينطبق على الجيش. فهم ليسوا من ضمن الخمسة جيوش الكبرى في الشرق الأوسط. لذا فهم متخلفون بكثير. لكن مشكلة النظام هي أنهم قد اختطفوا البلاد. فهم يستخدمون أصول دولتهم من أجل تحقيق غاياتهم الأيديولوجية. وقد شاهدوا كل يوم، منذ ثورة 1979م، وهم يسعون إلى نشر أيديولوجيتهم. حتى في الولايات المتحدة. وبقيامهم بذلك سيخرج إمامهم المختبئ ليحكم العالم أجمع: الولايات المتحدةالأمريكية واليابان والعالم ككل. وهم مؤمنون بذلك ويقولون ذلك بكل وضوح. وفي حال كانوا لا يقولون ذلك، فليخرج المرشد الأعلى وينكر كلامي بعد هذه المقابلة ويقول إنه لا يؤمن بما قلته. أنهم يقومون بذلك منذ 1979م، ومتى ما رأيت أي مشكلة في الشرق الأوسط فستجد لإيران يداً فيها. ففي العراق كانت إيران متدخلة. وفي اليمن كانت إيران متدخلة. وفي سوريا كانت إيران متدخلة. وفي لبنان كانت إيران متدخلة. أين هي الدول المستقرة؟ مصر؟ إيران لم تكن هناك. السودان؟ إيران لم تكن هناك. الأردن؟إيران لم تكن هناك. الكويت؟ إيران لم تكن هناك. البحرين؟ إيران لم تكن هناك. لذا فإن جميع الدول المستقرة تنعم بالاستقرار لأن إيران لم تتدخل فيها. والأمر ليس فقط بين إيران والسعودية. إنه بين إيران والسعودية والإمارات ومصر والكويت والبحرين واليمن، والعديد من الدول في شتى أنحاء العالم. لذا فإن ما نريد ضمانه حقاً هو أنه مهما كان الأمر الذي يريدون فعله، يفعلونه داخل حدودهم. وقد أخرجناهم من أفريقيا بشكل قوي بأكثر من 95%. وذات الأمر ينطبق على آسيا. وذات الأمر ينطبق على اليمن. وفي العراق، فقد شاهدنا 70 ألف مشجع يرفعون علم العراق والسعودية معاً في مباراة كرة القدم التي جرت بين المنتخبين السعودي والعراقي. لذا فإنه يتم إعادتهم إلى داخل إيران تقريباً. ونحن نتمنى أن تحظى إيران كدولة وشعب بمستقبل أفضل بدون أولئك القادة. وفي حال تغير ذلك، فبالتأكيد ستكون إيران مقربة منا كما كانت عليه قبل 1979م. لكن في حال لم يتغير ذلك، فبإمكانهم الاستمتاع بأنفسهم لفترة طويلة من الزمن حتى يتغيروا. المحاور: وفي هذه الحالة أنت يجب أن تكون مستعداً للدفاع عن بلادك. ولي العهد: بالتأكيد. المحاور: إذا هل بدأت في البحث عن اقتناء سلاح؟ ولي العهد: أتقصد السلاح النووي؟ المحاور: نعم. ولي العهد: لا، فيما يتعلق بالسلاح النووي، فإننا لن نبدأ بفعل أي شيء. المحاور: لماذا؟ ولي العهد: حتى نرى إيران تعلن عن أنها تمتلك سلاحاً نووياً. بالتالي، فما ذكرته لن يحدث حتى يحدث الأمر الآخر. ومما لا شك فيه أننا نقوم بتجهيز جيشنا. نحن نمتلك جيشاً قوياً ومجهزاً للغاية، جيش يحظى بأعلى معايير الجودة ويجمع بين الجودة والحجم في الشرق الأوسط. وقد تجد في المنطقة جيوشاً أكبر في الحجم، لكن معداتهم ذات جودة منخفضة. ستجد أن هناك فقط جيشاً واحداً يملك تقنيات أفضل منا، لكننا أكبر بكثير في الميزان بخمسة أضعاف. وإذا ما نظرنا إلى الجودة والحجم؛ فإن السعودية تملك أفضل جيش، غير أن ما نريد ضمانه هو ألّا يشعر الشعب السعودي بما قد يحدث. والاقتصاد يجب ألا يتضرر أو يشعر بذلك. لذلك نحن نحاول التأكد من أننا بعيدون عن أي تصعيد قد يحدث، وألا يؤثر ذلك على الحياة الاجتماعية والحياة الاقتصادية الطبيعية في المملكة. نحن نحظى بذلك بالفعل، ولكننا نود بأن نكون بعيدين عن هذا الأمر بالتأكيد. المحاور: هل ستستخدم القوات البرية في اليمن؟ ولي العهد: في اليمن، الحرب بين أطراف الشعب اليمني، والحكومة اليمنية هناك تسعى جاهدة من أجل التخلص من الإرهابيين الذين اختطفوا بلادهم وحياتهم الطبيعية. وهي حربهم. ومهما كان الأمر الذي يطلبونه من السعودية أو الدول الاثنتي عشرة في التحالف، سنقدمه. وحتى اليوم لم يطلبوا تواجد جنود على أرض المعركة. المحاور: هل ستأخذ ذلك الأمر بعين الاعتبار؟ ولي العهد: في حال دعت الحاجة، وفي حال طالبتنا الحكومة اليمنية بذلك، فإننا سنلبي نداء الرئيس اليمني الشرعي المنتخب والمعترف به من قبل جميع دول العالم والمدعوم من قبل مجلس الأمن. المحاور: تقول الأممالمتحدة إن هناك 10 آلاف تقريباً من المدنيين قد لقوا حتفهم في الصراع، وقد تحدث أيضاً بعض الأعضاء من الكونغرس وجماعات الإغاثة المستقلة عن أن الغارات الجوية التي تشن من قبل دولتكم قد وصلت إلى حد جرائم الحرب. ما هو ردك على هذه الانتقادات؟ ولي العهد: حسناً، أولاً الأخطاء واردة في أي عملية عسكرية. ليس بإمكان أحد خوض أي عملية عسكرية في شتى أنحاء العالم، حتى الولايات المتحدةوروسيا وجميع الدول، دون أخطاء. السؤال هو هل كانت تلك الحوادث عن طريق الخطأ أم متعمدة. وبالتأكيد، فإن أي أخطاء ارتكبتها المملكة أو دول التحالف هي حقاً أخطاء غير مقصودة تماماً. ونحن نعمل مع العديد من الدول في شتى أنحاء العالم من أجل رفع مستوى قواعد الاشتباك لدينا والتأكد من عدم وجود أي وفيات مدنية في العمليات العسكرية. ويجدر الذكر أننا نحن أكبر مانح للمساعدات في تاريخ اليمن. كما أننا لا نزال نقدم أفضل ما لدينا من أجل التأكد من توفر الدعم للاحتياجات الإنسانية ومصالح العامة والرعاية الصحية والتعليم في اليمن. ودائماً ما نقدم يد العون بشكل مباشر لأي مبادرة تقوم بها منظمة الأممالمتحدة أو أي مجموعة في شتى أنحاء المعمورة، ونسعى للعمل بشكل إيجابي في ذلك الجانب. لكن أحياناً في الشرق الأوسط لا تكون جميع الخيارات بين جيد وسيئ، أحياناً يتوجب علينا أن نختار بين سيئ وأسوأ. لكن دعني أخبرك بأمر مهم، الأزمة الإنسانية اليمنية لم تبدأ في عام 2015، بل بدأت في عام 2014 عندما بدأ الحوثيون بالتحرك. ولكن ماذا لو لم يستجب التحالف ومجلس الأمن لنداء الرئيس اليمني والحكومة الشرعية اليمنية؟ سوف ترى اليمن منقسماً بين مجموعتين إرهابيتين؛ الحوثيون وهم حزب الله الجديد في الشمال، والقاعدة في الجنوب وهم يحاولون استغلال ما يحدث هناك ويحاولون النمو منذ عام 2015. وهكذا سترون اليمن منقسماً بين هاتين المجموعتين الإرهابيتين. وكان ليكون الوضع أسوأ بكثير جداً مما هو عليه في العراق؛ لأنه في العراق عام 2013م لديك تنظيم "داعش"يستولي على نصف العراق، وفي النصف الآخر لديك حكومة شرعية مع جيش، وقد استغرق الأمر 5 سنوات للتخلص من هؤلاء الأشرار، وخلال هذه السنوات الخمس نزح الملايين من اللاجئين وحدثت الكثير من العمليات الإرهابية حول العالم. لذلك تخيل أننا طردناهم من العراق ومنحناهم ملاذاً أفضل في اليمن بدون أي حليف ولا حكومة ولا جيش يساعدنا بداخل اليمن، كم ستستغرق عملية التخلص منهم؟ ستستغرق أكثر من 5 سنوات، ستستغرق أكثر من 10 سنوات، ستستغرق نحو 20 سنة، وستتطلب تحالف أكثر من 60 دولة، تحالف أكبر من الحالي. وستعرقل 13% من التجارة العالمية عبر باب المندب (مضيق بين اليمن وشبه الجزيرة العربية)، وقد حاولت هذه الجماعات الإرهابية عرقلتها، لكنهم فشلوا بسبب جهود التحالف، هل تعرف ما معنى 13% من التجارة العالمية؟ هذا يعني 13% من تجارة الولايات المتحدةالأمريكية و13% من تجارة الصين و13% من تجارة جميع دول العالم، هذا يعني أن حدوث ذلك سيضر بالاقتصاد الدولي. بالنظر إلى ذلك، هل ينبغي علينا أن ننتظر حتى حدوثه؟ لقد تحققنا من الأمر، ثم تدخلنا، بعد ذلك ستكون الأمور صعبة. لن تحدث أي مشكلة في العشرين سنة القادمة؟ أم يتوجب علينا التصرف؟ هذا هو سبب وجود استخبارات في المملكة العربية السعودية وأمريكا وكل مكان، لكي يقرؤوا المستقبل، ويعرفوا ما يحدث، ويروا السيناريوهات لتجنب حدوثها. وهذا ما حدث في اليمن، فنحن نبذل قصارى جهدنا للدفع من أجل حل إيجابي. نحن نعرف أنها لن تنتهي بدون حل سياسي. ولكن حتى يأتي ذلك اليوم، ليس لدينا خيار سوى مواصلة العملية العسكرية. المحاور: لقد كان هدف الغارات الجوية هو جلبهم لطاولة المفاوضات، ولقد كنتم تقصفونهم لمدة ثلاث سنوات لأجل ذلك، ولكن يبدو أن استهدافهم لعاصمتكم بالصواريخ الباليستية يتزايد، إذن ما الذي يتطلبه الأمر لإنهاء هذا النزاع؟ أعني، أنت تقول 20 عاماً. هذا جيل من السعوديين الذين سيكونون في حالة حرب دائمة. ولي العهد: لا لا، لقد قلت 20 سنة إذا لم نتصرف، ولن يستغرقنا الأمر 20 سنة لوحدنا بل سيستغرق العالم أجمع، فالحوثيون لا يهتمون بالمصالح والمصالح اليمنية، إنهم يهتمون فقط بأيديولوجيتهم والأيديولوجية الإيرانية وأيديولوجية حزب الله. أو أنهم يرغبون بالموت. هذا ما يهتمون به. ولهذا السبب من الصعب التفاوض والتوصل لحل معهم، وقد أعلنت الأممالمتحدة ذلك، كما أن المبعوث أعلن بوضوح شديد أن من يهرب من طاولة المفاوضات هم الحوثيون. إنها ليست الحكومة اليمنية والأحزاب اليمنية الأخرى. لكن علينا بالطبع أن نفتح الباب أمامهم إذا أرادوا العودة والتفاوض. لكنني سأقولها اليوم بشكل صريح، نحن نعمل من خلال معلومات استخباراتية على تقسيم الحوثيين، لذلك نرغب بمنح الفرصة إذا كان هناك أشخاص في الصف الثاني أو الثالث للحوثيين ويرغبون بمستقبل مغاير فسنساعدهم على فصلهم عن قادة الصف الأول الحوثيين الأيديولوجيين. المحاور: إلى أي مدى تتوافق مصالح السعودية مع مصالح إسرائيل؟ هل سيكون هناك مجال لإسرائيل في خطتك للتنمية؟ ولي العهد: حسناً، يبدو أن لدينا عدواً مشتركاً، ويبدو أن لدينا العديد من الأوجه المحتملة للتعاون الاقتصادي. ولا يمكن أن يكون لنا علاقة مع إسرائيل قبل حل قضية السلام مع الفلسطينيين، لأن كلا منهما له الحق في العيش والتعايش. وحتى حدوث ذلك، سنراقب، وسنحاول دعم حل للسلام. وعندما يحدث ذلك، بالطبع في اليوم التالي سيكون لدينا علاقة جيدة وطبيعية مع إسرائيل، وستكون الأفضل للجميع. المحاور: هل صحيح بأنكم استدعيتم أبومازن لتخبروه بأن يقبل بخطة السلام أو يرفضها، هل هذا أفضل ما بإمكانكم فعله؟ ولي العهد: تربطنا علاقة وثيقة بأبومازن، وأعتقد أنه رد على هذه الشائعات بنفسه ونفى صحتها. المحاور: إذا لم تكن صحيحة، فما هو الذي حدث فعلاً؟ ولي العهد: في الواقع أخبره الملك سلمان أن هناك مقولة في المملكة العربية السعودية تقول إن أهل مكة أدرى بشعابها. لذلك دائما ما يذكره الملك سلمان ويخبره: كما تعرف يا أبومازن، أهل مكة أدرى بشعابها، ونقول إن أهل فلسطين أدرى بشعابها. لذا فكل ما تراه مناسباً لك، سندعمه. أيا كان ما نسمعه من حلفائنا الأمريكيين، أيا كان، سنحاول ايضاحه، وسنحاول دعمه لجعل الأمور تحدث. ولكن إذا لم يناسبكم الحل، فهو حل غير مناسب. المحاور: ما فعله ترامب بالقدس جعلك لحد ما تبدو كالوسيط الجديد. ولي العهد: في الواقع، نحن نحاول فعل ما بوسعنا، إنني أحاول التركيز بإيجابية على الفرص التي أمامنا، وعلى الخطوة القادمة، وكيف تؤخذ الأمور في وضع أفضل، وليس كيفية المجادلة مع أي خطأ. المحاور: لنتحدث عن سوريا للحظة، ماهي النهاية الواقعية لتلك المأساة؟ ولي العهد: لا أعلم إن كان بعض الأشخاص سيغضبون حينما أجيب عن ذلك السؤال، لكنني لا أكذب. أعتقد أن الكذب على الناس أمرٌ مخزٍ فعلاً، وخصوصاً في عام 2018م، حيث يكاد يكون أمراً مستحيلاً أن تخفي شيئاً عن الناس. أعتقد أن "بشار" باقٍ في الوقت الحالي، وأن سوريا تمثل جزءاً من النفوذ الروسي في الشرق الأوسط لفترة طويلة جداً. ولكنني أعتقد أن مصلحة سوريا لا تتمحور حول ترك الإيرانيين يفعلون ما يشاؤون في سوريا على المدى المتوسط والبعيد، وذلك لأنه إن غيرت سوريا أيدولوجيتها، حينها "بشار" سيكون دميةً لإيران. لذا، فمن الأفضل له أن يكون نظامه قوياً في سوريا، وهذا الأمر أيضاً سيكون إيجابياً بالنسبة لروسيا. أما روسيا، فمن الأفضل لهم أن يكون لهم قوة مباشرة وأن يمكنوا "بشار"، ولديهم نفوذ مباشر في سوريا ليس عبر إيران. لذلك، فإن هذه المصالح قد تقلل من النفوذ الإيراني بشكل كبير، ولكننا لا نعرف ماهي النسبة المئوية لذلك. ولكن "بشار" لن يرحل في الوقت الحالي. لا أعتقد أن "بشار" سيرحل دون حرب، ولا أعتقد أنه يوجد أي أحد يريد أن يبدأ هذه الحرب لما ستحدثه من تعارض بين الولايات المتحدةوروسيا ولا أحد يريد رؤية ذلك. المحاور: لذلك أنت ترغب في رؤية وقف الصراع لأن النتيجة باتت مؤكدة. ولي العهد: أعتقد أنها اقتربت لتكون كذلك. لدينا الآن أراضٍ يسيطر عليها "بشار"، أما الأراضي الأخرى فهي تحت سيطرة الشعب السوري بدعمٍ من الولايات المتحدةالأمريكية. ونحن نحاول أن نركز في السعودية على كيفية مساعدة الشعب من خلال المعونات، ونحن لا نقوم بإرسالها بشكل مباشر. بل نرسلها عبر الأممالمتحدة والولايات المتحدة وحلفائنا، ونأمل أن تتوقف الأمور الذي تحدث في سوريا في أقرب فرصة ممكنة. وذلك لأن الناس يعانون هناك. المحاور: قال الرئيس أعتقد اليوم بأنه سيكون هنالك انسحاب للقوات الأمريكية من سوريا. هل ذلك أمرٌ تستحسنه؟ ولي العهد: حسناً، نعتقد أن على القوات الأمريكية البقاء على المدى المتوسط على الأقل إن لم يكن على المدى الطويل، وذلك لأن الولايات المتحدةالأمريكية تحتاج لأن تمتلك أوراقاً للتفاوض وممارسة الضغط. وفي حال إخراج تلك القوات، فأنت تخسر تلك الأوراق. هذا أولاً. أما ثانياً: تحتاج إلى نقاط تفتيش في الممر بين حزب الله وإيران، لأنك إن أخرجت هذه القوات من شرق سوريا، فستخسر نقطة التفتيش تلك وسيساهم ذلك الممر في تصعيد أمور أخرى في المنطقة. المحاور: إذن ذلك أمرٌ تخشاه، ذلك الممر المباشر. ولي العهد: بالطبع، ولكننا سنتولى أمره،ولكنه سيكون أكثر صرامة. المحاور: أود العودة إلى اليمن. في ظل إدارة ترامب، ذكرت أن عمليات الاستهداف قد تحسنت. ما الذي تغير في ظل هذه الإدارة والذي خول لكم تحسين عملية الاستهداف أو جمع المعلومات الاستخباراتية وغيرها من الأمور؟ ولي العهد: لا نتلقى الكثير من المساعدة من الولايات المتحدة ولا نطلب الكثير من الدعم منها. نحن نقوم بذلك بأنفسنا عن طريق تحالف من الشرق الأوسط، ونعتقد أن أننا نقوم بذلك بما فيه صالح العالم بأسره ومعظم بلدان العالم، على الصعيد الاقتصادي والأمني، وذلك كما أوضحنا في بداية هذه المقابلة. المحاور: بالتأكيد. ولكن هنالك دور للولايات المتحدة بالطبع. ولي العهد: إنهم يراقبون ما يحدث هناك. نحن نقاتل تنظيم القاعدة معاً. لدينا الكثير من العمليات الجارية في السعودية، الكثير من التخطيط، الكثير من البرامج لنقوم بها ونحن نزيد من أعمالنا لضرب تنظيم القاعدة بقوة في اليمن. وهنالك الكثير من المناطق، والكثير من المدن التي لا يمكن للناس التجول بها بحرية. ثمة مدنٌ خاضعة حالياً لسيطرة الحكومة الشرعية لأول مرة منذ خمسة عشر عاماً والتي كانت تحت سيطرة تنظيم القاعدة. إذن، فقد تلقى تنظيم القاعدة العديد من الضربات خلال هذه الأعوام الثلاثة الأخيرة، وهو أكثر مما تلقوه في الخمسة عشر عاما الماضية وهم يوشكون على الاختفاء، ويختبئون في الكهوف ومناطق مختلفة في اليمن. وإن الدور الذي نركز عليه مع الولايات المتحدة هو المزيد من العمل والمزيد ضد تنظيم القاعدة في اليمن والقيام بالمزيد والمزيد لضمان أن نمحوهم بالكامل بأسرع وقت ممكن. المحاور: سؤال التطرف. ما الذي يمكن فعله لعكس آثاره؟ أنا أفهم ما تحاول فعله داخل المملكة. ماذا عن الخارج؟ ولي العهد. نعم، بادئ ذي بدء، السعودية لا تنشر أي أيديولوجية متطرفة. السعودية هي أكبر ضحية للفكر المتطرف. إن كنت أنا أسامة بن لادن أو أي متطرف أو إرهابي، وأردت نشر الأيديولوجية الخاصة بي وأردت التجنيد، فمن أين سأقوم بالتجنيد؟ سأذهب إلى المغرب للتجنيد ونشر الأيدلوجية أو أذهب إلى ماليزيا؟ بالطبع لا. إن أردت نشر الأيدلوجية فسأذهب إلى السعودية. علي أن أذهب إلى قبلة المسلمين. علي أن أذهب إلى البلاد التي تحتضن المسجد الحرام. وذلك لأنني إن قمت بنشرها هناك، فإنها ستبلغ كل مكان. وذلك ما حدث بعد 1979. جميع هذه الجماعات المتطرفة، والإرهابيون الذين يستهدفون بلادنا لتجنيد المزيد من الناس من بلادنا، ولنشر أيديولوجيتهم في بلادنا لأنهم يريدون نشرها في جميع أنحاء العالم. وذلك ما حدث ولقد كنا أول وأكبر دولة تدفع الثمن. وكانت أولى العمليات حول العالم قد حدثت في السعودية وفي مصر في التسعينيات الميلادية. وأسامة بن لادن كان يتلاعب بالناس في بداية التسعينيات. ولقد طالبنا باعتقال أسامة بن لادن. لقد كان خارج السعودية. كان ينبغي أن يتم اعتقاله. ولقد ردت ذي صحيفة إندبندنت علينا في عام