نجح مجلس المسؤولية الاجتماعية في المنطقة الشرقية بتقديم دراسة شاملة عن واقع المسؤولية الاجتماعية لتعزيز البرامج المجتمعية وفق منهجية علمية تحقق الكفاءة؛ والجودة والتوزيع العادل. قدمت الدراسة بعض المبادئ الرئيسة الهادفة إلى تعزيز حضور المسؤولية وفاعلية القرارات والبرامج ومنها المبدأ الأخلاقي والتنمية المستدامة التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال تتبع حاجات المجتمع وترتيبها وفق الأولية عطفا على حاجة المجتمعات المستهدفة. قد تتداخل البرامج وتتوزع بين القطاع الحكومي؛ والخاص؛ والقطاع غير الربحي بما يستوجب العمل المشترك لتنفيذ البرامج والمشروعات المطلوبة. ومن الطبيعي أن يواجه العمل المشترك بين القطاعات الثلاثة بعض المعوقات التنظيمية إلا أن إيجاد المظلة الرسمية الداعمة؛ المتمثلة في إمارة المنطقة الشرقية؛ أسهم بشكل مباشر في إزالة المعوقات وتحقيق التعاون الأمثل بين القطاعات المختلفة. وللأمانة فجهود سمو الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز؛ أمير المنطقة الشرقية؛ وسمو نائبه الأمير أحمد بن فهد بن سلمان؛ نجحت في دعم برامج المسؤولية المجتمعية بشمولية سمحت للقطاعات الثلاثة بالعمل المتناغم لتحقيق الأهداف السامية. قد يكون مجلس المسؤولية الاجتماعية في المنطقة إحدى ثمار الدعم البارزة؛ لما يحققه من نجاحات؛ إلا أن حمل القطاع الخاص على أداء دوره المأمول في المسؤولية المجتمعية وفق آلية مستدامة ومشاركة فاعلة ورؤية مؤسسية وتحويل المسؤولية إلى ثقافة عامة متأصلة؛ من الأعمال المنهجية التي تحسب لسموهما. رئيس مجلس الأمناء بمجلس المنطقة الشرقية للمسؤولية الاجتماعية، الأميرة عبير بنت فيصل بن تركي، أكدت أن الدراسة «تهدف للتعرف على احتياجات المنطقة الشرقية من المشاريع التي تهتم بها الجهات ذات المسؤولية الاجتماعية، وحصر الشركات ذات الاختصاص في المنطقة، إلى جانب الاطلاع على البرامج والمبادرات التي تنفذها تلك الجهات وتحديد المستفيدين ونوعيتهم، وكذلك حصر أولويات الاحتياج من المشروعات لمجتمع المنطقة الشرقية عامة، واحتياج كل محافظة فيها». ولعلي أركز على «أولويات الاحتياج» في المنطقة الشرقية؛ وهي متنوعة بحسب الدراسة؛ إلا أن أولوية «إيجاد فرص عمل للشباب» تكررت في الدراسة الميدانية لجميع محافظات المنطقة التي يفترض أن تكون الأكثر خلقاً للوظائف كنتيجة مباشرة لتركز القطاع الصناعي فيها؛ وفي مقدمها قطاع النفط؛ والبتروكيماويات؛ والتعدين؛ إضافة إلى القطاعات التجارية المزدهرة والموانئ المحفزة لتوليد الوظائف المباشرة وغير المباشرة. من أهم برامج المسؤولية المجتمعية الاهتمام بالبيئة الحاضنة؛ وتوفير فرص عمل لسكانها وفق آلية عملية تضمن حصول الشباب والشابات المقيمين في بيئة المصانع الحاضنة على الوظائف المناسبة وفق نسبة محددة (كوتا) لا يمكن التنازل عنها؛ وهو أمر مطبق عالمياً خاصة مع القطاعات الصناعية المضرة بالبيئة وصحة الإنسان. ولعلي أضرب مثالاً في قطاعي البتروكيماويات والتكرير بالجبيل؛ الذين يولدان الكثير من الوظائف سنوياً؛ إلا أن نسبة البطالة بين سكان الجبيل من الجنسين مرتفعة جداً. ولو طبقت تلك الشركات المعيار العالمي في التوظيف وفق برامج المسؤولية المجتمعية والالتزام التنظيمي؛ لما بقي عاطل واحد من سكان المدينة الحاضنة لأكبر التجمعات البتروكياوية في العالم. توطين الوظائف لا يرتبط بسعودتها فحسب؛ بل وفي استفادة قاطني المناطق المكتظة بالمصانع منها؛ ولو طبق هذا المبدأ لأمكن تحقيق التوزيع العادل في المشروعات بين المحافظات والمناطق؛ ولأمكن وقف هجرة الشباب والشابات من محافظاتهم إلى المحافظات الأكثر توفيراً للفرص الوظيفية. ما أتمناه أن ينطلق مجلس المسؤولية الاجتماعية في المنطقة الشرقية في تطبيق مخرجات الدراسة؛ من هذه الجزئية المؤرقة لجميع الأسر في المنطقة.