فما كان محتاجا لتطييب أكفان!! بالأمس القريب أي منذ شهور رحل أخوه الاستاذ الحبيب عبد اللطيف بن عبد الرحمن زميل الدراسة بدار التوحيد بالطائف عامي 1372/71 - رحمه الله - وفي صباح يوم الجمعة الموافق 1438/4/15ه انتقل إلى رحمة الله الشيخ الكريم محمد بن عبد الرحمن بن إسحاق آل الشيخ، وأديت صلاة الميت عليه بعد صلاة عصر يوم الجمعة 1438/4/15ه بجامع الملك خالد بأم الحمام بالرياض، وتقدم المصلين مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، ثم ووري جثمانه الطاهر بثرى مقبرة الشعيبة بالدرعية، داعين المولى له بالرحمة، وطيب الإقامة في جدثه إلى أن يأذن الله بنهوض جميع الخلائق ليوم الحساب - تغمده المولى بواسع رحمته ومغفرته - وقد توالت الأحزان على أسرة آل الشيخ برحيلهما، وقبلهما بموت زميل الدراسة في دار التوحيد بالطائف الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن آل الشيخ - أبو صلاح - رحم الله الجميع - ، وكأني بالدكتور عبد الملك بن الشيخ عبد الرحمن إذا خلا بنفسه متذكراً رحيل أخويه يرددُ في خاطره هذا البيت: أو كما قال الآخر: ولقد ولد الشيخ محمد - أبو عبد الله - في مدينة الرياض عام 1330ه، وقد عبر الهنيدة بثماني حجج، فلو أدركه أبو حاتم السجستاني لصنفه ضمن المعمرين، عمر مديد قضاه في طاعة الله، وفي أعمال مشرفة تتعلق بخدمة مساجد الله، وأوقاف المسلمين في منطقتي الرياض والشرقية، وقد توفيت والدته - رحمها الله - وعمره سبع سنوات - تقريبا - فاعتنى به والده عناية تامة ليكون عضوا صالحا في خدمة دينه ووطنه، ولتخفيف لوعات حزنه بوفاة والدته وفقد حنانها، وجّهه إلى تعلم القراءة والكتابة، وحفظ كلام الله، وكان يحضر به منذ نعومة أظفاره إلى المجالس ودروس العلماء ليستفيد علما نافعا وحنكة في قابل حياته، فالبيئة الصالحة تكسب الإِنسان عزاً ورفعة، فأدرك مع أبيه القراءة على الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، ويذكر أن والده عبد الرحمن قد عاش وطال عمره حتى جاوز المئة وتوفي بالرياض عام 1407ه، ومن أبرز مشايخه الشيخ حمد بن فارس، وقد قرأ عليه المتون المعروفة، والشيخ سعد بن عتيق، والشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ والشيخ العلامة رئيس القضاة سماحة المفتي العام محمد بن ابراهيم حيث لازمه ربع قرن من الزمن، وقد أثنى عليه مع تحرير شهادة بذلك، فالشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ بمنزلة الجامعة - آنذاك - وقد تخرج على يديه عشرات العلماء والقضاة نفع الله بهم، في تلك الأزمان البعيدة، وقد جمع بين القوة والهيبة وغزارة العلم النافع - تغمده المولى بواسع رحمته ومغفرته - ، وقد تقلب الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن إسحاق في عدد من المناصب المشرفة آخرها وكيلا عاما لوزارة الأوقاف وشؤون المساجد حتى تقاعد حميد السيرة وإخلاص العمل، وقد طبع - رحمه الله - على السماحة ولين الجانب، ولنا معه ومع زميلنا بدار التوحيد أخيه عبد اللطيف أجمل الذكريات حينما نعود من الطائف أيَّام الدراسة نكرر الزيارة بمنزل والدهم الشيخ الفاضل عبد الرحمن بن إسحاق الذي يعد من زملاء والدنا الشيخ العالم الجليل عبدالرحمن بن محمد الخريف لدى المشايخ الكبار الأجلاء أمثال الشيخ حمد بن فارس، والشيخ سعد بن عتيق، والشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، وكان يكثر السؤال عن والدنا مع الثناء عليه، وبحضور بعض أبنائه الكبار الشيخ محمد والأستاذ عبد اللطيف، واستمر التواصل معهم على فترات، حتى فرق بينهم هادم اللذات ومفرق الجماعات - رحمهم الله جميعا - وفي مجال عمل الشيخ محمد، كنت أراجعه مرة بطلب تعيين إماممؤذن لمسجد في حينا الذي سعدت والدتنا - رحمها الله - ببنائه من خالص مالها عام 1390ه، فوجه - رحمه الله - بتعجيل طباعة قرار التعيين لهما، مراعاة لعودتي إلى حريملاء، فهو مشهور بالتواضع والمرونة في أعماله كلها، فباب عمله مفتوحا: وقد عاش محبوبا مكرما، وسمعة معطرة بالثناء طيلة العمر المديد، وكأن قائلاً: مداعبا يذكره بمديد العمر أثناء حياته: وقد قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة منزل الفقيد الشيخ محمد بتقديم واجب العزاء لأسرته وبمواساتهم، فملكنا - يحفظه المولى - لم يفته يوم فيه شرف وأجر دوماً - متعه المولى بكامل الصحة ومديد العمر على أحسن حال - كما قام صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض بزيارة منزل الفقيد ومواساة أسرته - تغمده المولى بواسع رحمته وألهم ذويه وأخوته، وأبناءه، وبناته، وأسرة آل الشيخ عموماً، ومحبيه الصبر والسلوان. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف - حريملاء