أدركت المملكة مبكراً أهمية الإعلام؛ وقدرته على التأثير والتوجيه الإيجابي لخدمة سياساتها العامة ما حملها على ضخ استثمارات نوعيه في وسائله المتعددة. وبالرغم من حجم الاستثمارات المالية المنفقة؛ وتعدد الوسائل؛ وضخامة عدد العاملين فيها؛ إلا أن فاعلية منظومة الإعلام السعودي لم ترق لمستوى التأثير المأمول؛ ما سمح بدخول وسائل إعلام منافسة تمكنت بميزانيات محدودة وفترات زمنية قصيرة من السيطرة على الفضاء الإعلامي العربي وتوجيهه لتحقيق مصالح دولها أو منظماتها الداعمة. لم يتوقف الأمر عند الفاعلية؛ وكفاءة المخرجات مقارنة بالإنفاق السخي؛ بل أصبحت الرؤية المشوشة سمة من سمات الإعلام المحلي الفاقد للاستراتيجية المنضبطة؛ والخطاب المتناغم الذي يعكس الرؤية الوطنية ويخدم توجهاتها المحلية والخارجية. شكلت قناتي «العربية» وMBC شذوذ القاعدة؛ وتمكنتا؛ مؤخراً؛ من فرض وجودهما على فضاء الإعلام العربي؛ غير أنهما لم يتجاوزا ضبابية الرؤية الوطنية في بعض الرسائل، وتوجهاتها المرتبطة باجتهادات إعلامية لا السياسة الإستراتيجية. بات الوضع الإعلامي الحالي؛ أكثر إشراقاً مع وجود الرؤية الوطنية؛ والإستراتيجية الإعلامية؛ والإدارة التنفيذية الكفؤة؛ القادرة على استثمار المقومات المتاحة من أجل بناء منظومة إعلامية متكاملة قادرة على التأثير والتوجيه؛ محليا وخارجيا؛ وبما يضمن دعم السياسات الوطنية ومواجهة التحديات والحملات الإعلامية المسعورة.. حيث تعمل وزارة الثقافة والإعلام على إعادة رسم سياسة التواصل المتوافق مع متطلبات العصر الحديث؛ ووضع إستراتيجية إعلامية كفؤة تحقق من خلالها الأهداف الطموحة؛ إضافة إلى تنفيذها برامج نوعية تهدف إلى تطوير الإعلام الخارجي؛ وإنشاء مراكز إعلامية في الدول المهمة؛ ومركز التواصل الدولي الذي يُعنى بالإعلام الخارجي؛ ورصد رسائله ذات العلاقة بالشأن السعودي؛ والتعامل معها بإحترافية وفق رسائل إعلامية يتم صياغتها بلغة وثقافة المجتمع الموجهه له.. بالرغم من حداثة إنشائه؛ حقق مركز التواصل الدولي؛ الذي تقوم عليه كفاءات سعودية شابة متخصصة؛ نجاحات في القضايا الإعلامية المثارة ضد المملكة؛ وتمكن من تصحيح رسائلها الخاطئة؛ وتحجيم إنعكاساتها السلبية. هناك جانب تطويري مهم؛ ضمن عمليات إعادة الهيكلة؛ مرتبط بالكفاءات الإعلامية التي يفترض أن تكون حاضرة في القنوات الإعلامية الدولية والعربية لنقل وجهة النظر السعودية؛ والدفاع عن مصالحها؛ وتمثيلها بواقعية وانتماء رسمي يحد من الانتماء الصوري الموجه للإضرار بسمعة المملكة؛ أو تبني مواقف متعارضة مع سياساتها؛ أو الحديث بلسانها دون تفويض. إعادة رسم السياسة الإعلامية؛ وتحقيق كفاءة الاستثمار الإعلامي؛ وتطوير الإعلام الداخلي؛ واستثمار الإعلام الجديد؛ وتوحيد الرسائل الحكومية والتواجد المؤثر في الدول المهمة؛ وإنشاء مركز التواصل الدولي من أهم خطوات الإصلاح وإعادة الهيكلة والتحول التي يقودها بكفاءة معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد العواد؛ وفريق عمله؛ من أجل بناء منظومة إعلامية مؤثرة في الداخل والخارج؛ قادرة على مواكبة التحول؛ ودعم الأهداف الوطنية والدفاع عن الوطن وحماية مقدراته. أختم بالتأكيد على أهمية الحرية الإعلامية المسؤولة؛ والمنضبطة؛ والقادرة على تعزيز المكاسب؛ وتصحيح الأخطاء وتسليط الضوء عليها؛ فهي جزء لا يتجزأ من الإصلاحات المأمولة من معالي الوزير. فالإعلام شريك رئيس في التنمية؛ ومن أدوات الرقابة المهمة التي لا يمكن الاستغناء عنها.