مرة أخرى عاد وزير الخارجية عادل الجبير ليضع النقاط على الحروف ويختصر بكلمات دقيقة ومحددة ما على إيران أن تفعل تجاه المنطقة والعالم، كان حديث الجبير في مؤتمر الأمن التي تستضيفه ميونيخ الألمانية جديرًا بأن يتصدر كل نشرات الأخبار الدولية، وأن يكون حديث البرامج السياسية المسائية، فالوضوح من ناحية تحديد أن إيران ومنذ ثورتها في 1979م وهي لا تُشكل دولة، بل هي ثورة تسعى لتصدير أفكارها السياسية والمذهبية إلى خارج جغرافيتها السياسية مما أدى إلى كل هذه الأزمات السياسية التي يشهدها الشرق الأوسط. بدأ النظام الإيراني بإحراق السفارة الأمريكية في طهران مع بداية الوصول إلى السلطة، وأعاد تكرار ذات الخرق الدبلوماسي في العام الماضي بالاعتداء على سفارة خادم الحرمين الشريفين في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد، لم يتغير النظام الإيراني وبقي السلوك الثوري محركًا للنظام الذي ارتبط مع الإرهاب بشكل متلازم واستطاع تسخير إمكانات الثورة الخمينية لبناء المليشيات الطائفية ك حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق والحوثيين في لبنان. إشارة الاستاذ عادل الجبير إلى أن إيران هي الدولة الوحيدة التي لم تتعرض لهجمات من التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «القاعدة» و»داعش» هي الإشارة التي يجب أن تُبرز إعلاميًا ويجب أن تخترق كل الدوائر السياسية والدبلوماسية الدولية، ففي حين وصلت هذه التنظيمات الإرهابية إلى مُدن أوروبا، واستطاعت اختراق كل الحواجز الأمنية وضربت في لندن وباريس وبرلين وروما وإسطنبول فضلاً عن العالم العربي الذي أُغرق في بِرك من الدماء من جراء الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت كُل أرض حتى بَلغت استهداف المسجد النبوي الشريف وفي شهر رمضان المبارك. من المهم ربط ما يحدث في العالم العربي من فوضى عارمة وحتى الأذى الإرهاب الذي يضرب العالم مع النظام الإيراني، يقول الإيرانيين إن وجودهم في العراقوسورياولبنان واليمن هو لمكافحة الإرهاب بينما أنهم متورطون في مئات الآلاف من جرائم القتل الطائفية، التي ما زالت تتواصل في مناطق الصراع ويكفي ما كشفته منظمة العفو الدولية عن سجن صيدنايا في سوريا الذي أكَّدت فيه المنظمة الدولية أن عددًا من القتلى حُكِمَ عليهم بالموت بسبب انتمائهم للطائفة السُنّية. إيران هي جزء لا يتجزأ من مشكلة الشرق الأوسط ولا يُمكن أن تكون جُزءًا من الحل، لقد أثبتت الإجراءات العِقابية تجاه النظام الإيراني جدواها وأهمية إعادة العقوبات خاصة بعد تجاربها للصواريخ البالستية وتحديها للنظام العالمي عبر المناورات العسكرية في الخليج العربي، الحد من النفوذ الإيراني ليس بالاستجابة إلى دعوات الحوار مع النظام الإيراني الذي يريد استهلاكًا للوقت من خلال الحوار المزعوم، بينما المطلوب هو ضغط دولي عبر تضييق الخناق على هذا النظام الذي استفاد من 150 مليار دولار بعد أن أبرم الاتفاق النووي مع المجموعة الدولية، وذهبت هذه الأموال لتمويل الحروب في المنطقة ولم تُعط تلك المليارات مؤشرات تغيير إيجابي على الشعب الإيراني الذي مازال يعيش الفقر والظلم. مساعي إيران تغيير الأنظمة في الشرق الأوسط ليست جديدة فلقد عانت منها كل الأنظمة السياسية العربية من دون استثناء، وما يجري في اليمن هو جزء من تلك المساعي الإيرانية في التدخل السافر في شؤون الدول العربية، وما دفعه اليمنيون نتيجة التدخل الإيراني ودعم مليشيات الحوثي يصعب معالجته على مدى عقود قادمة في ظل تردي وضع اليمن الاقتصادي قبل الانقلاب فكيف بما حصل من عبث في المؤسسات والهيئات وحتى في الشرخ الاجتماعي الذي أصاب اليمن من جراء التدخل الإيراني، لذلك من الواجب على الإعلام العربي أن يحمل رسالة عادل الجبير بمضامينها ويخضعها لرسالة موجهة للجم إيران إعلاميًا وسياسيًا.