أقول، نحن لسنا معنيين بتهديدات (هيلي) أو غيرها، لأننا والحمد لله رب العالمين، يدنا دائماً عليا، ولا ننتظر شيئاً من غير خالقنا، بل نحن نعطي من فضل الله علينا وتوفيقه لنا ثم بحسن إدارة مواردنا التي نوظفها لتنمية بلادنا ورفاهية شعبنا ومساعدة المحتاجين من عرب ومسلمين، وإغاثة المنكوبين في كل مكان في العالم... وأظنكم لن تنسوا أيها المخذلين، وإن كنت أدرك أنكم تكابرون، قوافل السعودية التي هي دائماً أول الواصلين بعد عون الله سبحانه وتعالى حيثما حلت في العالم نكبة هنا أو هناك، بصرف النظر عن الدين أو العرق أو حتى الاختلاف السياسي مها بلغت ذروته وتجنَّى علينا المستغيث وافتأت؛ لأن العمل الإنساني عندنا عبادة، من صميم جوهر رسالتنا.. هل نسيتم أم تناسيتم قوافل إغاثتنا السخية حتى لمدينة بام الإيرانية التاريخية التي فاجأ أهلها المساكين زلزال مدمر صبيحة السادس والعشرين من ديسمبر عام 2003م؛ فأودى بحياة أكثر من ثلاثين ألف شخص، وسوى قرىً كاملة بالأرض؟ بل أكثر من هذا أيها المنافقين الذين لا يعنيكم شرف ولا دين، مثلما يعنيكم الحصول على تلك الأموال القذرة ممن نجح بخبثه في غسيل مخكم فسخركم لخدمة أجندته في محاولة لوضع العصا في عجلة قافلة الخير السعودية.. لكن هيهات، هيهات لمثلكم أو حتى من أستأجركم أن يوقف اندفاع مسيرة خيرنا القاصدة. فها هي السعودية تستقبل اليوم أكثر من مليونين ونصف المليون من الأشقاء اللاجئين السوريين، ومثلهم تقريباً من الإخوة اللاجئين البرماويين، وثلاثة ملايين من الإخوة اللاجئين اليمنيين، الذين شردهم من تدافعون عنه، إضافة لإنشائها مركز إغاثة عالمي لتقديم الدعم والمساعدة للبقية في الداخل اليمني حتى من الحوثيين والمتمردين أنفسهم؛ وتدعم مسلمي الروهينغا؛ إضافة لاستقبالها مليون لاجئ من الإخوة الصوماليين، ولديها أربعمائة وخمسين ألفًا من الإخوة الفلسطينيين المسجلين رسمياً؛ ويعمل بها نحو سبعة ملايين من الإخوة العرب، بينهم ثلاثة ملايين من الأشقاء المصريين وحدهم، هذا بالطبع غير ملايين عديدة من المسلمين وغيرهم من جميع قارات العالم. وبجانب هذا تشرف السعودية اليوم على أكثر من (1500) مسجد وجامع ومركز إسلامي في أوروبا، وأكثر من (10.000) مثل ذلك في الدول العربية والإسلامية؛ ف(الإنفاق على المساجد وعلى الأوقاف الإسلامية، هو إنفاق في سبيل الله، ومصرف من مصارف الصدقة والإحسان و أعمال البر الخيِّرة، علاوة على كونه واجباً إسلامياً يحتم على المسلمين حماية المقدسات والأوقاف الإسلامية وصيانتها، خاصة أنها تحت أبشع أنواع الاحتلال الذي ما انفك يحيك المؤامرات، ويبتدع الحيل لتدميرها وطمسها)؛ كما أكد ذلك قائد قافلة المجد سلمان، في كلمته التي وجهها للمواطنين والمقيمين للتبرع لصندوق القدس في الرياض في 18-11-1411ه، الموافق 1-6-1991م. إضافة إلى أن السعودية تستقبل سنوياً نحو ثلاثين مليون حاج ومعتمر، فتوفر لهم كافة احتياجاتهم من أمن وأمان ومأكل ومشرب ومأوى ورعاية طبية بصورة أدهشت العالم كله، فتدافع لدراسة هذه التجربة السعودية النادرة الفريدة في إدارة الحشود بهذا الشكل المذهل. هذا غيض من فيض الدولة السعودية المباركة، التي يناصبها المأجورون العداء، فما هو الذي تجدونه في صحيفة من أستأجركم يا هؤلاء من خير وعمل خالص تستطيعون دفع حجتكم به أمام بلاد الحرمين، مهبط الوحي، منطلق الرسالة، قبلة المسلمين وأرض العرب.. يد الخير الطويلة؟. وصحيح، ما أنجزه سلمان خلال هذه السنوات الثلاثة المزهرات، فاق الخيال؛ إلا أننا نحن السعوديين لن نستكثره مهما تعاظم من قائد بطل فذ، كان ملكاً غير متوج لأكثر من خمسين سنة أثناء خدمته العامة في قيادة إمارة منطقة الرياض، كما وصفها في كلمته بمناسبة وضع حجر الأساس لمركز الملك سلمان الاجتماعي في 9-9-1413ه، الموافق 2-3-1993م: (إن عملي في الرياض لم يعنِ فقط الاهتمام بالرياض وحدها، بل لأن الرياض رمز لهذه المملكة، المملكة التي قامت دعائمها وأسسها على كتاب الله وسُنَّة رسوله، المملكة التي عندما وحَّدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل وأبناء هذه البلاد، وبمعونة الله قبل كل شيء، ثم بمعونتهم، لم يوحد أرضاً فقط، بل وحَّد القلوب). ويؤكد مع هذا كله: (وإنني أقدم شكري لكم جميعاً، ولمن أسهم في هذا العمل، ليس لأنه يحمل اسمي، بل لأنه يخدم هدفاً اجتماعياً خيِّراً... إنني وأي مسؤول يعمل في حدود واجبه وإمكاناته لا يُشكر، وإن كان الشكر واجباً، لكن ليس لي طبعاً، ولا أريد شكراً، لكن الشكر لله عزَّ و جلَّ. والشكر لي يأتي في كل عمل صالح وخير في هذه البلاد، في الرياض أو في مدن المملكة كلها). ويؤكد هذا الذي نعرفه كلنا عن والدنا وقائدنا اليوم سلمان، روبرت غوردون، السفير الأمريكي الأسبق في الرياض، إذ يقول: (لطالما لعب الملك سلمان حين كان أميراً للرياض، أدواراً كثيرة، من مصلح، وقاضٍ ووسيط، فضلاً عن تعامله الحكيم مع القضايا الاقتصادية، وهذا يجعله ملك استثنائي). وبعد: كنت أود لو أنني أستطيع الاسترسال أكثر في تسليط شيء من الضوء على قيادة حادي ركبنا سلمان، القائد الذي تمثل شخصيته (الكارزمية) حقاً تاريخاً مستقلاً، لقافلة مجدنا القاصدة، لولا ضيق المساحة التي تتاح لمقال كهذا.. لكن مع هذا، لا بد من كلمة أخيرة لأولئك الذين يحاولون يائسين، تقزيم كل هذا الجهد السعودي النادر الفريد، وكأنه فشل ذريع. فصمودنا في دعم العراق في حربه ضد إيران في تسعينات القرن الماضي لثمان سنوات، ووقوفنا مع العراقيين اليوم لعقد ونصف العقد، من أجل ترتيب بيتهم الداخلي والقضاء على الإرهاب الذي هدد وجودهم، ودعمنا للأشقاء في سوريا لنحو سبع سنوات، وللأشقاء في اليمن لأكثر من ثلاث سنوات.. هذا كله يعد نجاحاً ودليلاً على حزمنا وعزمنا وقدرتنا على الصمود والتزاماً برسالتنا في نصرة العرب والمسلمين كلما اقتضى الواجب ذلك. وعليه، أتمنى أن يتداعى قادة العرب والمسلمين إلى رياض العز والمجد والسؤدد للاتفاق مع قائدنا سلمان وتشكيل (هيئة الأمم الإسلامية والعربية المتحدة)، تنضوي تحتها جميع الكيانات العربية والإسلامية الموجودة اليوم بعد إعادة هيكلتها وإلغاء ما لا فائدة منه، حتى نستطيع أن نجبر العالم على احترامنا والاستماع لصوتنا وعدم العبث بحقوقنا. كفانا استخفافاً بنا، وضحكاً علينا.. فهذه قضية سوريا بعد ثمانية جولات في جنيف، ومثلها في أستانا، يتحول بها المتاجرون إلى جولات جديدة في سوتشي، ولا أدري إلى أين يأخذون القضية بعده.. ربما إلى بلاد الواق واق. ويقال الشيء نفسه عن قضية فلسطين، بل كل قضايا العرب والمسلمين.. فتعالوا يا عرب ومسلمين نتحد لنحك جلدنا بظفرنا، وننزع شوكنا بيدنا. فسر بنا: يا مَنْ تَوَالتْ حَمَامٌ فَيءَ رَاحَتِهِ والصَّقْرُ لاَقَى كِنَانَاً فَوْقَ كَتِفَيْهِ *** يا مَنْجَمَ الخَلْقِ قد أُذْخِرْتَ في مَلِكٍ في جَوْفِهِ اجْتَمَعَ الإِنْسَانُ مَا فِيْهِ كما جاء على لسان الأخ المهندس عبد الكريم عبد الله النعمان من تعز الحبيبة الأسيرة، في رائعته (رحاب المجد)، التي نشرت بجريدة الرياض، الأربعاء 2-4-1439ه، الموافق 20-12-2017م، العدد 18078، ص 14؛ مخاطباً قائدنا سلمان. مناشدين جميعاً مليك الخير والوفاء والعزم والحزم سلمان، بلسان أخي صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، الشاعر الفحل، الأديب، الفنان، الإداري المبدع: (أيها القادم من مجد الزمان، أيها السلمان الإنسان، أعبر بنا سطح الفلك، أنت لنا ونحن لك، بعزمك نقهر العدوان، ولك نقدم البرهان، وخاب من أراد فتنة واحتقان، ودامت راية مملكة العز مرفوعة خفاقة).. فاللّهم لك الحمد على نعمك التي تترى.. وكل عام قيادتنا بخير، ووطننا في أمن واستقرار وسلام، وشعبنا يتقلب في النعيم، والعالم كله في سلام واطمئنان.