لا يختلف اثنان على أن القرارات التي اتخذتها الدولة -حفظها الله- مؤخراً بالتصدي للفساد والمفسدين, إنما سيكون لها انعكاساتها الإيجابية على اقتصادنا الوطني, وإذا كان ولاة الأمر -حفظهم الله- قد تصدوا للفساد من القمة, فإن المتأمل من جميع الوزراء والمسؤولين في الدولة أن يتصدوا لكافة أوجه الفساد, سواء كان ذلك الفساد موجوداً في أي من الموظفين العاملين في الوزارة, أو كان الفساد موجوداً في أيّ شخص له علاقة بالقطاع الذي يشرف عليه ذلك الوزير, وما من شك أن أحد أوجه التصدي وحماية المواطنين والمقيمين إنما يتمثل في القضاء على البعض من رجال الأعمال، ممن لا يترددون في ارتكاب مخالفات (بل جرائم) الغش التجاري في الكثير من الأنشطة التجارية. ومن خلال هذه الزاوية, فإنني أدعو معالي وزير التجارة النشط الدكتور ماجد القصبي إلى القضاء على مرتكبي جرائم الغش التجاري في مجال استيراد مواد البناء, تلك الجرائم التجارية التي يذهب ضحيتها المواطنون والمقيمون على حد سواء. وما من شك أن من أضرار دخول مواد بناء مغشوشة مقلدة بمواصفات رديئة إنما يتمثل في خلل في المباني وزيادة في التكلفة على المواطن, وتسرب في المياه مما يمثل هدراً كبيراً على الدولة, ناهيك عن ما تسببه المواد والسلع الكهربائية رديئة الجودة من حرائق لا قدر الله. إنني أدعو معاليه إلى توجيه المختصين والمفتشين بوزارة التجارة إلى كشف الكثير من ضعاف النفوس ممن يقومون باستيراد مواد بناء تحمل علامات تجارية أمريكية أو أوروبية, ولكنها في حقيقة الأمر مصنوعة في الصين أو الهند. والسؤال المطروح هنا هو كيف دخلت تلك المواد إلى المملكة, ومن أيّ منفذ, طالما أن وزارة التجارة تطالب بشهادة مواصفات محددة وشهادة المنشأ لبلد الصنع. اعتقد بأنه ضرب من ضروب الفساد عندما يقوم بعض الفاسدين بالتحايل والتدليس على الدولة وعلى المواطنين, عندما يقومون بإدخال مواد بناء رديئة الصنع تحمل ملصقات تشير بأنها صنعت في إحدى الدول الغربية المتقدمة. وما من شك أن انتشار مثل تلك المواد المغشوشة في الكثير من أسواقنا إنما يمثل الفساد بعينه وهذا الفساد غالباً ما يشترك فيه أحد موظفي وزارة التجارة أو مصلحة الجمارك بالتنسيق مع التاجر الفاسد, وفي ظني أنه يقع على المسؤولين في كل من وزارة التجارة وهيئة المواصفات والمقاييس ومصلحة الجمارك الدور الأهم في التصدي التجاري الذي عادة ما يذهب ضحيته الكثير من الأبرياء من مواطنين ومقيمين. وأدعو من خلال هذه الزاوية معالي وزير التجارة بإنزال أشد العقوبات بكل من يقوم باستيراد مثل تلك المواد المغشوشة, نطالب بالتشهير بهم وفرض الغرامات المالية العالية عليهم, بل حتى سجنهم, سواء كانوا تجاراً أم من الموظفين الحكوميين المتواطئين معهم. معالي الوزير, لو قامت وزارة التجارة وعمدت مراقبيها للتفتيش عن شهادات المنشأ والاستفسار من الوكيل لاتضحت الرؤية وتم كشف الكثير من المفسدين والتشهير بهم حماية للبلد من كل مفسد.