البيع على المكشوف هو أداة شرعية مالية تساعد على حفظ توازن السوق إذا وضعت لها الضوابط المناسبة، وما كان لسوق الأسهم السعودية أن تصل إلى عشرين ألف نقطة لو كان البيع على المكشوف متاحا فيها آنذاك. وللإيضاح، فلو افترضنا أن أسهم سابك قد ارتفعت فلامست 200 ريال سعودي فسيشد هذا الارتفاع السعري انتباه زيد، وهو المضارب العتيق في سوق الأسهم السعودية. لم يرَ زيد مبرراً لهذا الارتفاع، بل رأى فيه فرصة تعوضه عن خسارته التي خسرها بالأمس. قدم زيد عرضاً من خلال شركة الوساطة المالية، والتي يمتلك زيد محفظة استثمارية لديها، لشراء ألف سهم لشركة سابك من صندوق التأمينات الاجتماعية الذي يحتفظ بأسهم سابك كمستثمر طويل الأجل. ساومت شركته المالية صندوق التأمينات الاجتماعية على سعر الأسهم وأغلقت الصفقة بشراء الأسهم لزيد بقيمة «ألف سهم لشركة سابك تحل بعد أسبوع وألف ريال سعودي حالة فورا» ووضعت شركته المالية الأسهم في محفظة زيد. باع زيد أسهم سابك بقيمة 200 ريال للسهم مما أدى إلى زيادة عرض أسهم شركة سابك في سوق الأسهم، وهنا يأتي دور البيع على المكشوف كبوليس يضبط سوق الأسهم من الفوضى السعرية. فإن كان ارتفاع سهم سابك عائداً إلى معلومات جديدة تفيد بنمو الشركة وارتفاع أرباحها أو إلى تصحيح سعرها العادل فلن ينخفض سعر سهم سابك بسبب البيع على المكشوف الذي قام به زيد وأمثاله. وأما إن كان ارتفاع سعر سهم سابك بسبب مضاربات وإشاعات وشراء بالهامش فسينخفض سعر السهم فورا من حين أن يدخل زيد و أمثاله بمضارباتهم بالبيع على المكشوف. إذن فالبيع على المكشوف سيعطي السوق السعودية سيولة أسهم وعمقا كافيا لمنع تلاعب المضاربين بأسعار الأسهم، وذلك بإيجاد مضاربين جدد بذخيرة جديدة هي الأسهم التي تمتلكها صناديق الاستثمار الطويل الأجل وإدخالها إلى سوق الأسهم السعودية بيعا وشراء دون أن تفقد صناديق الاستثمار الطويل الأجل موقفها كمستثمر طويل الأجل. فكأن عمليات البيع على المكشوف قوات محايدة ترابط على الحدود إذا اعتدى احد الفريقين على الآخر تدخلت بسلاحها الخاص لا بسلاح أحد الفريقين وأعادت التوازن. وعودة إلى زيد، فإن كان بيعه على المكشوف لألف سهم من شركة سابك موفقا وكان تحليله بعدم وجود مبرر لارتفاع أسهم سابك صحيحا فعاد سعر السهم إلى قيمته العادلة بسبب تزايد البيع على المكشوف فقام بشراء ألف سهم من شركة سابك ب190 ريالا ليسدد ما في ذمته لصندوق التأمينات الاجتماعية محققا بذلك ربحا يقارب التسعة آلاف ريال. البيع على المكشوف بهذه الصورة بيع جائز شرعا بالاتفاق وهو دور محمود قام به زيد فاستحق عليه الفوز بتسعة آلاف ريال. ولا يلتبس الفرق بين البيع على المكشوف العاري المحرم شرعا والممنوع غالبا، وبين البيع على المكشوف الحقيقي، في التأثير على أسعار الأسهم. البيع على المكشوف، يشتري و يبيع من أسهم موجودة ومتاحة للتداول في سوق الأسهم بينما البيع على المكشوف العاري، يُدخل أسهما لم تكن متاحة للتداول، وأقرب مثال لنا، اكتتاب الأهلي. فقد أقرضت البنوك مالا تملك، فأفسدت التخصيص.