لم تكن الترجمة في يوم من الأيام ترفًا. إنها المحور الأساسي المرتبط بالتقدم الحضاري. لقد أدرك هذا العرب القدماء فترجموا تراث الحضارتين الإغريقية واللاتينية من علوم وآداب للعربية، وأدركت ذلك أوروبا في عصورها المظلمة فترجمت التراث العربي الإسلامي للغاتها؛ لتنطلق منه إلى آفاق الضياء والتنوير، وأدرك ذلك الغرب الحديث فاتجه للمخزون الكبير في تراث الشرق الأقصى الصيني والياباني؛ ليعيدوا خلقه من جديد في الحضارة الغربية الحديثة. هكذا كانت الترجمة في كل الأزمان، نقطة عبور أولى نحو المستقبل والحداثة. وقد حرص المثقفون والمفكرون العظماء منذ القدم على تتبُّع الأعمال الإبداعية الخالدة والأفكار الأصيلة في الحضارات، ونقلها للغاتهم الأصلية حتى يتم التفاعل معها والانطلاق بها إلى آفاق جديدة. وهو دور مهم، يقوم به المثقف والمؤسسات؛ ذلك أن الأديب والشاعر لا يقف فعله عند الكتابة فقط، ولكن يجب أن يمتد للتنقيب في مكنونات الحضارات المجاورة ليخرج منها بما يفيد في تطور حضارته، أو بترجمة بعض مما في حضارته للغات أخرى للتعريف بها لتكون الترجمة سفيرًا للنوايا الحسنة وقوة ناعمة تدعم وقوف حضارته وتراثه ولغته في مصاف الحضارات المتقدمة. ومن هذا المنطلق نشأت تجربتي الخاصة في الترجمة ابتداء من منتديات «شبكة قامات الثقافية» حيث عمل مجموعة من الشباب الطموح على مشروع مذهل للترجمة، كان حينها يعد من القلائل على المستوى العربي. ثم قام نادي جازان الأدبي بتبني هذا المشروع؛ فأُسست أول لجنة للترجمة في الأندية الأدبية. وكانت أهداف هذه اللجنة واضحة ومحددة, وهي العمل على نقل الإبداع السعودي سردًا وشعرًا للغة الإنجليزية. ووضعت خطة للسير بهذا المشروع إلى شواطئ النجاح. وكانت خطوتنا الأولى مع القصة القصيرة في منطقة جازان لسهولة حصرها أولاً, ولأن نادي جازان الأدبي يجب أن يبدأ من محيطه وصولاً لإبداع بقية مناطق المملكة. أما الشعر ففضلنا أن يتأخر قليلاً بسبب تعدد مدارسه ومناهجه من تقليدي وحديث وقديم ومعاصر, ولم يكن سهلاً السير في كل الاتجاهات في وقت واحد. ولكي يكون العمل متخصصًا فقد وضعت ضوابط محددة في اختيار النصوص. وأهم هذه الضوابط أن يكون النص المختار منشورًا في مجموعة قصصية مطبوعة أو مجلة ثقافية معروفة، وأن يعبر عن الأبعاد الثقافية للمنطقة وتطورها، إضافة إلى الجوانب الفنية السردية. وعلى هذا بدأ جمعي للنصوص من خلال البحث عن المجموعات القصصية التي نشرها قاصوا جازان حتى عام 2008م، ولكني فوجئت أن قاصًّا كبيرًا مثل محمد زارع عقيل لم ينشر مجموعة قصصية, إلا أنه وبعد البحث وجدث له قصصًا منشورة في مجلة المنهل في عامَي 1955م و1957م. وكذلك الأمر للقاص الكبير عبدالعزيز الهويدي والقاص سهلي عمر رحمه الله. إذن المدى الزمني الذي اختيرت منه هذه المختارات القصصية بدأ من عام 1955م إلى عام 2008م تقريبًا. ولكي يكون العمل أكثر احترافية فقد رأيت أن تكون الترجمة من عمل فريق متكامل من مترجمين سعوديين وعرب، وليس من ترجمة فرد؛ وذلك في ظني يثري تنوع العمل من حيث تعدد خبرات المترجمين، وهو الأسلوب المتبع في مثل هذه المختارات عالميًّا. ومن الطبيعي جدًّا عندما تقدم عملاً أدبيًّا لقارئ بثقافة ولغة مختلفة أن تسبقه بتعريف عن هذا العمل حتى يتمكن القارئ الجديد من استيعاب حدوده الزمنية والمكانية والقضايا التي يناقشها؛ الأمر الذي يسهل عليه الدخول في أجوائه وفضاءاته؛ لذلك قمت بأخذ جزء من بحث رسالة ماجستير للباحثة بتول مباركي عن القصة القصيرة في منطقة جازان (طبعها النادي الأدبي بجازان لاحقًا)، وقمت بترجمتها للإنجليزية كمقدمة لعملنا المنتظر. القصة القصيرة في جازان ومن خلال اطلاعي على المجموعات القصصية المتنوعة، إضافة إلى المجلات الثقافية والكتب النقدية، متنوعة وثرية في أفكارها ولغتها، ومتجذرة القضايا التي تعالجها، ومعبرة عن ثقافة المنطقة وطبائع أهلها، إضافة إلى ما تحويه من مخزون فانتازي متفرد، يأخذ كثيرًا من الحكايات الشعبية الساكنة في ذاكرة البسطاء. وقد مرت بمراحل مختلفة منذ نشوء الكتابة القصصية على مستوى المملكة، حيث برزت أسماء مثل محمد زارع عقيل وطاهر سلام وأحمد عبدالواحد وعبدالله العطاس وغيرهم، ثم ظهرت أسماء مهمة كعمر طاهر زيلع وحجاب الحازمي وعبدالعزيز الهويدي وسهلي عمر، تلاه الجيل الذي برز فيه الروائي المعروف عبده خال وحسن حجاب الحازمي وأحمد يوسف والعامري، وغيرهم من القاصين، تم تلاه جيل الشباب. انتهت الترجمة، وتوالت القصص المترجمة تباعًا من المترجمين، وتم العمل على تحريرها ومراجعتها, ثم نشر العمل عام 2012م حاملاً عنوان (Everything is Reduced to Ashes )، وهو عنوان قصة قصيرة جدًّا للقاص حمزة الكاملي (كل شيء يترمد), وفي طياته (47) قصة قصيرة ل (28) قاصًّا. وقد حظي صدوره باحتفاء الوسط الثقافي والسردي بشكل خاص؛ ذلك لأنه أول كتاب ينقل القصة القصيرة في جازان للقراء باللغة الإنجليزية. وبحكم نجاح هذه التجربة، فقد كفلني مجلس إدارة نادي أبها الأدبي - ممثلاً في رئيسه الخلوق الدكتور أحمد آل مريع - بترجمة مماثلة للقصة القصيرة في منطقة عسير. ولإيماني بأهمية العمل الجماعي في مثل هذه المؤلفات فقد قمت بتشكيل فريق مصغر هذه المرة مكون من كاتب هذه السطور والقاصة والشاعرة والمترجمة وأستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة جازان سهام العريشي والأستاذة أسماء الشهري المبتعثة حاليًا من جامعة الملك خالد لأمريكا لنيل شهادة الدكتوراه في الأدب الإنجليزي, التي لم تمنعها ظروف دراستها من العمل بجد في سبيل إخراج هذا الكتاب. لم يكن اختيار النصوص من اختيارنا كما حدث في كتاب القصة القصيرة بجازان, ولكن النادي أرسل لنا ملفًّا، يحوي عددًا من النصوص القصصية لقاصين من منطقة عسير. ومع هذا فقد تدخلنا حسب رؤيتنا الفنية للنصوص المترجمة والبيئة المستهدفة لتغيير بعض النصوص، وإضافة بعض الأسماء، وقدمنا للكتاب بمقدمة عن القصة القصيرة في منطقة عسير، نشأتها وتطورها، وهي جزء من رسالة دكتوراه للدكتور والأديب أحمد التيهاني؛ لتعطي القارئ نبذة موجزة عن القصة القصيرة في عسير, وتكون معينًا له للتعاطي مع النصوص والدخول في أجوائها. وقد تم بحمد الله إنجاز الكتاب الذي اخترنا أن يكون عنوانه (Life›s Shoulders), ويحوي أكثر من ( 20) قصة قصيرة ل (15) قاصًّا وقاصة من منطقة عسير, وهو في طريقه الآن للنشر، وسيوقَّع في معرض الرياض الدولي للكتاب القادم بإذن الله. لدينا كثير من الأفكار والمشاريع في مجال ترجمة القصة السعودية القصيرة في المستقبل القريب, وهي تتبلور الآن وستركز محاورها على القضايا الإشكالية في المجتمع السعودي التي وصلت للغرب بطريقة مغلوطة أو غير صحيحة، لعلنا نصل إليهم بصورتنا المشرقة والمشرفة من خلال الإبداع. ولا يفوتني في هذا المقام أن أتقدم بالشكر لكل المبدعين والمبدعات لتعاونهم في هذا المشروع, والشكر موصول لمجلس إدارة نادي جازان الأدبي ومجلس إدارة نادي أبها الأدبي لحرصهما كمؤسسات ثقافية على القيام بدورهما لنشر إبداع شبابنا في لغات أخرى، وتبني مثل هذه المشاريع الثقافية التي تتواءم مع النهضة الحضارية الشاملة التي تعيشها المملكة العربية السعودية في عصرها الزاهي. الحياةُ عُقب سيجارة يحيى سبعي حجرة كئيبة.. يسري النور منها خاملاً.. خيوطه تتعرج من برد الشتاء الذي تسلل من تحت عقب الباب.. من النافذة ليسكن ويرقص تحت غطاء الليل وعلى مشهد من إحساسه. ساعات الليل تتساقط على رأسه كقطع الفولاذ وهو جالس على فراشه .. مهشماً .. يبحث عن الحياة بين أوراق قديمة يقلبها .. فيحرق تلك ، وتلك تحرقه .. نخر جيبه وأخرج سيجارة .. أحرق رأسها بعود ثقاب أودع نصفه بين أسنانه .. ثم قبل السيجارة بلوعة كبيرة .. ورمى بجثته إلى الخلف علَّه يغيب في الخيال قليلاً . قطار الحياة كان يلتهم أمتار عمره .. يسبقه في ضجة « سكون « الليل ! .. تتساقط أوراق رمادية هشة من بين أصابعه الشاحبة .. يسأل بعمق (لماذا حياتي رتيبة ؟ ) ويعود من جديد لاماً هامات الشموخ المنكسر .. ليستبد في الانطواء .. يقول : «يجب أن أعيش حياتي بكل حرية .. أنطلق ، أمتلك ، أعيش العمر بلا خضوع!!». وفي الحقيقة كان يبعثر بثواني العمر دون التقيد بقواعد المألوف . إن التزامات « هذا « الزمن لا تعنيه .. لقد تخطى حدود الرؤيا ، وغدا يلامس سني الجنون .. صدئت حياته، وانتهت بكل ما فيها ، إنه صاحب دمعة وحيدة في الظلام .. رحل والداه منذ ثماني سنوات مضت ، وهكذا اصطدم بواقع الحياة ذات الوجه القبيح - في رأيه - وكل ما يملكه هو هذا البيت الصغير - بحي العود - الآيل للسقوط .. وتلك المزهرية القديمة التي كان يعتني بها والده الراحل . لقد طالت السنون وهو يعيشها متعثراً في التعليم .. هذه سنته الأخيرة بالثانوية العامة .. وبعدها سوف يحال للطرد .. اتكأ على القادم من العمر، وصاحبه الخذلان مع الفشل في تلك الخوالي إلى أن .. في رحلته تلك إلى الأمس .. غلبه الغالب، ونام بعد تحليق لم يكلل بالنجاح . صباحاً .. نهض متثاقلاً، وحمل كتباً متناثرة هنا وهناك .. جلس على ناصية المقهى ليتناول كوباً من الشاي.. على سيجارة كل صباح . في منتصف النهار عاد خالد وألقى بكتبه الرثة على سرير متداعٍ .. غرز عقب سيجارة بإصبعيه في مزهرية والده التي قد اعتلت طاولة خشبية متهالكة ، فقدت رجلها الرابعة فاستندت على جانب ذلك السرير الذي أحدث صريراً حينما هزته الكتب . أخذ بيد الباب بعد أن داس فراش نومه الملقى على الأرض ، بينما كانت يده الأخرى تبحث في جيبه عن سيجارة جديدة . هذا اليوم دعاه صديقه للغداء ، توقف عند باب المنزل .. ابتسم ابتسامة يابسة ، وبلا اكتراث سأل نفسه: ( والعشاء أين ؟ ) .. لم يدم طويلاً على حاله تلك حتى ألقى تحت قدمه سيجارة لا فائدة منها تدرك .. ثم غدا لغايته . عند الرابعة عصراً اتجه نحو كشكه الحقير المواجه للهاتف العمومي.. قبل عام استدان قيمة هذا الكشك وسماه كشك العود - على غرار حيه العتيق - يبيع فيه المرطبات ويصرف للناس العملة المعدنية. جلس هذا المساء دون فائدة .. فالهاتف لا يعمل وقد ذهب بالأمس للمصلحة وأخبرهم بالأمر .. وحتى الآن ما زالت شكواه تحت غبار الرف ! .. أحياناً نولي لبعض الأمور شيئاً من الاهتمام لا لأهميتها لدينا ولكن لمصلحتنا الشخصية البحتة. مرت ساعات طوال عليه وهو يقلب شعر رأسه ويقول : ( قالوا إن العمر يجري إذا ما رأيت الشيب ظاهراً وها هو الشيب، وما زال العمر راسباً في أعماقي ، ولم يتغير شيء سوى أنني غداً سوف أغسل ثوبي هذا وأقلم أظافري و .. أقلم أظافري .. و .. «بس»)! جاء يوم غد واليوم الذي يليه وهو ما زال يردد قوله ذاك .. (سوف أغسل ثوبي .. و.. أقلم أظافري و.. «بس»!؟). عاد حين الغروب هارباً من الليل ؛ ليعيش ظلمة تسكن داره منذ أن قطعت الكهرباء ، عاد وأشعل الفانوس . ثم مضى ليغرق وجهه بالماء الذي لم يجد منه قطرة .. لقد نسي الصنبور مفتوحاً منذ ذهابه للمدرسة صباحاً ! بسخرية ظاهرة ابتسم ! .. نظر إلى آفاق صدئة ثم سأل شبحه المتعب هو الآخر: (هل هذه هي حياة الهزل ؟). ينحني قليلاً .. عله يجد قطرة يعلقها في الجفن الأيسر .. وتكتمل صورة الحزن .. مع دمعة هي الآن تهم بالمسير على الخد الأيمن . لم يجد مراده .. شد قامته .. ابتسم ثانية .. إنه يسخر من الجميع ويصرخ وحيداً : ( أنا أفضل منكم .. أنا..) .. يقهقه عالياً .. ثم غرب خارج المنزل ليدخل في الليل جاراً خلفه خطوات ثقيلة .. تنير دربه جمرة سيجارته التي لا تنتهي . جلس على ناصية المقهى .. الظلام أمامه .. والأفكار تتعارك .. بالأمس كان مطلقاً ذقنه وشاربه .. الليل يستند على عمود النور بدونهما .. يمد خرطوم « الشيشة « لنديم يقابله .. سأله : ( كم باتت الساعة الآن ؟) . أجاب المسؤول : ( الثالثة صباحاً ) . لم يسمع .. انتفض من مكانه .. ترك بعضاً من الأوراق .. وخيوط دخان تتصاعد على وهن هناك .. تتعانق مع نسائم السحر . كان يردد لصاحب قديم : ( الليل صديق آخر ) .. ويضيف في صمت مسموع: ( الليل هو أن تموت!!) . ( الأحد 23/2/1414ه : أخيراً غدت الأيام .. تقدمت للامتحانات .. وما هي إلا يومين وتظهر النتائج في الصحف المحلية . ملحوظة : أصبحت بائعاً للصحف في دكاني الصغير .. لم أعد أصرف العملة .. الهاتف المجاور انتهى أمره إلى تمديدات سوف تدخل الحي - ولننتظر تلك التمديدات سنوات طوالاً .. و ... التوقيع : خالد ) هذا ما كتبه في مذكرته الزرقاء، وكتب أيضاً في الورقة اليتيمة عند آخر المذكرة ما يلي : ( الثلاثاء 24/2/1414ه : حين المساء كعادتي .. عدت محملاً بغبار التفكير . غسلت وجهي ، وقدماً واحدة .. سوف أغسل الأخرى فيما بعد .. الماء لا يكفي . لقد غسلت ثوبي ذاك .. قلمت أظافري . الآن سوف أستقبل القبلة .. وجه الله حيثما كنت .. سأدعو خالقي أن يوفقني . غداً النتيجة . وهذه سيجارة وحيدة تلفها يدي وكأنها النهاية لعادتي السيئة .. سوف أقلع عنها. آه .. نعم تذكرت .. هناك دفتر أسود سوف أكتب فيه ذكريات ما بقي من العمر . هذه الورقة نهاية هذه المذكرة الزرقاء . (التوقيع :خالد ) عند الصباح كان النسيم يداعب أوراق الصحيفة التي بجوار الكشك فظهر اسمه جلياً أحد الناجحين في الثانوية لهذا العام . والذي رسم الخطوط العريضة لهذه القصة في مذكرته الزرقاء .. كان يرقد في بيته ذاك ، على سريره ذاك . . . إنما الطاولة العرجاء قد هوت .. ووقعت المزهرية .. تهشمت .. خرجت منها عشرات .. عشرات أعقاب السجائر.. ولم يدون في المذكرة السوداء شيئاً .. مطلقاً .. القصة من مجموعته القصصية ( المخش) الصادرة عن 2002م ويحيى السبعي من مواليد قرية الحسيني بجازان عام 1972م بكالوريوس حقوق ويعمل باحثًا قانونيًّا Yahya Sabie YAHYA SABIE was born in 1972 in the small town of Al- Husseini, Jazan, Saud Arabia. He has a bachelor›s degree in Law. He has published a short story collection entitled, Almkhsh in 2002. Later, he published a novel describing the society of Jazan entitled, Raven Leg. Life is a Cigarette Butt * Translated by: Hasan Alsalhabi It is a miserable room, from whence light is sent out in faint zigzag strings, because of winter coldness which has crept through the door butt end and the window, to dance under the cover of night and at the sight of his senses. Hours of night fall on his head as steel bars while sitting on his bed entirely smashed. He was looking for a life among his old papers, overturning them in order to burn one and to be burned by another. He slid his hand inside his pocket and picked out a cigarette, lighting its head with a match, and half of it was stuck in his teeth at last. He fervently kissed the cigarette and threw his body back, hoping to get deep in a reverie. The train of life, preceding him in the serenity of night, is devouring vast distances of his lifetime. Slight pallid papers shed from his pale fingers. He deeply asks, «Why is my life so dull?» Then he returns to start again in order to gather the remnants of the shattered pride, and go deeply into introversion. He murmurs, «I should live to enjoy myself freely, I should fly, I should live without being subjected to anyone.» In fact, he was scattering his life›s moments, paying no heed to the accustomed rules. He is unconcerned about the obligations of this time, because he has exceeded the limits of vision and reached the years of craze. His life has corroded and vanished completely. In darkness, he grieves in tears for his father who passed away eight years ago. Thus, he was shocked by the ugly face of life. Now all what he has is this small collapsed house in (Oad) quarter and that old vase which had been the focus of attention for his father. Schooling years have prolonged with his continuous failure. This is his last year in the secondary school, then he might be dismissed. He looked forward to the future, but he was always accompanied by frustration .Owing to his failure in the past years, he was discouraged, so he had to sleep after unsuccessful flights. In the morning, he hardly gets up to collect his scattered books. Every morning on his way to school, he sits at the foretop of the coffee shop to have a cup of tea with his usual cigarette. And in the afternoons, he returns home to throw his outworn books on his broken bed and puts a cigarette butt in his father›s vase which was placed on an unstable three-leg table leaning over the creaking bed. He clasped the door with a hand after stamping on his thrown bedding whereas the other hand was fishing a new cigarette from his pocket. That day, he was invited by a friend to lunch. «But what about dinner?» he murmured with an indifferent smile while standing at the door. He did not stay so long on that condition, then he threw the useless cigarette under his feet and went on his way. At four o›clock in the afternoon, he headed to his poor booth facing the public telephone. A year ago, he needed to borrow some money to set it up and called it «Al-Oad Booth» where he had been dwelling. It was for selling soft drinks and exchanging coins. That evening, he had no use this for the telephone was out of order, though he went to the company yesterday to inform them of this and till now, no one responded to his complaint, because we sometimes attached so much importance to many things, not for its great worth but for our mere personal advantage. The hours crept by slowly while he was combing his hair with his fingers. «They said that lifetime would fade away when you see hoary hair on your head, and here it is glittering on my head, but my life is still enrooted in the very depths of me, for nothing changed but my intent to wash my dress and cut my fingernails tomorrow, nothing more.» Tomorrow and the day after had passed and he was still repeating these words, «I am going to wash my dress and cut my fingernails tomorrow, nothing more.» He came back after sunset escaping from the night to dwell in deep darkness since the electricity had been cut from his house. He lighted an oil lamp, then he went to splash water in his face, but he didn›t find even a drop because he had left the tap dripping since he left to school in the morning. He smiled curling his lips. He looked to be anywhere in all these rusty verg es, asked his weary apparition, too, «What a cynical life we are brought to!» He leaned a bit hoping to find just a drop of water to hang it on his left eyelid. This sad scene was completed with tears rolling down his right cheek. He didn›t achieve what he was aiming for, so he composed himself and smiled again scoffing all the people around him and shouted alone, «No one is better than me.. me.» Giggling hysterically, he left his house to return at night drawing heavy steps behind, and inflamed only by the brand of his never- ending cigarette. He sat at the foretop of the coffee shop surrounded by darkness while the ideas were scuffling in his mind. Yesterday, he was growing his beard and moustache. He gave the narghile›s pipe to his friend asking, «What time is it now?» «It›s three o›clock in the morning.» Replied his friend. He could not hear him, so he suddenly got up leaving some papers and strings of smoke climbing weakly into the sky to merge with the light breeze of dawn. He used to say to one of his old friends, «The night is another friend.» And added in a heard silence, «The night is to die.» Sunday 8 August 1993: At last, the days have passed away. I am now on the edge waiting for the exam results to be seen in local newspapers. Note: (I became a seller of newspapers in my small shop. I put an end to exchanging coins. The neighboring telephone was done for wires. Certainly, we will wait for these wires for so long years ... ) Signature : Khaled That was what Khaled wrote in his blue notebook, he also wrote in the orphan paper in the end of the notebook: Tuesday 10 August 1993: At night, as usual, I returned home loaded with the dust of thinking, washed my face and only one foot, wishing to wash the other foot later because the water was not enough. I also washed my thobe and cut my fingernails. Now I am going to turn toward the Kaaba. I›ll ask my God to help me. The result will be announced tomorrow. This is the last cigarette twisted in my hand as a sign of the end of my bad habit. I will give it up. Oh, I›ve remembered the black book in which I will write the memories of what is left in my life. This paper is the end of this blue note. Signature : Khaled In the morning, the breeze was tickling the leaves of the newspaper next to the booth, and his name brilliantly met the eye as a successful student in the secondary grade this year, which drew the outline of this story in his blue note. He was lying in that house, on that bed, but the lame table had tumbled down and the vase fell broken turning out tens of cigarette butt. Finally, he did not record anything in the black note. * This story is from his collection, Almkhsh, published in 2002. ... ... ...