وضعت لجنة الانضباط اتحاد كرة القدم الجديد، أو ما يُعرف ب»اتحاد عزت»، في قفص الاتهام مجددًا، بقرارها الغريب - بشهادة خبراء القانون - إيقاف لاعب الهلال نواف العابد لمباراتين وتغريمه بسبب احتفاله بهدفه الثالث الذي أحرزه من علامة الجزاء في شباك فريق الاتحاد، ويبدو أنه هزّ شباك الاتحاد الجديد للمرة الثالثة على غرار هدفيّ الانتقال للاعبين محمد العويس وعوض خميس. قلتها، وأكررها: اتحاد القدم السابق ولجانه خاصةً التحكيم والانضباط أحد الأسباب الرئيسة للاحتقان والتعصب في الوسط الرياضي، وها هو «اتحاد عزت» للأسف يعيد السيرة ذاتها، السكوت والسلبية بالتسويف في حسم قضيتيّ العويس وخميس، ثم الرضوخ للصحافة بقرار إيقاف ظالم وانتقائي للعابد، جميع ذلك يؤكد أن مشكلة الكرة السعودية إدارية بحتة، وأن الاتحاد ولجانه القضائية «الانتقائية» سبب في اتساع رقعة التعصب الرياضي والاحتقان الجماهيري. يقول المحامي والخبير المختص في القانون الرياضي والنزاعات الرياضية في تونس والفيفا علي عباس: «قرار معاقبة اللاعب العابد غريب ومزاجي ولا أساس له واقعي، كيف اعتبرت اللجنة الرقصة العادية باعتبارها استفزازاً للجمهور؟». ويعلّق المحامي السعودي والمستشار القانوني والمحكم الدولي خالد البابطين «رئيس لجنة الانضباط سابقاً»: عقوبات الانضباط بخصوص مباراة الهلال والاتحاد مبررة سِوى عقوبة نواف العابد لم أَجِد لها تبريرًا». وكتب المحامي الدولي والخبير المختص في القانون الرياضي والمنازعات الرياضية أمام الفيفا ومحكمة التحكيم الرياضي أحمد الركباني عبر مدونة تويتر: «لا أعتقد أن رقصة اللاعب نواف العابد، تستحق أن يتم معاقبة اللاعب من أجلها، فهي رقصة عادية للتعبير عن فرح تحصل في جميع الملاعب». في حين، يتساءل السعودي فهد القحيز «عضو لجنة الانضباط السابق» عن أسباب إيقاف العابد، فلا يجد إجابة، وذلك بحسب حديثه الإذاعي!. مما تقدم، نشهد إجماعاً من عديد القانونيين، والخبراء المختصين في القانون الرياضي، والمنازعات الرياضية على عدم صحة قرار لجنة الانضباط إيقاف العابد. اللافت أن تفاصيل قرار اللجنة مارس كاتبه تضليلاً عجيباً للمتلقي، وهو يدعي أن لاعب الهلال استفز جمهور الاتحاد بينما أحداث المباراة والشوط الثاني على وجه الخصوص تؤكد في دقائقها أن لاعبي اتحاد جدة وجمهوره دخلوا المباراة وهم واقعون تحت ضغط وشحن كبيرين نتج عنه تصرفات استفزازية من اللاعبين بدليل الكم الكبير من «الانبراشات» المتعمدة من غير لاعب، والاشتباك اللفظي وبالأيادي، ومن الجماهير بدليل أعداد الفوارغ والأحذية - أعزكم الله - التي رمى بها الجمهور من ثلاث جهات في المدرجات على الأقل صوب لاعبي الهلال مع كل هدف. والتضليل الآخر، ما ورد في تفاصيل القرار: «قيام لاعب فريق نادي الهلال/ نواف شاكر العابد عند الدقيقة (95) الخامسة والتسعين من المباراة بعد تسجيله الهدف الثالث لفريقه عن طريق ركلة جزاء، بالتوجه نحو رابطة جماهير فريق نادي الاتحاد والاحتفال بتسجيل الهدف أمامهم بطريقة استفزازية مما نتج عنه إثارة الجماهير، وتسبب في قيامها برمي علب المياه داخل الملعب» .. وهنا نتساءل: هل موقع رابطة الاتحاد خلف المرمى الاتحادي؟، العابد احتفل بهدفه داخل منطقة الجزاء فكيف يدعي مسؤولو لجنة الانضباط أنه توجه نحو الرابطة؟، ثم هل بدأ رمي علب المياه بعد احتفالية العابد أم قبل احتساب الجزائية، وقبل تنفيذها، وبعد تنفيذها وهذا ما شاهدناه في الواقع من خلال النقل التلفزيوني، فهل نكذب أعيننا ونصدق من يمارس قلباً للحقائق وتضليلاً للوقائع؟ ولنفرض جدلاً.. أن موقع رابطة الاتحاد خلف المرمى كما ورد في تفاصيل القرار فإننا نتساءل: لماذا لم تتم معاقبة لاعب الهلال إدواردو وهو من احتفل بعد هدفه في المكان نفسه؟!. بينما يتساءل المتلقي عن أسباب سكوت اللجنة بقراراتها الانتقائية عن اعتداء فلاتة على إدواردو، وانبراشات الأنصاري، والمزيعل، وتصرفات عكايشي على مدار شوطي المباراة؟ في الواقع، أننا نرفع حاجبي الدهشة ونحن نسمع، أو نقرأ هكذا تبريرات لقرارات انضباطية تصدر ظلماً للاعب فريق بعينه، لتمارس تضليلاً للمتلقي، وكيلاً بمكيلين حينما تسكت عن احتفاليات مماثلة للاعبي فرق أخرى وتهرول لمعاقبة فريق ولاعب محددين للإضرار بهما، ولا يدرك من أصدرها أنه وأد من حيث لا يدري ، أو يدري، العدالة، وشوه جمالية التنافس بأهوائه، وانسياقه خلف ضوضاء الصحافة والبرامج الصفراء المثيرة للتعصب والاحتقان ليصبح شريكاً معهم في زرع بذور التعصب، وغرس الكراهية في مدرج الرياضة السعودية. أخيرًا حتى اللحظة هو في رأي العقلاء، وليس الأبواق والمطبلين، مجرد «رتويت» لمن سبقه، ما لم ينتصر لنفسه بإدارة ذات طابع مستقل، وقرارات شجاعة.