الإنسان يسير في هذه الحياة مشرّقاً ومغرباً، يحدوه طول الأمل؛ ليحقق آماله وطموحاته، ولم يخطر بباله حضور المنية ومفاجأته ليرحل إلى الدار الباقية مفارقاً أسرته وأحبته. والبعض يُبتلى بمرض قبل وفاته ليضاعف في حسناته، ويحط من سيئاته، ويكون سبباً في محاسبة نفسه على مهل، وتزوده من الأعمال الخيرية وزاد التقى. وهذا يذكرنا بحال الأستاذ الفاضل إبراهيم بن عبد الله العباد الذي نشأ في طاعة الله منذ فجر حياته، وقد انتقل إلى رحمة الله يوم الاثنين 13-6-1438ه، وأُديت صلاة الميت عليه بعد صلاة العصر بجامع الملك خالد بأم الحمام، ثم حمل إلى محافظة حريملاء مهوى رأسه، حيث ووري جثمانه الطاهر بمقبرة (صفية)، داعين المولى له بالرحمة، وتنوير مضجعه إلى يوم النشور. وكانت ولادته - رحمه الله - عام 1365ه، ثم بدأ دراسته لدى المقرئ المطوع الشيخ عبدالرحمن بن ناصر، فختم القرآن الكريم على يديه، مع حفظ بعض الأجزاء من سور المفصل، وكان سريع الحفظ، بعد ذلك التحق بالمدرسة الابتدائية حتى حصل على الشهادة بها، ثم واصل دراسته بمعهد المعلمين الابتدائي الذي كنتُ مديراً له عند افتتاحه عام 1379ه مع الإشراف على المدرسة الابتدائية، وبعد نيله شهادة الكفاءة عُيّن مدرساً بالدرعية فترة من الزمن.. ثم انتقل إلى مدرسة الجبيلة مدرساً ومديراً لها، واستمر في أداء عمله بكل جد وإخلاص حتى أنهى الخدمة النظامية حميدة أيامه ولياليه، وكانت خدماته نحو 39 عاماً.. قضاها في حقل التربية والتعليم - تغمده المولى بواسع رحمته - وكان محبوباً لدى زملائه وأبنائه الطلبة؛ لما يتحلى به من حنكة ودماثة خلق ومرونة في أعماله كلها، وله نشاطات كثيرة تذكر وتشكر، منها رئاسته لجنة التنمية الاجتماعية بالجبيلة، والمطالبات بتحقيق توصيل الكهرباء، وافتتاح روضة للأطفال، كذلك طالب بإنشاء مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، وغير ذلك من المشاريع الحيوية التي تساعد في نمو البلد وتطويرها للحد من الهجرة إلى المدن.. ومن محاسنه حينما وصل إلى الجبيلة المجاورة للعيينة، واستقر بها، فوجئ بقبور بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - مهملة وقد اندثرت، وجرفت السيول أجزاء منها.. فبادر الجهات المختصة بالحفاظ عليها وصيانتها؛ فتحقق له ذلك - رحمه الله - فهو رجل فاضل، وقد اتصف بالسخاء، وقضاء حوائج الناس، والسعي في الإصلاح بينهم.. ولقد اهتم بتربية أبنائه وبناته تربية صالحة؛ فمنهم ابنه الدكتور الشيخ الفاضل محمد الذي تولى القضاء عشرين عاماً، عشرة في مدينة العلا، وأربع سنوات في المدينةالمنورة، والآن في مدينة الرياض. وكذلك الابن الأستاذ ناصر يعمل معلمًا وداعية. وكان أبو صالح باراً بوالديه واصلاً رحمه محبوباً لدى جيرانه ومجتمعه. وكان يزورنا في منزلنا بين حين والآخر، وفاء منه وتكريمًا لنا: رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه وإخوته وأبناءه وبناته وعقيلته أم صالح وأسرة آل عباد عموماً الصبر والسلوان. ** ** - عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف