مهما تباعدت المسافات بين العاشق وحبيبته ومهما تقادم زمن فراقهما، يبقى الحنين يشتعل بين الفينة والأخرى يمضغ القلب ألماً وصبابة، ويستحث الخُطى للسير قُدُماً في كل الطرقات الوعرة المحفوفة بالمخاطر، لأجل استعادة الذكريات الجميلة المفقودة التي لم تنفك تلوح في خاطر ذلك العاشق، الذي لم يكلّ أو يملّ من التمسك بأطراف الأمل رغم كثرة المثبطين وقساوة السنين. بالأمس القريب عاد الهلال مرة أخرى - كعادته - إلى نهائي دوري أبطال آسيا وأصبحت الكأس تنظر إليه وجهاُ لوجه، حيث لم يعد يفصل بينهما لاستعادة وصال السنين الخوالي سوى 180 دقيقة في أفضل الأحوال أمام كتيبة أوراوا الياباني، عاد الهلال من جديد لاستعادة محبوبته التي خُطفت منه قبل 3 أعوام في ليلة ليلاء مظلمة، غاب عنها قمر العدالة والنزاهة، عاد الهلال - زعيم آسيا وفخرها وكبيرها - من جديد مشمّراً عن ساعد التحدي لينازل اليابانيين الذين غدر ابن عمهم بالهلال، وساق الكأس للأستراليين على طريقة (هبة من لا يملك لمن لا يستحق). والهلال يدخل معترك النهائي الكبير وأجوائه المهيبة تضرب أطنابها وتأخذ مكانها الرحب في نفوس كل الهلاليين، لدي عدّة إشارات عابرة بهذه المناسبة، ولا يخامرني أدنى شك بأنّ سمو رئيس نادي الهلال الأمير نواف بن سعد، ومعه الجهازان الفني والإداري، قد أعدّوا العدة لكل مراحل البطولة منذ بدايتها وحتى الوصول للنهائي، لكن لا يمنع ذلك التحدث عن التحديات التي قد تحيط بلاعبي الفريق من وجهة نظري المتواضعة، ويمكنني تلخيصها عبر النقاط الآتية: أولاً يجب أن أشيد بطلب المدير الفني دياز إقامة معسكر إعدادي للنهائي في أبوظبي، فقد أحسن صنعاً بذلك لأنّ الفريق أحوج ما يكون خلال الفترة القادمة إلى الابتعاد كلياً عن الأجواء المشحونة هنا في المملكة، والتفرغ للإعداد والتحضير في أجواء هادئة نسبياً، وعندما أقول نسبياً فلأنني أعلم بأنّ شعبية الهلال الجارفة في جميع دول الخليج بلا استثناء، تجعل من مسألة الحصول على أجواء هادئة 100% أمراً مستبعداً، والكل شاهد الألوف المؤلفة التي احتشدت في أبوظبي ومسقط أثناء مباريات الهلال في البطولة الآسيوية، لكن بلا شك أن أبوظبي مقر المعسكر ستكون أقل صخباً جماهيرياً فيما لو بقي الفريق في الرياض حتى مباراة الذهاب. أعتقد بأنه من المفيد منع جميع اللقاءات الإعلامية مع اللاعبين بداية من معسكر أبوظبي واقتصار ظهور اللاعبين على المؤتمر الذي سيسبق مباراتي الذهاب والإياب، كما أنه من الضروري التأكيد على جميع اللاعبين بتخفيف نشاطهم في وسائل التواصل الاجتماعي، والتعامل بصرامة وجدية أكبر خلال فترة الإعداد للنهائي، وحظر الظهور عبر تلك التطبيقات والحديث عن النهائي وإطلاق الوعود إثر الوعود، خصوصاً من بعض اللاعبين الذين لم يشاركوا ولن يشاركوا فعلياً في المباريات، لأنّ المردود السلبي لهذه التصرفات باهظ الثمن، ومن شأنه تشتيت انتباه اللاعبين وتركيزهم، ولا شك أنّ الحفاظ على التركيز والانسجام هو أولوية قصوى مقدمة على رضا متابعي حساب هذا اللاعب أو ذاك، فالتحدي يجب أن يكون داخل الملعب فقط وليس في وسائل التواصل الاجتماعي ؛ كما أدعو من هذا المنبر أصحاب جميع الحسابات الجماهيرية الهلالية في تويتر، بأن يضعوا نصب أعينهم مصلحة الفريق أولاً وأخيراً خصوصاً خلال هذا الفترة، فلا ينبغي الإفراط أو التفريط حيال الحديث عن المباراة النهائية، فالتوازن في الطرح هو المطلوب وهو الظن بهم. الجميع يعلم بأنه لا يوجد لاعب هلالي موجود في القائمة الحالية سبق له تحقيق بطولة كأس آسيا، سوى النجم الموهوب محمد الشلهوب الذي يحتوي رصيده المُترع بثلاثين بطولة على ثلاث بطولات آسيوية، هي: كأس آسيا للأندية أبطال الدوري عام 2000م وكأس السوبر الآسيوي أيضا عام 2000م وكأس الكؤوس الآسيوية عام 2002م، وهي نصف بطولات الهلال على الصعيد الآسيوي، لذلك هي فرصة سانحة لجميع اللاعبين لكي يضيفوا بطولة آسيوية إلى رصيدهم تكون الأولى لهم والرابعة لزميلهم الشلهوب والسابعة للنادي والرابعة عشرة لوطننا الغالي. وفي الختام أدعو الله العلي القدير أن يكلل جهود الجميع بالتوفيق والسداد، وأن يفرح وطننا الغالي بصفة عامة والمدرج الهلالي الكبير بصفة خاصة بهذه البطولة، ولا يفوتني أن أحيي معالي المستشار في الديوان الملكي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة الأستاذ تركي بن عبد المحسن آل الشيخ، على ما قدمه من تسهيلات لممثل الوطن سواء بالمكافآت المالية الضخمة المرصودة في حال تحقيق الكأس، أو التكفل بطائرة خاصة تنقل الفريق لليابان لخوض مباراة الإياب والعودة بمشيئة الله بالكأس، وعلى دروب آسيا التي تعرفنا ونعرفها دوماً نلتقي. ** **