ساهمت الدراما الأمريكية في التغيير تجاه زواج المثليين بأمريكا، فعلى مر العقود لم يحدث الحراك والنشاط الاجتماعي للمدافعين عن حقوق المثليين هذا التعاطف الكبير والتأييد بين أفراد المجتمع، فقد كشفت دراسة (غالوب) على المجتمع الأمريكي عن ارتفاع تاريخي في نسبة المؤيدين لحقوق المثليين منذ عام 2009 بسبب عدد من العوامل أبرزها مشاهدتهم للمسلسل الشهير Modern Family ، حيث شهد المجتمع الأمريكي في المسلسل الذائع الصيت أول زوجين مثليين يعيشون مع ابنتهم بالتبني. الجديد في الموضوع المعالجة الدرامية المبتكرة في تصوير جوانب أخرى لم يعهدها المشاهدون، فغالبا ما يتم التناول والتركيز على الصورة النمطية السلبية للمثليين، لكن في هذا المسلسل يظهر اهتمام الشخصيات المثلية بالحياة العائلية، من خلال اهتمامهم بتربية طفلتهم، والاعتناء بها. تصوير الجانب العائلي في حياة المثليين، والتفاعل مع الأقرباء والجيران أسهم في تقبل الجمهور وبناء صورة ذهنية إيجابية عن المثليين. ووفقا لاستطلاع أجرته هوليوود 2012 رجح حوالي 27% أن تصوير الشخصيات المثلية في المسلسلات التلفزيونية، جعلهم أكثر تأييدا للزواج بين المثليين، في حين عبر آخرون عن تعاطفهم الحديث تجاه الشخصيات المثلية في المسلسل. و لعل أقرب نظرية في مجال الإعلام والاتصال قادرة على تفسير تغير المجتمع في تبني وتأييد حقوق المثليين في المجتمع الأمريكي نظرية الغرس الثقافي، فالتأثير يؤتي ثماره بعد التعرض التراكمي المكثف للتلفزيون (الدراما) على المدى الطويل ، فالتعرض المنتظم والمكثف للدراما حول قضايا لا تملك الجماهير حولها خبرات شخصية يساهم في زيادة التأثير، وهذا ما حدث فعلا للجمهور الأمريكي بعد ارتفاع نسبة التناول للمثليين وحقوقهم في الدراما التلفزيونية. تتعاظم خطورة الغرس الثقافي حين يتعرض الأطفال أو المراهقين لرسائل مبطنة وأخرى صريحة تتبنى حقوق المثليين في المجتمع، فكما ساهمت الدراما في التأثير على المحافظين والممانعين في المجتمع الأمريكي، هي أقدر على ترسيخ الفكرة الحديثة والتعاطي معها كحقيقة مسلمة، فالمتابع للسينما والتلفزيون يدرك تلك الخطوات الحثيثة في تمرير تلك الحقوق المزعومة، على سبيل المثال فيلم الحسناء والوحش (Beauty and the Beast ) من إنتاج ديزني الذي يعرض لأول مرة أول شخصية مثلية في أفلامه، حيث يتناول الفيلم شخصية مثلية بمزيد من الانفتاح في فيلم للأطفال، وقد صنف الفيلم "+13"، وهو ما يتطلب رقابة الآباء والأمهات على الأطفال دون سن الثالثة عشرة. هذه الخطوة تعرضت للانتقاد من المعارضين لتقديم شخصيات مثلية للأطفال، ففي ولاية ألاباما تم إلغاء عرض الفيلم لاحتوائه على شخصية مثلية، وفي ماليزيا استبعدت ديزني حذف مشاهد المثلية الجنسية، بعدما طلبت ماليزيا إجراء تعديلات على الفيلم لعرضه. الفيلم لم يسلم من الانتقاد حتى من المثليين أنفسهم الذين شنوا حملة على ديزني التي صورت المثلي بصورة سيئة من خلال تقديم شخصية (لوفو)، صديق (غاستون) الذي يمثل الشخصية الشريرة في الفيلم. الاتجاه الجديد الآن التوجه لجمهور الأطفال، ومحاولة الغرس الثقافي لحقوق المثليين عبر شخصيات كرتونية أو حقيقية في التلفزيون والسينما، الخطورة تكمن في تلقي الأطفال ما يعرض عليهم كحقائق في صورة محببة وطريفة لا تقبل النقد والمراجعة، خصوصا إذا كانت المشاهدة بعيدا عن رقابة الوالدين، فالأفلام الآن باتت أقصر الطرق لغرس المثلية في عقول الأطفال دون مقاومة أو تفكير.