منحت الدولة، في مرات متعاقبة، المهلة تلو المهلة لمخالفي نظام الإقامة ونظام العمل، من أجل تصحيح أوضاعهم أو مغادرة البلد من تلقاء أنفسهم، وفي كل مرة توشك المهلة الجديدة على الانتهاء تتعالى بعض الأصوات للمطالبة بتمديد المهلة مرة أخرى. ومع التأكيد على أنّ بعض من طالبوا ويطالبون بتمديد المهلة الأخيرة التي بدأت في مطلع شهر شوال من هذا العام 1438 ولمدة ثلاثين يوماً، ينظرون إلى الموضوع من زوايا قد تبدو منطقية من وجهة نظرهم، إلا أن المصلحة العليا للبلد أهم من أي اعتبارات أخرى. البعض يقول إن الكثير من المخالفين هم ضحايا مَنْ استقدمهم وأهملهم، بل وأحياناً هم ضحايا بعض «الكفلاء» الاستغلاليين الذين يطلبون من مكفوليهم مبالغ كبيرة كي يقوموا بتجديد أوراقهم وفق الأنظمة. أما سفارات الدول التي ينتمي إليها بعض هؤلاء المخالفين، فقد دأبت على المطالبة بتمديد أي مهلة تمنحها الدولة للمخالفين، وهي ستفعل ذلك مجدداً حتى لو تم تمديد المهلة الحالية ألف مرة! حقيقة الأمر أن هناك من يستفيد من استمرار الوضع غير النظامي لبعض المخالفين، وهي مصالح ضيقة مهما بدت وجاهتها من المنظور الفردي. فمصلحة البلد تقتضي أن يكون جميع الناس، سواء المواطنين أو المقيمين، في أوضاع نظامية وتحت عين الدولة والمجتمع، ولا يمكن لأي بلد القبول بأن تكون فئة من الناس الذين يعيشون على أرضها بمثابة أشباح في الظلام، يعملون ويتحركون كما يحلو لهم بعيداً عن سلطة أنظمة وقوانين البلد. إن وجود عمالة وافدة مخالفة لأنظمة العمل وأنظمة الإقامة هو أحد الأسباب الرئيسية لاختلال سوق العمل، كما أن وجود مخالفين على هذا النحو يفتح المجال لمخالفات أكبر وأخطر، بما في ذلك ارتكاب جرائم مخلة بأمن وسلامة المجتمع. أخيراً، فإن التمديد وإعطاء مهلة أخرى جديدة لمخالفي حملة «وطن بلا مخالف» سيكون محبطاً لكل من امتثل وصحح أوضاعه، ومكافأة لمن تكاسل أو تعمَّد عدم الاستجابة للحملة. والأهم من ذلك إن التمديد سيعطي انطباعاً بعدم الجدية في تطبيق أي مهلة جديدة، وسوف ترتفع الأصوات التي تطالب بالتمديد مرات أخرى مهما أعطت الدولة من مُهَلٍ جديدة!