لم تكن الإدارة المدرسية من طموحاتي نهائياً ولا حتى الإشراف في مجال تخصصي الذي هو اللغة الإنجليزية، لم أكن أتصور في يوم أن أهجر الكتاب وقلم السبورة وضجيج الطالبات، عندما أطلب منهن تحديد يوم للاختبار، إلى أنّ تغير مفهوم الإدارة إلى قيادة هنا وجدت نفسي، وتقدمت العام الماضي للترشيح لأجدني هذه اللحظة أوقِّع على الأوراق وأختمها بمسمّى قائدة. القيادة بمفهومها الحديث هي (عملية إلهام الأفراد ليقدموا أفضل ما لديهم لتحقيق النتائج المرجوة، ومهمة القائد الأساسية هي شحن الأحاسيس الطيبة في نفوس الذين يقودهم، وذلك عندما يخلق القائد شكلاً من أشكال الرنين - والذي هو عبارة عن شحن مخزون من الإيجابية تؤدي إلى تحرير كل ماهو خير في الناس، وبالتالي فإنّ جذور وظيفة القائد هي في أساسها عاطفية). من هذا المنطلق قررت أن تكون بداية التحول، حملت سجل إنجازي على مدار عشرين عاماً، اجتزت المقابلة الشخصية بنجاح وثقة ولله الحمد، كنت بينهم وخلال أسئلتهم بلا أقنعة، إلى أن جاء قرار التكليف من مدير تعليم الرياض، لتكون خطوتي الأولى في مكان أظن أنني أحببته عندما تغيرت صورته. في مخيلتي أرى نفسي امرأة أخرى مغايرة تماماً للصورة النمطية للمرأة التي تتولى زمام الأمور في مؤسسة تعليمة، تلك التي لا وظيفة لها إلا تنفيذ ما كُتب على الورق وعقاب بلا شعور وتفهم للميدان من حولها. لعلني بالغت كثيراً في خيالي، ولكنني مدركة تماماً لحجم التحديات التي ستواجهني، فالإدارة البيروقراطية لن تتغير بين ليلة وضحاها ومحبو جمع الورق والسجلات لن يقتنعوا بإدارة إلكترونية وشخصيات، وطباع البشر ليست واحدة، ولكن الأصل فيها الطيبة، لذلك اليوم الذي يشرق بلا تحدٍّ سيكون يوماً ميتاً بالنسبة لي أشرقت شمسه على الدنيا ولكنها لم تشرق في وقتي. لعل قراءتي لكتاب الدكتور غازي القصيبي - رحمة الله عليه - ( حياة في الإدارة )، بالرغم من الفارق الكبير بيني وبينه، هي سبب كل هذا، ولكنني أشعر أن جذوة الجنون الخلاق والبحث عن المختلف هي ما تربطني به، أو لعله فقط شعور بسبب إعجابي وكونه من ضمن الملهمين لي, ولكنني على يقين أنّ الحياة التي لا تختبر صبرنا وطموحنا حياة متواطئة على موت الهمة فينا. ليس عيباً أن تشعر أنك مختلف، ولكن المشين أن تتوقف عند محطة واحدة، ظناً منك أنك حققت كل ما تطمح إليه. ** **