تعتبر أسرة روزفلت من الأسر الأمريكية العريقة، وأحد أركان ولاية نيويورك، وهي أسرة ارستقراطية فاحشة الثراء، وصل اثنان من أبنائها لرئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، فمع مطلع القرن الماضي، أي في عام 1901، وبالصدفة المحضة، أصبح ثيودور روزفلت رئيسا لأمريكا، بعد اغتيال الرئيس، وليام مكينلي، الذي قتل في مدينة بافلو، في ولاية نيويورك، إذ كان روزفلت هو نائبه، فحل مكانه كما يقضي الدستور، وكان روزفلت قبل ذلك حاكمًا لولاية نيويورك، بعد أن عاد للحياة السياسية، بعد فترة حزن عميقة، مر بها بعد وفاة والدته وزوجته، فاعتزل الحياة في مكان قصي، في ولاية جنوب داكوتا، وأصبح حينها كاوبويًا محترفًا، وكان قد عاش طفولته يعاني من مرض الربو، الذي كاد أن يقضي على حياته مرات عديدة، وهذا ما جعله يتقمص دور المقاتل الشرس في شبابه وكهولته، في محاولة لتعويض ما عاناه في طفولته من ضعف كان يجعله محل شفقة من حوله. وبالفعل، كان زعيما قويًا، أكمل فترة الرئيس مكينلي، من عام 1901 حتى 1905، ثم تم انتخابه لفترة ثانية (1905- 1909)، وهو وإن لم يكن في قائمة الرؤساء الاستثنائيين، مثل جورج واشنطن وابراهام لينكولن، إلا أن له بصمات كثيرة في السياسات الداخلية والخارجية، ولم تكد تمضي فترة عقدين ونيف، حتى انتخب فرد آخر من هذه الأسرة، أي فرانكلين روزفلت، رئيسا لأمريكا، في عام 1932، ولهذا الرئيس حكايات لا تنتهي، فهو مصاب بشلل الأطفال، ولكن هذا لم يمنعه من مواصلة حياته، بل ونجاحه المنقطع النظير، والأغرب أن الشعب الأمريكي لم يعلم أنه مقعد، إلا بعد رحيله، إذ كانت فترة رئاسته قبل ظهور الإعلام المرئي، وتوافق انتخابه مع فترة الكساد الكبير، وهي فترة حرجة في التاريخ الأمريكي، استطاع أن يقود خلالها الأمة الأمريكية بنجاح، يتحدث عنه المؤرخون حتى اليوم، ثم جاءت الحرب العالمية الثانية، التي كان أحد أبطالها الكبار. فرانكلين روزفلت، الرئيس الوحيد، الذي فاز بأربع فترات رئاسية، وحكم أمريكا إحدى عشرة سنة، لأنه توفي، قبل أن يكمل فترة رئاسته الرابعة، إذ فاز في الانتخابات أعوام 1932 و1936 و1940 و1944، وغني عن القول إنه تم تعديل الدستور الأمريكي بعد ذلك، حيث لا يسمح للرئيس أن يترشح أكثر من فترتين رئاسيتين، أي ثماني سنوات، ويعتبر روزفلت، حسب كل المؤرخين والتصويتات الشعبية، واحد من أفضل ثلاثة رؤساء عبر التاريخ الأمريكي، مع الرئيس الأول، جورج واشنطن، والرئيس الاستثنائي، أبراهام لينكولن، وغالبا ما يأتي روزفلت في المركز الثاني أو الثالث، ولهذا الرئيس حكاية خاصة مع المملكة العربية السعودية، إذ هو الرئيس الذي قابل الملك المؤسس، عبدالعزيز بن عبدالرحمن، طيب الله ثراه، وذلك في البحيرات المرة في مصر، على متن سفينة كوينسي، وهو اللقاء، الذي وضع اللبنات الأولى للعلاقة التاريخية والوطيدة بين المملكة وأمريكا، وهي العلاقة التي لا تزال في أوج قوتها ومتانتها حتى يومنا هذا، بل هي اليوم في أزهى مراحلها.