- قيل عن الذات الإنسانية الكثير، وقد عُنيَ بها علماء النفس في اشتغالاتٍ لا تهدأ وتيرتها تحليلاً وسبر أغوار، مع ذلك ظلّت عصيّة على التقعيد والتفنيط وثبات المعايير. - هل هي اعتقاد الشخص المُكوّن عن ذاته أم إيماناته التي قد تصل لدوائر الغرور بأنه (مفيش منّه) وتبعاً لذلك يتوقف بعناد غروره عن مواصلة بناء ذاته وترميم شروخها وتصدعاتها بفعل متغيرات الحياة واختلاف موازين أيّ (لعبة). - تلك الحياة التي تتجدد بطبيعتها وبكل تفاصيلها تدفع بالعقل الواعي للتيقظ التام والجاهزية الحيوية كي يتناغم مع ذلك الثراء المتجدد في كل المجالات إنما السؤال الأهم يبرز هنا «بوضوح» ما هي الأدوات الأكثر متانة التي يمكن استخدامها في بناء وتأسيس الذات؟ - منصات تدفق المعارف والعلوم والمعلومات (على قفا من يشيل) فأيها يمكن الاستناد إليه بموثوقية لا يحتاج معها راغب تأسيس الذات إلى التحقق بالمعيار الثنائي للتأكد والتوثيق (حسب لغة بنوك المال)؟ - هُنا ومن أجل كل هذا ساضطر طائعًا للعودة لتلك الأزمان النقيّة التي لم تتلوث بغثّ (الويب) وزيف (الوسائط المتعددة) إلى سيّد المعرفة ومنبع كل المعارف ومصدر الثقافة إلى (الكتاب) وبالتالي فعل القراءة الذي لا يضاهيه حسب اعتقادي اشتغال على بناء وتأسيس أيّ ذات. - ألم تسحر القراءة ذاك الفتى (الذي كان) إمبرتو أكابال الهندي الأحمر شاعر غواتيمالا المعاصر حينما باح بالقول: إنه تعلّم بأن القراءة فعل خشوع، فحين ينتهي القارئ من قراءة كتاب فإنه لا يعود الشخص الذي كان قبل القراءة. - هذا بجانب اعتقاد الألمان وهم سنام الفلسفة والشعر والموسيقى الباذخة بأن الجسد لا ينمو إلاّ بالطعام والرياضة كما أن العقل لا ينمو بدوره إلاّ بالمطالعة والتفكير. - أعود لتأسيس الذات وأتساءل: هل هناك من ذاتٍ سويّة دون معرفة وبعض علم وشيء من حِكمةٍ؟ وهذه كيف ومن أين تُستقى؟