ما قام به هؤلاء الإرهابيون من انتهاك حرمة الحرم المكي وهو خير مكان في شهر رمضان وهو خير زمان يعد من أعظم الجرائم والإلحاد في الحرم؛ فقد حرَّم الله في كتابه الإلحاد في الحرم فقال تعالى: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (25) سورة الحج، والإلحاد يعم كل معصية لله - عز وجل - فكيف بهذه الجريمة البشعة وترويع الآمنين ومحاولة إزهاق أرواحهم في حرم الله، وقد بينت الآية أن المتوعد عليه بالعذاب الأليم هو الهمُّ وإن لم يفعل ما أراد، فكيف بمن فعلّ فلا شك أن إثمه أعظم وعذابه أشد، ولذا قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: لو أن رجلاً همَّ فيه بإلحاد وهو بعدن أبْين لأذاقه الله - عز وجل - عذاباً أليماً. ومما يدل حرمة البلد الحرام قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه : (إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، ولم يحرمه الناس، وإن الله جل وعلا لم يحله لي إلا ساعة من نهار، وقد عادت حرمته اليوم كحرمته بالأمس، فليبلغ منكم الشاهد الغائب)، وقال: (إنه لا يحل لأحد أن يسفك فيه دماً، أو يعضد فيه شجرة، ولا ينفر صيده، ولا يختلى خلاه، ولا تلتقط لقطته إلا لمنشد). وقد أكد النبي - عليه الصلاة والسلام - هذا التحريم للإلحاد في الحرم، وبين أن فاعله من أبغض الناس عند الله تعالى؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أبغض الناس إلى الله ثلاثة، ملحد في الحرم ومبتغٍ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليريق دمه» أخرجه البخاري. والتعدي على الناس وإيذاؤهم في الحرم بقول أو فعل من أشد المحرمات المتوعد عليها بالعذاب الأليم، فليحذر المسلم من الهم بالمعاصي والشر في الحرم فضلاً عن فعلها؛ طاعة لله ورسوله وحذراً من عذابه الأليم الذي توعد به من فعل ذلك. نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يرد كيد كل من أراد بلادنا ومقدساتنا بسوء في نحره ويجعل تدبيره تدميرا عليه، وأن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان، وأن يوفق ولاة أمورنا لما فيه صلاح البلاد والعباد إنه سميع الدعاء قريب الإجابة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.