انخفاض واردات الهند من نفط روسيا بنسبة 8.4%    رئيس الاتحاد السعودي للرياضة المدرسية يشكر تعليم الطائف    إنفانتينو يهنئ منتخب كاب فيردي على تأهله للمرة الأولى لكأس العالم    محافظ تيماء يستقبل مدير المعهد الصناعي الثانوي وفرع الكلية التقنية بتيماء    بيئة العمل في المصانع السعودية نحو التحول الرقمي    ختام الآيات ومناسباتها وعلاقتها بما قبلها    أمير الشرقية يصدر قراراً بتعيين البقعاوي محافظاً للنعيرية    حرس الحدود في ضباء تضبط مواطنين مخالفين للائحة الأمن والسلامة    أمير حائل يطلع على برامج وخطط جمعية إعمار    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال68 لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يرأس اجتماع اللجنة الدائمة للحج والعمرة    مجلس الشورى يعقد جلسته العادية السادسة من أعمال السنة الثانية للدورة التاسعة    مجلس الوزراء: تعديل نظام مهنة المحاسبة والمراجعة    تجمع الأحساء الصحي يواصل حملة «التبكيرة خيرة» للكشف المبكر عن سرطان الثدي    الملك فهد الجامعي" يفعّل اليوم العالمي للصحة النفسية تحت شعار "لتصل لذاتك"    تجمع الرياض الصحي الثاني يستقبل أكثر من 470 متدربًا ومتدربة في برامج البورد السعودي    الهلال والأهلي يبلغان نهائي كأس الاتحاد السعودي لكرة الطائرة    أمانة نجران : أكثر من 1700 جولة خلال أسبوع لمكافحة الحشرات    عمادة الدراسات العليا والبحوث تعقد اللقاء الأول لمنسقي برامج الدراسات العليا للعام الأكاديمي 1447ه    أمين العاصمة المقدسة يرأس الاجتماع الثالث للجنة الأعمال البلدية والبيئية لتعزيز التكامل التنموي بمكة    امير القصيم يزور محافظة رياض الخبراء    الرواية السعودية في كتارا..3 مسارات وكثافة إنتاج وتركيز على التحولات    تعليم جازان يتصدر ب 10.8% من المدارس الحكومية المتميزة على مستوى المملكة.    محمد بن سلمان رجل السلام    فرنسا: تشكيل حكومة جديدة من السياسيين والتكنوقراط    المملكة تتضامن مع أسر ضحايا حادث شرم الشيخ    بدعم من القيادة الرشيدة ..مرحلة جديدة نحو المستقبل.. السعودية تتسلم رسميا راية «إكسبو 2030 الرياض»    «ضمانات» مباشرة لمفاوضي حماس تقود لاتفاق غزة    فيروسات الإنترنت وبرامج التواصل الاجتماعي    تحذيرات روسية لواشنطن وأوروبا: «توماهوك» قد تشعل مواجهة نووية    ضبط 29,644 قرصاً محظوراً و192 كجم قات    «الأرصاد» : حالة مطرية خلال نوفمبر بمعظم المناطق    رئيس جامعة الملك سعود يدشن الدورة الخامسة.. بدء الترشيح لجائزة «جستن للتميز»    أهمية الحوكمة    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    في ختام الملحق الآسيوي المؤهل لمونديال 2026.. قمة الحسم تجمع الأخضر وأسود الرافدين    رينارد: مواجهة المنتخب العراقي الأهم في حياتي    تخريج أطباء سعوديين من برنامج «القيادة المتقدمة» بأوتاوا    برعاية وزير الداخلية وبمشاركة 40 دولة ومنظمة.. مؤتمر الإنتربول يناقش مستقبل العمل الشرطي    ماجد الكدواني بطل «سنة أولى طلاق»    الإمارات وقطر يتصارعان على بطاقة التأهل للمونديال    الهلال يحتاج إلى وقفة تقويم    الكلمة الطيبة.. محفّزة    زمن الاستحواذ مختلف    «التخصصي» يعزز ريادته في العلاجات الجينية    الإفراط في استخدام الشاشات يضعف التحصيل الدراسي للأطفال    التهاب المفاصل.. أهمية التشخيص المبكر والعلاج المناسب    سيولة تداول تتجاوز 5.6 مليارات ريال    1.13 تريليون صادرات السعودية خلال 90 يوما    المدينة تحتضن ملتقى علمياً لمآثر شيخ الحرم ابن صالح    الصقر رمز الأصالة    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 67,869 شهيدًا    الوطن أمانة    النصر يخسر ودية الدرعية بهدفين    أمراض الراحة    ترمب: ولي العهد السعودي يقوم بعمل رائع.. وثيقة توقف حرب غزة وتعيد الإعمار    رئيس جمعية حقوق الإنسان يستقبل وفد هيئة حقوق الإنسان    «الحياة الفطرية»: إجراءات شاملة لصون الطيور المهاجرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرات حول كتاب (المستقبل)

نظرات حول كتاب متميز في عنوانه، متألق في أسلوبه، صدر عن رجل يتميز بعقلية فذة، ورأي سديد، وبصيرة نافذة، وتجربة استفاد صاحبها من الماضي، وعاش الحاضر، واستشرف المستقبل، ولديه الإمكانيات الهائلة لعلاج المشكلات. هذا الكتاب النفيس (المستقبل) للرجل الراقي الفاضل الأستاذ الدكتور نزار عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية.
لم تكن قراءتي لكتاب المستقبل مجرد اطلاع فضولي على ما سطره يراع شخص مرموق متخصص وذي خبرة عميقة في العمل السياسي وإلمام بالشؤون الدولية، بل كانت بمنزلة رحلة بين دفتي كتاب، جمع بين متعة الصياغة اللغوية بأسلوب جميل سلس، ومسهب أحيانًا، خال من التعقيد اللفظي والتكلف.. ومتعة السياحة في أفق المستقبل الواسع واستشراف ملامحه اللامعة أمام ناظري القارئ. لكن الكتاب - فوق ذلك- تميّز بالطرح العلمي المنهجي المنظم؛ مما يحفز القارئ على متابعة هذه المرحلة الذهنية بدون توقف.
فقد أدرك الأستاذ الدكتور نزار أن مفهوم المستقبليات قد يكون غامضاً عند الكثيرين ممن يتوجه إليهم الكتاب، وأنه لا يؤخذ بجدية واقتناع؛ لذلك توسع في استعراض المدارس المختلفة التي تناولت موضوع المستقبل، وشرح مفهوم المستقبليات؛ ليؤكد أن التوقعات المستقبلية التي تتمخض عنها هذه الدراسات إنما هي مبنية على قواعد علمية ومعلومات نوعية وإحصائية، وتتبُّع لمسيرة الظواهر والوقائع الماضية ونتائجها الحاضرة، جعلت بالإمكان استخلاص ورسم التوقعات المستقبلية؛ وأنها لذلك بعيدة كل البعد عن أن تكون تنجيماً أو رجماً بالغيب. وكما ورد في أحد الأقوال المنتقاة عن المستقبل التي أوردها المؤلف في ذيل الكتاب فإنك (إذا أردت أن تعرف ماضيك انظر في أوضاعك الحاضرة، وإذا أردت أن تعرف مستقبلك انظر في أفعالك الحاضرة).
واختار الأستاذ الدكتور مدني لبحث التوقعات المستقبلية مجالين: الأول: هو ماهية التغيرات في المجالات العلمية والتقنية التي تناول فيها التغيرات المتوقعة في مجالات الحاسوب والإنسان الآلي والنانو والتقنية الحيوية، خاصة في الطب؛ فالتطور في تقنية الحاسوب سيتضاعف من حيث السرعة وحجم التخزين والقدرات في تطبيقات الاستخدام، وسيكون بفضل الشرائح الصغيرة المتعددة ذات القدرات التخزينية الهائلة التي يمكن زرعها في الأثاث والسيارات والملابس وإطارات النظارات أو العدسات اللاصقة إمكانية نقل المعلومات والصور ثلاثية الأبعاد (أي المجسمة) عن كل ما يريد المستخدم معرفته أو مشاهدته في توه ولحظته. كما سيكون بإمكان المستخدم بمجرد الضغط على الشاشة التي أمامه أن يتصل بمعارفه وغيرهم، والحديث معهم، أو مشاهدة البرامج التلفزيونية والأفلام.. كل ذلك وهو مستريح في منزله. وفي تقنية الإنسان الآلي (الروبوت) سيتجاوز التطور مستقبلاً مرحلة النوع الأول الذي يتحكم فيه البشر، ويبرمجونه لأعمال محددة إلى النوع الثاني الذي يؤدي جميع الخدمات المطلوبة مستقلاً عن صانعيه، بما يملكه من الذكاء الاصطناعي، ويمكن تغيير أجزائه حسب نوع الخدمة المطلوبة، لكنه لا يملك مثل البشر الوعي الذي يفهم به ما يفعله. وفي تقنية النانو سيتعدى التطور مرحلة التصنيع الجزئي لأنواع من الطلاء الكيميائي الذي يرش على المنتجات فيجعلها مقاومة للصدأ، أو لأدوات قطع المعادن إلى إمكانية إيصال الأدوية عبر مجرى الدم إلى الخلايا السرطانية. وكذلك لأنواع من الروبوتات النانوية التي بإمكانها تشكيل المواد الخام لإنتاج مواد جديدة. وفي التقنية الحيوية فإن تطور الهندسة الوراثية سيصل مستقبلاً عن طريق علم الجينوم البشري إلى محاولة التأثير في الجينات لغرض شفاء الأمراض بالعلاج الجيني، وللتحسين الوراثي، ولإبطاء زحف الشيخوخة... إلى آخر ما يصل إليه تصور العلماء. ولم يغفل الأستاذ الدكتور نزار ذكر ما قد يترتب على حدوث تلك التوقعات من تأثير سلبي أو إيجابي على الأنشطة البشرية في مجالات العمل والاقتصاد ووسائل النقل، وعلى السياحة والإعلام والصحة، وبعض التأثيرات السلبية، مثل فقدان شرائح من العمالة وظائفهم، التي يمكن معالجتها بالتعليم والتدريب التأهيلي للتكيُّف مع ظروف العمل الجديدة. كما يمكن إعادة تنظيم سوق العمل وإدارة الاقتصاد، وسن القوانين وأنظمة الرقابة التي تحافظ على مصالح النس. وعمومًا ستنشأ أدوات وأساليب للتغلب على السلبيات في المجالات المذكورة. على أن التقنية الحيوية التي لها جوانب إيجابية كثيرة في مجال تحسين الإنتاج النباتي والحيواني - مثلاً - فإن التقدم في المجال الطبي لا يخلو من المخاطر التي تتطلب الأخذ في الاعتبار، مثل (التدخل في الشفرة الوراثية) من الناحية الأخلاقية على الأقل، ولكن أيضًا لا يترتب على إمكانية القضاء على معظم الأمراض الفتاكة أو إطالة أمد الشيخوخة (أي إطالة العمر) - بإذن الخالق عز وجل - من كثرة السكان والتكالب على الموارد المتاحة من الماء والغذاء والغابات والإسكان، بما يمكن أن ينتج منه ظروف معيشية سيئة، إذا لم يتداركه العلماء بابتكار الأدوات والوسائل التي تخفف أو تزيح سلبياته. وفي الفصل الرابع والأخير تناول الأستاذ الدكتور نزار موضوع التغيرات المستقبلية في المجال السياسي على المستوى العالمي والعربي والخليجي، وهو مجال خاضع للعامل البشري، يتأثر بالعوامل الثقافية والحضارية، وبالظروف والمصالح الاقتصادية والأمنية.. وهي كلها عوامل متقلبة، يصعب التنبؤ بها، ولكن يجمع بينها وبين التغيرات التقنية في بحث مستقبلها أن المنهجية تكاد تكون متماثلة، وربما كان المؤلف يميل إلى تأولها بحكم تخصصه وخبرته في هذا المجال.
وعلى أية حال، فإنه يمكن من سبر أحداث الماضي القريب ومراجعة وقائع ومعطيات الحاضر المعاصر تصوُّر احتمالات المستقبل القريب.
وفي هذا السياق لا بد من التنويه بشمولية استعراض الأستاذ الدكتور مدني للدراسات التي تناولت التغيرات المستقبلية المحتملة في نطاق العالم العربي، والتي تميزت بالجدية والمصداقية، ورسمت بشكل متوافق تقريبًا ثلاثة سيناريوهات محتملة للتوقعات المستقبلية قصيرة المدى في العالم العربي، أولها استمرار حالة العجز العربي عن تدارك التدهور والتمزق والفوضى إذا استمرت الظروف والعوامل التي أدت إليها، ولم يحاول العرب - وهذا هو السيناريو الثاني - مغالبتها وتدارك أخطارها التي تهدد مصيرهم، وقاموا بالتنسيق فيما بينهم لإصلاح ما يمكن إصلاحه، وجبر ما تكسر في أوضاعهم، ومكافحة التدخلات الخارجية والتطرف. أما السيناريو الثالث فهو الاتفاق فيما بينهم على تعميق التعاون والتكامل في القضايا المشتركة، مثل قضايا الأمن والتنمية والتعليم والثقافة.. وعلى الرغم من أن الدراسات عمومًا تغلب الاحتمال الأول المتشائم إلا أن المؤلف يرى من تجربة اليابان والصين وألمانيا أنه يمكن للأمم أن تنهض من كبوتها، وكذلك العالم العربي إذا التزم العرب بأداء مهمتين متكاملتين، هما: مهمة ثقافية وحضارية وأخلاقية، وأخرى اقتصادية وعلمية وتقنية.
والحقيقة، إن في هذا الكتاب الخبر اليقين بأن علم المستقبليات ليس انسياقاً وراء الخيال بل هو مؤسس على دراسات علمية منهجية، تتوقع ما يأتي به المستقبل من مستجدات. وبعض التوقعات يصيب، وبعضها يخيب؛ لأن النبوءات قد يعترضها ظروف أو عقبات تحول دون وقوعها؛ وذلك إما بسبب عقبات تقنيه مستعصية أو - كما ذكر المؤلف نفسه - لعوائق مصدرها البشر أنفسهم الذين يقاومون كل ما يخالف رغباتهم، وهي غريزة باقية منذ عصر رجل الكهف.
** **


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.