ها هي أول ليلة نبتعد فيها للأبد جدتي نورة بنت عبد الرحمن بن حمد السويلم، رحمك الله.. أضع رأسي المتعب على السرير؛ مثقلة بالحزن وآلام الفقد، أرتمي على وسادتي أحاول جاهدة أن أغمض عيني، متجاهلة ما أشعر به أو متناسية واقع فراقك المرير يا حبيبتي وغاليتي وساكنة فؤادي.. لكن في كل مرة تغطي أجفاني مقلتي تأتيني صورتك البهية ووجهك البريء البشوش دوماً.. أتذكر صوتك الشجي وضحكاتك المبهجة التي كانت تنشر الفرح والسعادة في أركان البيت، وابتساماتك الجميلة على ثغرك التي كانت كالبلسم الشافي للجراح، واستغفارك وأذكارك التي كانت لا تفتر عنها شفتاك.. تنهال علي الذكريات من كل صوب وحدب.. لقد كنت وما زلت وستبقين أحن قلب علي، وأطهر يد لمستني، وأدفأ حضن ضمني، وآمن مكان أويت إليه حين كانت تشتد علي كرب الدنيا. حبيبتي أعلم أنك ترقدين وحدك اليوم لأول مرة.. وهذا ما يحز في نفسي ويضيق صدري ويمرر حلقي؛ لأني أعرف كم كنت لا تحبين الوحدة.. لكن يعلم الله أن خافقي ينبض بالدعاء لك، وروحي تتبع طيفك في كل ركن كنت تأوين إليه.. جدتي أجد هذه الليلة موحشة وطويلة جداً.. فكيف لي أن أقضيها وأنا لا يغلبني نعاس نهائياً.. فالنوم جافاني وأعلن رحيله عني إلى حين. جدتي أعلم يقيناً أنك كنت أقوى امرأة عرفتها.. تحملت كثيراً في أيامك الأخيرة، وكان ما مررت به صعبا ومجهدا، لكن إيمانك العميق بالله ورضاؤك بقضائه وقدره ساعداك في محاولاتك للتغلب على آلامك، وها أنت حبيبتي تستريحين من صراع المرض نهائياً.. فيا ربي يا أحب إلي من نفسي وأبي وأمي أدعوك خاشعة: ها هي جدتي قطعة من قلبي بين يديك وتحت رحمتك يا أرحم الراحمين.. اللهم إني أسألك بعظيم سلطانك وعلو شأنك وعظيم جلالك أن تؤنس وحشتها وتثبتها عند السؤال وتفسح لها في قبرها مد نظرها وتجعله عليها روضةً من رياض الجنة، وتجعل ما أصابها تطهيراً لها وتكفيراً عن سيئاتها، ورفعةً في درجاتها.. وتجمعنا بها في جنتك.. جنة الفردوس.. مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. {إنا لله وإنا إليه راجعون}. نورة بنت موسى بن عبدالعزيز الموسى - حفيدتك