الإنسان حينما يفقد عزيزاً من الوالدين أو إخوة وأبناء أو جاراً كريماً وحبيباً، فإنه يَكدُرُ خاطره حزناً ولوعة، فيجمل به تلاوة الآية الكريمة {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} لأن في ذلك سلوة له إذا عَلم أن مصير كل حي ملاقاة ربه مهما طال به الزمن ومُدّ في عمره، وهذه من سنن الله في من انتهت مدة إقامته في الحياة الدنيا، حيث فُجعت أسرة الثميري برحيل عميدها وحبيبها فضيلة الشيخ/ إبراهيم بن عبدالله بن إبراهيم الثميري (أبو محمد)، الذي أفل نجمه وغربت شمسه عن الدنيا، مأسوفاً على رحيله وغيابه عن أسرته ومحبيه، وذلك يوم الاثنين نهاية شهر رجب 30-7-1439ه، وأُديت صلاة الميت عليه بعد صلاة ظهر يوم الثلاثاء 1-8-1439ه، بجامع الملك خالد بالرياض, ووري جثمانه الطاهر بمقبرة الشعيبة بالدرعية.. -تغمده المولى بواسع رحمته-. وكانت ولادته في مدينة المجمعة في أواخر الأربعينات الهجرية بعد ألف وثلاثمائة، ثم درس وتلقى العلم على عدد من المشايخ، فَبدايةً درس القرآن الكريم على يد الشيخ/ أحمد الصانع -رحمه الله- ثم التحق بالدراسة النظامية في مدرسة المجمعة التي تولى التدريس بها.. بعد ذلك تلقى العلم على يد عدد من المشايخ، حيث درس على الشيخ/ عبدالله العنقري قاضي سدير والمجمعة في وقته، كما درس على الشيخ/ عبدالله بن محمد بن حميد الذي قرأ عليه في الفقه والفرائض، كما درس على الشيخ/ محمد بن عبدالمحسن الخيال، والشيخ/ سليمان بن حمدان -رحمهم الله تعالى-.. بعد ذلك عزم على مواصلة الدراسة فسافر هو وعدد من رفاقه إلى الطائف والتحق بدار التوحيد وأمضى فيها ثلاثة سنوات متفوقاً في دراسته بها، وعند افتتاح المعهد العلمي بالرياض عام 1371ه انتقل مكملاً دراسته الثانوية، ومواصلاً بكلية الشريعة حتى نال الشهادة العالية بها بتفوق عام 1376 فهو من الدفعة الأولى لخريجيها، وكان من أبرز أساتذته فيها: الشيخ/ عبدالعزيز بن باز، والشيخ/ محمد الأمين الشنقيطي.. ومن زملائه الذين تخرجوا معه: الشيخ/ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ/ عبدالرحمن بن سحمان، والشيخ/ عبدالله بن عبدالرحمن بن غديان، والشيخ راشد بن خنين، والشيخ زيد بن فياض، والشيخ على الرومي وغيرهم. وبعد تخرجه رغب العمل في التدريس، ولكن الشيخ/ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس القضاة ومفتي المملكة -كان قد أصدر قراراً بتعيينه قاضياً في الرياض-، فتولى قضاء المحكمة المستعجلة بالرياض ثم رئيساً لها، وبقي فيها نحو عشرين عاماً، بعد ذلك انتقل إلى حريملاء ومكث بها حوالي سبعة أعوام، مجاوراً لنا بحي العزيزية يجمعنا به المسجد، مع تبادل الزيارات معه، ومع الأسرتين معاً، كما نسعد بحضور والده الشيخ/ عبدالله إذا وفد إليه من الرياض.. ودخوله منزلنا، وكانت تلك الجلسات جلسات محبة وتآلف بيننا متذكرين أيام الدراسة في دار التوحيد بالطائف في هاتيك الأجواء اللطيفة والمتنزهات الجميلة، وإن كان أبو محمد قد سبقنا إلى الدراسة هناك بعامين أو ثلاثة.. ولكنها أيام لا تنسى، وعندما انتقل من قضاء حريملاء إلى المحكمة الكبرى بالرياض تم تعيينه عضواً في محكمة التمييز التي مكث فيها عدة سنوات، مُختتما ً بها مسيرته في العمل القضائي مُدة تقارب الأربعين عاماً، ولقد أسفنا كثيراً بعد مغادرته حريملاء، فكلما نسرح الطرف نحمنزله نستحضر هذا البيت: متذكرين تلك الأيام والأمسيات الجميلة في تبادل الأحاديث الودية معه: وقول الآخر: ولئن غاب أبو محمد عن نواظرنا وبات تحت طيات الثرى، فإن ذكرياتنا الجميلة معه، ومع أنجاله النجباء الفضلاء باقية في طوايا النفس مدى العمر.. -غفر الله له وأصلح عقبه وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه وأخاه الشيخ/ عبدالعزيز، وشقيقتيه، وأبناءه وبناته وعقيلته أم محمد، وأخوال أبنائه وبناته أسرة التويجري ومحبيه الصبر والسلوان-. ** **