مغزى مهم لتصريح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حول الحرب في اليمن ومتى يمكن أن تنتهي، ولعلنا وبعد عامين ونصف العام من استجابة التحالف العربي بقيادة السعودية لطلب الشرعية السياسية اليمنية التدخل نعيد قراءة الأهداف الأساسية من التدخل العسكري في اليمن. عملت إيران على فكرة (الهلال الشيعي) وهو مصطلح كان قد أطلقه ملك الأردن عبدالله الثاني في مطالع الألفية الثانية محذرًا من التمدد الإيراني الذي كان قد وضع قدمًا من خلال ميليشيات حزب الله في لبنان وقدمًا أخرى في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003م، في ذات التوقيت كانت إيران وعبر ذراعها في قطر تُشرعن الوجود الحوثي سياسيًا وتدعم بسخاء الإخوان المسلمين في اليمن، ونتيجة التمويلات المالية الضخمة والانفلات الذي حدث في عام 2011م فإن إيران كانت قد وصلت إلى ذروة تغولها في العالم العربي وخصوصًا بعد زيارة المخلوع مرسي إلى طهران. كان من الواضح أن السعودية طوقت بالكامل حتى من خاصرتها في الجزيرة العربية بعد إسقاط الحوثيين للدولة اليمنية في سبتمبر 2014م، نتذكر اليوم تمامًا تلك المناورات العسكرية الضخمة التي نفذها الحوثيون على حدود السعودية وتحديدًا في منطقة كتاف بمحافظة صعدة، كانت المناورات تمهيدًا لعمليات عسكرية تهدد الشريط الحدودي السعودي، بل تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك لتدخل في الأراضي السعودية، لم تكن إيران وهي تشرف على تلك المناورات تعتقد أن السعودية ستتخذ قرار الحرب في اليمن، واعتقدت أن بإمكانها تحقيق مغزاها بتثبيت الحوثيين والسيطرة على كامل جنوب الجزيرة العربية مما يضع إيران كمسيطر على الممرات المائية الدولية في الشرق الأوسط. انطلقت عاصفة الحزم في مارس 2015م لتضع في أولوياتها إعادة الشرعية السياسية إلى اليمن وهذا يعني استعادة كل اليمن لسلطة الدولة فلن يكون مسموحًا بامتلاك جهة من الجهات لسلاح ثقيل أو متوسط خارج عن سلطة الدولة، حققت عاصفة الحزم هدفًا أساسيًا بتحرير 80 في المائة من اليمن، وحققت الأهم وهو تأمين الممرات البحرية العالمية باب المندب وخليج عدن والبحر العربي، مازال هناك جنوبالبحر الأحمر وهذا الجزء هو أكثر الأجزاء الذي ظهرت فيه إيران سواء من خلال استهداف سفينة المساعدات الإماراتية (سوفت) أو استهداف الفرقاطة السعودية والأمريكية عبر هجمات انتحارية نفذت بقوارب صيد صغيرة. جزء آخر لا يجب تفويته في هكذا استقراء حول الصواريخ البالستية التي أطلقت من اليمن تجاه السعودية ومن المفارقة أنه بعد حديث سمو ولي العهد بساعات أطلقت ميليشيات الحوثي صاروخًا بالستيًا استهدف سكنًا للعمال في إحدى القرى الحدودية في منطقة نجران، وهو ما يؤكد أن أكثر من 79 صاروخًا أطلقت من اليمن على السعودية لم تكن تلك الهجمات لتنفذها ميليشيات الحوثي منفردة، بل من خلال الخبراء العسكريين الإيرانيين والتابعين لحزب الله اللبناني، فلقد تم إثبات ذلك الوجود على مدى العامين الماضيين، وكذلك لا يمكن تجاهل استمرار إيران في تهريب الأسلحة للحوثيين. كل هذه الوقائع تقودنا إلى مغزى حديث سمو ولي العهد فلن يكون هناك نموذج حزب الله في اليمن، ولن يكون لدى الحوثيين سوى ما يستحقونه من تمثيل سياسي شأنهم شأن غيرهم من المكونات السياسية اليمنية، السعودية حددت هدفًا واضحًا إما سلام عادل يضمن أمن واستقرار المنطقة أو حرب تسقط أجندة الملالي كليًا في جزيرة العرب.