فاصلة: ((صناعة الصحافة تشهد تغييرات يقودها القراء إذ أنهم يظهرون لنا أن المستقبل الكتروني)) -ليبيدوف مالك صحيفة الاندبندنت- لماذا فشل الإعلام الأمريكي في الإطاحة بترامب؟ ولماذا فشل الإعلام البريطاني في إقناع الناخب بأهمية الاستمرار في الاتحاد الأوروبي؟ الأسئلة كثيرة حول تراجع سلطة الإعلام بوسائله المختلفة في كسب ثقة الجمهور والأسباب عدة منها: عدم التمتع بالحرية واحتكار المؤسسات الإعلامية أو ضعف المحتوى عن تلبية رغبات الجمهور وهو ما يعنيني في هذه الزاوية. في الأزمات التي تمر بها المجتمعات يملك الإعلام الرسمي المصادر والمعلومات الصحيحة وهذه ميزة يمكن أن ينافس بها الإعلام الرسمي القنوات المختلفة خاصة في عصرنا المعلوماتي المزدحم بوسائل التواصل الاجتماعي التي نشطت إلى الحد الذي بدأت تشوش على الحملات الإعلامية التي تنظمها الدول في مواجهة الأزمات. في أي أزمة أمنية يتحرك الدور الإعلامي في اتجاهين: الأول هو الدور الإخباري الذي يضمن نقل المعلومات الكاملة والصحيحة للجمهور بما يحجّم الأزمة ويكسب ثقة الجمهور في استقبال المعلومات، والاتجاه الثاني هو الدور المعرفي حيث يتم تشكيل توجهات الفرد تجاه الأزمة وسلوكه حيالها فللأزمة جانب نفسي على المختصين في الإعلام عدم تجاهله. لدينا مستوى عال من التطور الإعلامي التقني لكن نحتاج إلى الاهتمام أكثر بالمحتوى حتى لا يبحث الجمهور إن لم يجد مايشبع تعطشه من المعلومات أو التحليلات العميقة إلى قنوات الإعلام الجديد والتي ما زال معظمها دون المعايير المهنية . صناعة المحتوى في الأزمات مختلف في أهمية كسب ثقة الجمهور ، ومن المؤسف أن صناع المحتوى يتجاهلون أن التكنولوجيا رغم جمودها استطاعت أن تتسق مع الهم الإنساني وهو ما توصل إليه الباحثان «تشومسكي» و»كاسيلي» في محاولة فهمهما للتواصل عبر العالم الافتراضي، إذ لم يعد الجمهور يبحث عن الأخبار إلا للتعاطف الإنساني وهو ما نلاحظه من تعاطف الجمهور مع الاخبار الإنسانية التي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعية وهو ما يطلق عليه الإطار الإنساني الذي يؤطر الأخبار بمشاعر عاطفية تجذب القارئ إلى الأخبار. الذي إلى الآن لم يدركه صناع القرار في مؤسساتنا الإعلامية أن المحتوى لا يتوقف عند صناعته بل أيضا تسويقه،وهي حكاية أخرى ربما تفتح آفاق لإنقاذ الصحافة الورقية من الموت والانتقال المريح إلى الفضاء الإلكتروني ليس عبر مواقع إلكترونية إنما وفق صحافة إلكترونية.