نختتم اليوم ترجمتنا لهذه الدراسة النوعية الفريدة للدكتور يارون أيالون، استاذ مساعد في التاريخ، جامعة بول ستيت، مدينة منسي، ولاية إنديانا، الولاياتالمتحدةالأمريكية. وهو مؤلف كتاب «الكوارث الطبيعية في الإمبراطورية العثمانية: الطاعون والمجاعة ومصائب أخرى»، قسم النشر بجامعة ولاية إنديانا، عام 2014، 240 صفحة. ونشرت الورقة في ديسمبر 2009: طه حسين: العلماء والمحافظون أعاقوا تقدم المجتمع المصري ويمكن للمرء أن يدرك أن طه حسين كان مصرًا تمامًا على أفكاره طوال العشرينيات والثلاثينيات وما بعدهما. (83) أي أن أزمة عام 1926 لم تجعله يغير آراءه. بل بالعكس، بدا أنها عززت اعتقاده أن تأثير العلماء والمحافظين الآخرين على المجتمع المصري أعاق تقدم البلد. ولذلك يمكن رؤية كتاب «في الأدب الجاهلي» كجزء من حوار حسين مع هؤلاء المحافظين، الذي استمر في الثلاثينيات. استراتيجية ماهرة لطه حسين لمخاطبة جمهورين: العامة والنخبة كما أن كتاب «في الأدب الجاهلي» كان مثالاً نموذجيًا لاستراتيجيته الماهرة لمخاطبة جماهير مختلفة؛ فلعامة الناس، قدم حسين «في الأدب الجاهلي» كنسخة ملطفة من الكتاب الأصلي بعدما حذف الجزء الذي يطعن في الدين صراحة. ولكن بالنسبة إلى النخبة، كان «في الأدب الجاهلي» بمنزلة تأكيد على استمرارية رسالته ومهاجمة معارضيه. وفي السياق الأوسع ل «أزمة التوجه» التي كان المثقفون المصريون يمرون بها، بدا أن كتاب «في الأدب الجاهلي» يعكس رغبات عديد من المؤلفين المصريين في مخاطبة جمهور أكبر من خلال التركيز على القضايا الإسلامية من ناحية، والحفاظ على وجهات نظرهم الليبرالية من ناحية أخرى. ولكن الأمر يتطلب دراسة مطولة ومستقلة لتحديد ما إذا كان هذا التغيير يعكس: (أ) أزمة حقيقية أثرت على جميع المثقفين المصريين، (84) أو (ب) أزمة تتعلق فقط ببعضهم وليس من ضمنهم طه حسين نفسه، (85) أو (ج) مجرد نتيجة لتكيف الكتاب مع «تغير» أنماط القراءة الشعبية. (86) هوامش المؤلف: (1) أنا ممتن للبروفيسور إسرائيل غريشوني من جامعة تل أبيب لقراءته البروفات السابقة لهذه الورقة وتزويدي بملاحظات مفيدة وعميقة أسهمت في ظهور الورقة بشكلها الحالي. (2) علي عبد الرازق، «الإسلام وأصول الحكم: بحث في الخلافة والحكومة في الإسلام»، بيروت: دار مكتبة الحياة، 1966، ص 201. (3) إسرائيل غريشوني وجيمس جانكوفسكي، «مصر والإسلام والعرب: البحث عن الهوية المصرية 1900-1930»، نيويورك، قسم النشر بجامعة أكسفورد، 1986، ص ص 60-63 (4) نداف صفران، «مصر تبحث عن مجتمع سياسي»، كامبردج، قسم النشر بجامعة هارفارد، 1961، ص 130. (5) انظر مجلة «المنار»، الرقم 26، عام 1925، ص ص 100 -104، 212 -217، 230 لمناقشة قضية عبد الرازق، ولمناقشة قضية طه حسين؛ انظر أيضًا مجلة «المنار» رقم 27، عام 1926، ص ص 128 -132؛ وانظر أيضًا مجلة «المنار»، الرقم 28، عام 1927، ص ص 368 -380. وعن توزيع المنار، انظر عامي أيالون، «تاريخ الصحافة في الشرق الأوسط العربي»، نيويورك، قسم النشر بجامعة أكسفورد، عام 1995، ص 54. (6) عمانوئيل كوبلويتز، «طه حسين ونهضة مصر: مختارات من كتاباته»، القدس، موساد بياليك للنشر، عام 2001، بالعبرية، ص 19 -37. ألبرت حوراني، «الفكر العربي في العصر الليبرالي 1798 -1939»، لندن، قسم النشر بجامعة أكسفورد، عام 1970، ص ص 324 -327. (7) جيه بروغمان، «مقدمة لتاريخ الأدب العربي الحديث في مصر»، ليدن، بريل للنشر، عام 1984، ص 375. العام الذي ظهر فيه «حديث الأربعاء» غير معروف. نشرت أولا كتيبات ومن ثم يبدو أنه بحلول عام 1925 ظهر المجلد الأول بالفعل. وتتكون المجموعة الكاملة من ثلاثة مجلدات تمتد حتى الثلاثينيات. انظر أيضًا، طه حسين، «حديث الأربعاء»، القاهرة، دار المعارف، 1964، 3 مجلدات. (8) طه حسين، «قادة الفكر»، القاهرة، دار المعارف، عام 1925، ص ص 11 -15. (9) تشارلز دي سميث، «الإسلام والبحث عن نظام اجتماعي في مصر الحديثة: سيرة ذاتية لمحمد حسين هيكل»، ألباني، قسم النشر بجامعة ولاية نيويورك، عام 1983، ص 93. (10) الباحثون العرب الذين درسوا أعمال طه حسين وأزمته الشخصية لم يكرسوا سوى سطور قليلة لكتاب «في الأدب الجاهلي»، وبعضهم تجاهل الكتاب الثاني تمامًا. انظر على سبيل المثال: خيري شلبي، «محاكمة طه حسين»، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، عام 1972؛ انظر أيضًا: جمال الدين الألوسي، «طه حسين بين أنصاره وخصومه»، بغداد، مطبعة الإرشاد، عام 1973؛ انظر أيضًا: سامح كُرَيِّمْ، «طه حسين في معاركه الأدبية»، القاهرة، الهيئة المصرية، عام 1974؛ انظر أيضًا: أنور الجندي، «طه حسين: حياته وفكره في ميزان الإسلام»، القاهرة، دار الاعتصام، عام 1976؛ انظر أيضًا: جابر رزق، «طه حسين: الجريمة والإدانة»، القاهرة: دار الاعتصام، عام 1985؛ انظر أيضًا: إبراهيم عوض، «معركة الشعر الجاهلي»، مطبعة الفجر الجديد، عام 1987؛ انظر أيضًا: أبو بكر عبد الرازق، «وثائق قضية طه حسين»، بيروت، المكتبة العصرية، 1991. (11) هاملتون غب، «دراسات في حضارة الإسلام»، بوسطن، بيكون للنشر، عام 1962، ص 278. نشرت في الأصل باسم «دراسات في الأدب العربي المعاصر: ثالثًا الحداثيون المصريون»، في: نشرة كلية الدراسات الشرقية عام 1929، الرقم 5، البند رقم 3، ص ص 445 -466. ... ... ... ملاحظة: نعتذر عن نشر جميع الهوامش لضيق المساحة انتهت الدراسة ترجمة وتعليق: د. حمد العيسى - الدار البيضاء [email protected]