أيتها الراحلة التي تركت دنيا أحبابها قاحلةً أعني ( أُم ) مَن تجمعني به قرابة وصداقة ورابط في الله ودينه هي أقوى العرى.. ذاكم الغالي (محمد بن عبد المحسن التويجري) فقد حقّ لي كما (حقّ علي) أن أُشاطره الجراح، ويك كأني دعيت لذاك المشهد ( فما تقهقرت) ويشفع لي بيت قائم الدلالة: وإِنّي .. وإِن كان الدَفينُ حَبيبَهُ حبيبٌ إِلى قلبي حبيبُ حَبيبي فهي أُمّه .. نعم، ولكنها من فرائد ذاك الجبلّ اللاتي راعين جيلنا الحاضر، من بينهم الحبيب «أبو ياسر» والذي أعلم كم تجرّع عليها لكن المولى تعالى مدّه بالجَلَد وإلا (ما له من قوّة ولا ناصر) بعد ربه عدى التسلح بإيمانه الذي طرّا مدّه بعدّة الصبر كذا أملي عن أقل حقوق الصحبة.. فكيف إذا ساقنا المشهد بالحديث عن الفقيدة وما أخلفت من بعدها / بنين شهوداً .. على حسن التربية وباسق أدب وذرب للحياة مع أمثالهم تمضي بكل سلاسة .. كما وكيف يكون الحديث إن دار رحاه عن الأم التي .. أُوجز تعبيراً عنها أنها « أول من تضحي لك ، وآخر من تطلب منك» و قيل (أُمك ... والبقية ستعوضك عنهم الأيام) وكذلك ( أمّ من حرفين.. ألف وميم/ تحتوي كل شيء، وتختزل كل شيء، ويهون دونها كل شيء،ويهوي أمامها كل شيء..) والنص نبوي فوق كل الشواهد/ عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يَجزي ولدٌ والدًا، إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه)) رواه مسلم .. .. فلله أثر الفقد احتساباً ولِله عظم المصاب، وما ناب قلوباً فراغ ما ترك البين لا يسدّ أثره إلا الاحتساب على الله، من أن لها وأمثالها حسن المآب بما وُعد الصالحون عساه يكون تهويننا على من أخلفت خلفها .. والعزاء الحقيقي عن وقع الألم الذي إن بلغت درجة أن تواطنه فما بلغت دركة البوح به؟ ما جاء في صحيح البخاري أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله عزّ وجلّ: ما لعبدي المؤمن عندي من جزاء إذا قبضت صفيّه وخليله من أهل الدنيا ثم احتسبه إلاّ الجنة) طيب التفت يمنة ويسرة وانظر هل من صفي لك بالدنيا كالأم؟! والشاهد أن النص اشترط الاحتساب على الله -عندها- لينال أجر صبره، و... ولن أكمل بهذا المنحى فحبيبنا (أبو ياسر) ممن أتعلّم منه مثل هذه الوصايا برغم تعذيري له سلفاً، لأن فقد الأم يأتي على بنيان الجلد من قواعده/ وبكيت كالطفل الصغير .. أنا الذي ما لان في صعب الحوادث مقودي ولا غرو أقولها بحق من رفع السموات بغير عماد أنه بهذا / وتاد.. الفقيدة (مزنة بنت صالح العريني) -رحمها الله- كانت ك سحابة خير وما أقشعت من سماء أحبابها وذويها.. إلا بعد أن أمطرت فأروت كل قلوب من حولها السهل والجبلا بل طال ذلك أقاصي من أحباب تذاكروا (حمداً) لها وثناءً على نقع بلغ رياض قلوبهم، بخاصة من خالطتها عن كثب إلا وأغدقت عليها من عذب ما حمل حظ آحادهم (وكلٌ نال نصيبه غير منقوص) حين ورد ماءها، فلا تجد صدراً خالي الوفاض من ذلك، بل وحين غابت لم يضمحل عن أفقهم أخيلة ذاكا، كيف لا وهي من رعتهم حق رعايتها، فنابهم منها وافر ما أملته ولم تكلّ أو تملّ! فما كفل من في أفيائها مستظلاً وفي مرابعها راتع؟ وذلك أدنى إجلاء لاستيقان الشهادة من يلزمه قول حق في عنقه لأولئك ف... يبدي الشهادة - بهذا - ويدلي بها على كامل وجهها .. هنا لا تفتر عما مكّن لها مقاماً .. وأعني الإخلاص بالعمل الذي آثر كثيراً منهم أن لا تعلم يده ما قدمته الأخرى (كما في حديث السبعة) الذين هم بظل ربهم... يوم يقوم به الأشهاد لرب العباد .. كما وكيف تتماهى من بلغتها معرفة بها وعن كثبٍ وقد عمّرت الراحلة زهاء المئة عام.. هنا أزيد ب/ أبشرك «أم فهد» بحديث (خيركم من طال عمره وحسن عمله). .. بالمناسبة أذكر لشيخنا ابن عثيمين كلمة عالقة بذهن أحبابه وطلابه بخاصة انه إذا دعي له بطول العمر أعقب مشترطاً / على عمل صالح .. ومنبئاً أنه ما يغني عمر بلا عمل؟!، بل هو أثقال مع أحمال لا تطاق التبعة ، وكذا ترهق صعوداً! فكيف وهي مما تزيد المرء الضعيف أن يخلد بهمته وما حوت الأرض من مشاهٍ تشبثاً، ولسان منطقه لو نطق (أهلكت مالاً لبدا..) ** **