دعني عزيزي القارئ أخبرك بمشهدين من مشاهداتي للمشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية، قبل أن تحملك الثقافة إلى ما هو أبعد من واقعها، وتأخذك في جولة على متن أحلام وردية لا تستبصر الشكل الحقيقي لواقع مشوه. المشهد الأول بأسماء افتراضية: كان حسن قارئاً لمها، حين كان يجمعهما أحد المنتديات الإلكترونية قبل عدة سنوات، إبان ثورة المنتديات وقبل أن يشتهر كل واحد منهما في مجاله، وقد كان من أشد الناس إعجاباً بكتابتها، وبعد عدة سنوات صارت مها (روائية) يُشار لها بالبنان، وصار هو كاتباً مرموقاً في أحد الصحف، فكتب عنها مقالاً مطولاً لم تهذبه صحيفته، فنقد كل رواياتها بأسلوب هو أبعد ما يكون عن النقد البناء، فلم يترك شاردة ولا واردة إلا وجاء عليها. سألته ذات مرة: هل تبدو رواياتها مهترئة إلى هذه الدرجة؟ قال بعد أن اعتدل في جلسته وتنحنح دون حاجة: في الحقيقة لم أقرأها، لكني حين تابعت حسابها عبر (Twitter) لم تتابعني، لقد تجاهلتني تماماً وكأنها لا تعرفني. فقررت أن أعلمها من يكون (حسن). فقلت في نفسي وأنا أشعر بالإحباط: واثقافتاه! المشهد الثاني بأسماء حقيقية: انقضى معرض الرياض الدولي للكتاب وكان الحدث الأبرز، هو اقتحام (أبوجفين) للمشهد الثقافي بتأليفه كتاباً. فانقسم حوله الأدباء والمثقفين إذ أيده البعض بدعوى حرية الكتابة وخالفه البعض الآخر بسبب الاهتراء الأدبي والثقافي الذي بدأ يسود على المشهد الأدبي والثقافي في المملكة. وبعيداً عن هذا كله كنت أود أن أوجه سؤالاً لجميع نجوم السوشيال ميديا، وهو: لماذا هذا الإصرار الغريب على إقحام أنوفكم في كل محفل؟ أتفق بشدة مع القول الرائج بأن الكتابة حق للجميع القراءة حقي الشخصي، ولكن أولئك المشاهير الذين يتبعهم في حساباتهم مئات الألوف من الناس، لن يضرهم لو تركوا الثقافة والأدب لمن هم أهل لها. وابتعدوا عن التضييق على المثقفين في محفلهم السنوي. لكن استمرارهم في كتابة ذلك الغث من الكتب لن ينتج إلا ضعفاً فكرياً وفقراً معرفياً لسنا في حاجة إليه، فإذا كان اشترى عشرة قراء كتاباً للدكتور عبدالله الغذامي فيما اشترى عشرة آلاف من الناس كتاباً لأبوجفين وغيره، فعلى أي شكل ستكون ثقافة الجيل القادم؟ أخيراً/ واثقافتاه! - عادل بن مبارك الدوسري