* ما حكم الدعاء على من ظلمني وأنا لا أستطيع أن أنتصر لنفسي ولا أملك سوى الدعاء؟ وما المقصود من قول: (العفو عند المقدرة)؟ - الدعاء على الظالم.. لا شك أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب كما جاء في الحديث الصحيح، في حديث معاذ لما بعثه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى اليمن قال في آخره: «واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» [البخاري: 1496]، ولا شك أن الدعاء على الناس لا يحبه الله -جل وعلا-، وهو من الجهر بالسوء إلا من ظُلم، فالمظلوم له أن يدعو على من ظلمه بقدر مظلمته، فلا يتعدى {لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [ النساء: 148]، لكن بقدر مظلمته، وإن ترك الدعاء عليه ورجا بذلك الثواب من الله -جل وعلا- فأجره موفور عند الله -جل وعلا-. المقصود من قول: (العفو عند المقدرة) أن صاحب الحق إما: - أن يكون قادرًا على استخراج حقه وحينئذٍ يعفو، ولا شك أن هذا هو العفو التام. - وإذا لم يكن قادرًا على استخراج حقه، وحقُّه بصدد أن يضيع؛ لعدم قدرته على استخراجه، فإن عفا فلا شك أن العفو أقل منزلة من العفو في الصورة السابقة، لكن إذا عفا لا شك أنه يتسبب في إبراء ذمة من ظلمه أو من أخذ حقه وإن لم يقدر على استخراجه، ويدخل في عموم العفو {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237]. لزوم الوفاء بالنذر * متى يلزم العبد أن يفيَ بنذره؟ - يلزمه إذا كان نذر طاعة، «من نذر أن يطيع الله فليطعه» [البخاري: 6696]، وقَدِرَ عليه، أما نذر المعصية فإنه لا يجوز الوفاء به، وكذلك إذا عجز الناذر عن الوفاء به فإنه {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة 286]، وحينئذٍ يكفر كفارة يمين. قصر عقوق الوالدين على القول فقط * قال تعالى: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} هل العقوق للوالدين متوقف على القول فقط؛ لأن النهي جاء عن القول في هذه الآية؟. - قوله تعالى: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} [الإسراء: 23] هذا الحد الأدنى من العقوق؛ لأن هذه الكلمة -المكونة من حرفين الثاني منهما من بين الشفتين، وقد يكون النطق به خفيفًا جدًّا- جاء النهي عنها، فلا شك أن ما فوقها من القول والفعل أشد، والفعل أنكى من القول، ولا يقتصر العقوق ولا يتوقف على القول فقط؛ لأن الشتم والسب ورفع الصوت لا شك أنه أشد من قول: (أف) يعني التأفف والتذمر، والفعل بالضرب ونحوه لا شك أنه أشد من القول باللسان، فهو شامل لهذا وهذا -نسأل الله السلامة والعافية-، وعقوق الوالدين من عظائم الأمور، وحقهما مقدم على حق كل أحد بعد حق الله -جل وعلا-. وورود مثل هذا النهي في القرآن الكريم دلالاته التأكيد على حق الوالدين، فإذا نُصَّ على هذه الكلمة -رغم خفتها- في القرآن الذي يتلوه المسلمون قاطبة إلى قيام الساعة فلا شك أن هذا يدل على عناية الشرع واهتمامه بحقوق الوالدين وتأكيد حقهما. ** ** يجيب عنها: معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء